البيان الفني

العديد من الأغاني تكون لها قصة في كتابتها وتلحينها وغنائها، وفي عدة أحيان تكون للصدفة دخلا في الموضوع، حيث لا يرتب لها بشكل مسبق، كأن يتولى الشاعر كتابتها ثم تسليمها لملحن ليلحنها ويختار من سيؤديها، من ذلك أغنية عبد الحليم حافظ “سوّاح” التي لحّنها بليغ حمدي وكتب كلماتها الشاعر محمد حمزة الذي يروي قصتها في هذه السطور التي ننقلها بالعامية المصرية، وكان ذلك أول لقاء له مع بليغ وعبد الحليم:

كنت بسجل عطشان يا صبايا مع رشدي
وبعد ما خلص التسجيل وأنا طالع لقيت بليغ حمدي
وكنت أول مرة أقابله شخصيا قولتله ايه رأيك يا أستاذ بليغ؟؟
قاللي رأيي في إيه… بس أنا عن عمّال أطور في الفلكلور وأنتوا بتعملوا اللحن زي ما هو… ودارت بينا مناقشة سريعة صغيرة…
قولتله وجهة نظرك تحترم يا أستاذ بليغ، ومشيت…
ورحت شربتلي تلاتة أربعة شاي زي الصعايدة…
المهم في نفس اليوم لقيت بوّاب العمارة بيندهلي: كلّم الأستاذ بليغ حمدي، عايزك فنزلت أجري اقابله ، عرفت بعدين انه خد العنوان من المجلة اللي كنت بشتغل فيها
اهلا استاذ بليغ ، تفضل
لا أنا ماشي حالا، عموما ما تزعلش وأنا انفعلت شوية وأوعى تكون زعلت مني
لا أبدا حضرتك ملحن كبير ورأيك يحترم.
طيب أنت كاتب إيه جديد؟
فطلعتله مذهب أغنية سواح وكتبه على ورقة علبة السجاير
وقاللي ابقي كلم عبد الحليم عايزك
قولتله عبدالحليم ؟! عبدالحليم مين؟؟
قاللي يا أخي هو فيه عندنا كام عبدالحليم
فهمت طبعا انه هياخد المذهب وح يروح يلحنه عند عبدالحليم
وأنه عبدالحليم هو اللي ح يغنيه كده ع طول واداني العنوان
ومشي وأنا مذهول… رحت على العنوان لقيته فعلا هناك
واستقبلني عبدالحليم: أهلا بشاعرنا الكبير، غنوتك الأخيرة لفايزة أؤمر يا قمر حلوة قوي… استقبال قال يعني كأنه يعرفني و سمعني
وسابوني في الصالون وراحوا يكملوا شغل في المذهب
فجه في بالي قولت لا حد يقول لعبدالحليم ازاي ح تغني لشاعر لسه بيبدأ، وعندك فلان وفلان فقولت اربطهم كمان بكوبليه ولا حاجة وفعلا كتبت ساعتها
يا عيوني إيه جرالك فين انت وبتعمل ايه
يا ظنوني ما تسيبوني مش ناقص أنا حيرة عليه

ودخل عليا عبدالحليم قلبت الورقة، قاللي بتقلبها ليه وريني…
الله… حلوة قوي زي ما هو ولا كلمة ح تتغير فيه
لحد ما اشتغلنا باقي الغنوة و ده كان أول لقائي بيهم