بعد مجموعاته الشعرية “وأظل ابحث عن فرح ” الصادرة سنة 2001 و”هديل الفؤاد” الصادرة سنة 2005 و”القدّاس” الصادرة في 2015 وبعد مجموعته القصصية الأولى للأطفال “دروب النرجس” الصادرة سنة 2023 وعن دار ميارة للنشر والتوزيع لصاحبها الشاعر بلال مسعودي وفي تصميم لوجدي شيكة صدر المؤلف الخامس للأديب والشاعر المربي فؤاد بن الشريف بن احمد حمدي بعنوان “عبق المروج” وهو عبارة عن جزء اخر من مجموعته القصصية السابقة “دروب النرجس” ليواصل هذا الكاتب التوجّه بإبداعاته إلى الناشئة ومن خلال هذه المجموعة القصصية التي تضم بين دفتيها ست قصص وهي على التوالي”خبز أمي” فـ”جبل القطران” ثم “نهر الحليب”فـ” نار المخيم” ثم “ألعب أو اخذ كرتي” فختام السلسة بأقصوصة مع “يكاد زيتها يضيء” حيث يجمع هذه الأقاصيص خيط واصل ذلك أن أبطالها من الأطفال الذين جعلهم المؤلف مبادرين وأصحاب قرار في قريتهم لتنتصر شخصية المربي في الكتاب حيث طغت الرسائل التربوية التي أراد تمريرها لقرائه الصغار وخاصة قيم المواطنة والتعاون والتآزر بين سكان القرية.
كما ورد في قصة “جبل القطران” حين ماتت شاة جارهم او قيمة الطموح وتغيير واقع الحياة في القرية من خلال قصة “خبز امي” حيث ساعد البطل ماجد أمه على تطوير عملها ببيع الخبز وجدّد تفكيرها بتغيير نمط عملها التقليدي كما أورد الكاتب في قصة “العب أو اخذ كرت” التي تعتبر سردا لذكريات طفولته تفاصيل دقيقة لقريته “بلطة” مسقط رأسه دور الأطفال في نقل التربية الايجابية بينهم دون تنمر وتجريح ولقنوا صديقهم درسا لمقاومة الأنانية.
وفي قصة “نهر الحليب” يسرد المؤلّف حكاية أطفال القرية الذين عز عليهم إهدار ما ينتجه أهلهم من حليب فاقترحوا مبادرة لتثمينه فكبر حلمهم واقنعوا الجميع بفكرة بعث مصنع للأجبان فخلق دورة إنتاج جديدة في القرية وموارد رزق وفي نفس الاتجاه يمضي الكاتب ساردا في قصة “يكاد زيتها يضيء” تثمين شجرة الزيتون بالجهة ولكن هذه المرة من خلال مقاربة ثقافية سياحية ببعث مهرجان للزيتونة للتعريف بها.
أما قصة “نار المخيم” فهي قصة عن مغامرة مجموعة من الكشافين خلال مخيم كشفي وما تعرضوا له من مصاعب تجاوزوها بفضل تعاونهم وهنا برز تشبث المربي القائد الكشفي فؤاد حمدي باعتزازه وفخره بالانتماء لمنظمة الكشافة التونسية وعموما فان المجموعة القصصية “عبق المروج” إذ تعتبر إصدارا جديدا فانه سيساهم في إثراء المكتبة التونسية في أدب الطفل والناشئة وهو رحلة عبر تفاصيل وجغرافيا وتاريخ جهة جندوبة باعتبار أن أحداث هذه القصص الـ6 في قرية “بلطة” بين الماضي والمستقبل لتعود بالكبار إلى حكايات وتفاصيل “بلطة” وشخصياتها والى ذكريات طفولتهم بكل تفاصيل القرية، كما أن أبطالها من الأطفال الحالمين والذين يتوجّهون بأحلامهم إلى قرّائها من الأطفال واليافعين تقريبا من مستوى 8 الى 13 سنة وعبر مولود أدبي جديد يعدّ إضافةٌ مُتفرّدةٌ شكلاً ومضموناً في مجال الكتابة الموجهة للناشئة وضمن تحفةٌ إبداعيةٌ تنضاف إلى رصيد إبداعات الكاتب والمربي الفنان فؤاد حمدي والذي يدعونا من خلال هذه المجموعة القصصية التي تعدّ جزءا ثانيا من مجموعته القصصية الأولى” دروب النرجس” ويدغدغ فينا ذاكرتنا حتى نسعى إلى اكتشاف أغوار عمل يخلق لذّة لدى قارئه من خلال تفاصيل المكان والأحداث الدقيقة التاريخية والذاكرة الجماعية لموطن ولادة الكاتب وترعرعه بين أهله وذويه في وصل زمني ومكاني دقيق لأحداث متنوعة وعبر مشاهد طبيعية جميلة بين الجبال الراسية والعيون الساحرة وريفنا الجميل بين الزيتون والشيح والزعتر والحلم بغد أفضل لناشئتنا.