شرعت مختلف الوزارات في القيام بإجراءات التدقيق الشامل في الإنتدابات التي تمت في هياكلها منذ سنة 2011 تحت مختلف العناوين، ولا شك أن وزارة الداخلية ستكون أهم الوزارات التي يجب على مصالحها الانتباه جيدا عند التدقيق في ملفات المنتدبين بعد 2011 خصوصا في الهياكل المحلية التي تتولى مهمة الإشراف عليها وهي أساسا البلديات التي عمل فيها “القعباجي” كيفما عنّ له وأراد، حيث تبلغنا منذ سنوات حالات الفوضى والانحراف بالقانون وتجاوز أبسط أبجديات قواعد وإجراءات الانتداب في الوظيفة العمومية باعتماد طرق ملتوية لكنها مكشوفة غير أن يد الرقابة لم تطالهم بعد ونأمل أن تكون مصالح وزارة الداخلية يقظة ومنتبهة لهذا الأمر هذه المرة وتدقق في الملفات جيدا.

ولا شك أن التدقيق في الملفات شكليا لن يكون ذي موضوع ولن يحقق الهدف من الغاية التي من أجلها دعا رئيس الجمهورية إلى البحث والتثبت في قانونية الانتدابات التي تمت منذ 2011 إلى 2021، باعتبار أن جل الانتدابات شكليا احترمت الاجراءات لكن البحث حسب اعتقادنا يجب أن يكون أشمل من ذلك وأعمق، ففي إحدى البلديات التابعة لولاية بنزرت جرت عملية تغيير صيغة انتداب أعوان متعاقدين الى أعوان وقتيين على خلاف ما تنص عليه التراتيب الجاري بها العمل وكنا في البيان تعرضنا إلى الموضوع في إبانه وكشفنا مخالفة البلدية للقانون في تلك المناظرة لكن البلدية أصرت على موقفها بل بلغنا أنها أرادت مقاضاتنا!!! لأننا تدخلنا في شأن لا يعنينا…

انتدابات بالمحاباة في مقرين

وفي بلدية مقرين هذه البلدية صغيرة الحجم من حيث المساحة حوالي 900 هكتار، وقليلة عدد السكان حوالي 20 الف ساكن باتت اليوم تعجّ بجيش عرمرم من العملة والموظفين أغلبهم تم انتدابه بُعيد 2011 بإجراءات تحوم حولها الشكوك حيث يتم استقدام أشخاص لهم صلة قرابة أو جوار أو معرفة ببعض الأعوان وتوظيفهم كأعوان عرضيين ثم يتم فتح مناظرة انتداب تحت مسمى تسوية وضعية العملة العرضيين، وقد بلغنا أن عدد من تم انتدابهم منذ 2011 قرابة او حتى فاق المائة عون بين ذكور وإناث. وببحث بسيط يمكن اكتشاف ذلك، بل الأفضع من ذلك أن بعض من تم انتدابهم كانوا ينتمون لعصابة ما كان يعرف ب”لجان حماية الثورة” وشاركوا في اقتحام البلدية حسب ما بلغنا والاعتداء على بعض موظفيها، والمكلفة حاليا بتسيير شؤون البلدية كانت إحدى الأطراف الفاعلة في كافة عمليات الانتداب المذكورة بمعية مدير الشؤون الإدارية والمالية، والكاتب العام الذي دعاه والي بنعروس الى البحث عن مركز عمل آخر لأسباب يقول البعض أنها تتمثل في شبهات تحوم حوله ويبدو أنه وجد ظالته في بلدية باجة التي لا نعلم إن كان المكلف بتسيير شؤون ولاية باجة على دراية بماضي الرجل أم أنه يستوي عنده استقدام “مسؤول” كان داعما لعصابات “لجان حماية الثورة” مع أي شيء آخر.

شهائد التنظير.. التدقيق التدقيق

من الانحرافات التي تمت بعد الثورة في ملفات الانتدابات يتعلق بالشهائد التكوينية المنظرة، إذ أن عديد الأعوان تم انتدابهم أو في الحقيقة تسوية وضعيتهم باعتبارهم كانوا عملة حضائر باعتماد شهائد تكوين مهني تم تنظيرها لهم بمستويات مختلفة، حيث يبدو حسب ما بلغنا أن عديد الشهائد التكوينية أو شهائد التنظير يُثار حولها غبار كثيف يستوجب من لجان التدقيق التثبت والتروي، فشهادة متار مثلا وحسب المعلومات التي بحوزتنا -وقد نكونوا مخطئين- لا توجد في سلم الشهائد التي يتم تنظيرها بمستوى معيّن، لكن عديد الاعوان تحصلوا على تنظير لشهائدهم التكوينية وتم انتدابهم على أساس تلك المستوى المنظر به شهائدهم، زد عليه أن هناك من تم انتدابهم في بلدية تونس بتاريخ سابق لشهادة التنظير بمستوى التنظير بمعنى أن عونا تم انتدابه مثلا في غرة مارس 2011 كتقني باعتبار شهادة المنظرة تسمح له بتلك الرتبة لكن الشهادة مؤرخة في سبتمبر مثلا وهو أمر لا يستقيم من الناحية القانونية والمنطقية لكن للعبث في البلديات أحكاما أخرى…

أين الشفافية في انتداب أعوان يعملون في البلدية؟؟!!

عديد الانتدابات التي تمت في البلديات شملت أعوانا يعملون في البلدية ذاتها كأعوان حضائر، ولئن كنا لسنا ضد انتداب هؤلاء الأعوان من حيث المبدإ إذا كانت الشروط متوفرة فيهم فإن عملية الانتداب مشوبة بعيب خرق الشفافية وعدم المساواة، وعلى لجان التدقيق البحث والتروي في الأمر.