ينبهر الزائر لمعرض المعدات السينمائية للفنّان يونس العجمي الذي يتواصل بالمركب الثقافي بالمنستير إلى غاية 3 جانفى 2025، بما يتميز به هذا الفنان التونسي من حذق الصنعة والإبداع ما أكسبه صيتا عالميا لدى صناع الأفلام السينمائية التونسية والعالمية.
ويشمل المعرض مجموعة من الخناجر، والسيوف والحِرب، والأقواس، والمسدسات، والدروع، وقوارير البارود، والأسلحة الثقيلة كالمدافع وطائرة خفيفة ونماذج من طائرة من نوع “جات سونيك” وهيلوكبتر، وقذائف مدفعية، ومنظومة صاروخية،

وتعود جميع الأسلحة المزيفة المعروضة إلى حقب تاريخية مختلفة منها التي ترجع إلى القرن السابع عشر والتي استعملتها الإمبراطورية العثمانية خلال حروبها، والحرب العالمية الثانية وحرب الفيتنام.
وتضمن المعرض ملابس استعملت في أفلام “الوستارن” و”الهنود الحمر” أي السكان الأصليين للقارة الأمريكية، والحروب علاوة على معدات يستعملها الجنود في معسكراتهم على غرار السخانات التي تشغل بالزيت، وصندوق أصلي لمعدات الصيدلة من الحرب العالمية الثانية، ولدينة أصلية مخصصة لوضع الديناميت، و”كابينة” هاتف استعملت في تصوير الفلم التونسي “بوليس”.
وتوجد في المعرض “البراشيري” وهي عمود إضاءة روماني يعلوه صحن، ونماذج من المدفعية، ونموذج مصغر من طائرة خاصة “سوبر سونيك” والتي أنتجها في حجم 18 متر ووقع تفجيرها في طبرقة خلال تصوير فلم فرنسي (2016). ويمكن أن يكتشف الزائر كاميرات للتصوير أو العرض وآلات تسجيل قديمة علاوة على معلقات بعض الأفلام التي استخدمت فيها هذه المعدات السينمائية.
ويكتسي هذا المعرض أهميته نظرا لمهارة هذا الفنان وحذقه في نحت وصنع مختلف القطع بجودة ودقة عالية جدّا بطريقة تجعل الناظر لا يمكنه أن يشك قط في أنّها حقيقية وخاصة عندما يدقق النظر على سبيل المثال في مجموعة الخناجر أو المسدسات فمن الصعب أن يكتشف أنّها مزيفة.
كما أنّ كل قطعة في المعرض بالإضافة إلى أهميتها الفنية فهي ذات أهمية ثقافية وتاريخية فهي حاملة لجزء من ذاكرة السينمائية التونسية والعالمية لعلاقتها بإنتاج عدّة أفلام تونسية وعربية وعالمية صورت جلها في الصحراء التونسية أو في طبرقة وعين دراهم وجبل الشعانبي وجبل السرج وهي لمخرجين أو منتجين من تونس وليبيا وتركيا وإيطاليا وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية وروسيا الذين أنتجوا أفلاما بوليسية أو أفلام جوسسة أو تاريخية حول الحرب العالمية الثانية، وحرب الفيتنام وغيرها.
ويوضح الفنان يونس العجمي في تصريح لوكالة تونس أفريقيا للأنباء أنّ المعدات السينمائية المعروضة هي جزء قليل مما متوفر لديه في ورشته نظرا لأنّ هناك قطع أخرى كبيرة الحجم ولا يتسع فضاء المركب الثقافي لعرضها.
وقال إنّ هذه النماذج المعروضة استعملت في عدة أفلام منها “حرب النجوم” لجورج لوكاس، و”مماليك النار” ، و”غوما” للأسعد الوسلاتي الذي سيخرج قريبا للجمهور، و”توسكانيني”، وفلم “الفايكينغ”، وفلم ” اون بامبينو دي نوميه دجيزو” (طفل اسمه المسيح) للمخرج الإيطالي فرانكو روسي (1989)، وروبن هود (1998) لمايكل مارتينيز.
وبيّن أنّ المسدسات استعملت مثلا في فلم “البيرات” (القراصنة) من إنتاج فرنسي-تونسي لرومان بولنسكي (1986)، وهناك معدات وقع استعمالها في تصوير أربعة مسلسلات للمخرج الليبي أسامة رزق، وأفلام للمخرج كيفن كونور، وفلم “لي مرفالو” لهنري فرني verneuil (1984) و”معركة موقديشو”، ، وفلم “الطوارق” من إنتاج أمريكي، وقناة “ناشيونا جيوغرافي” وغيرها.
وأكد الفنان يونس العجمي أنّ جميع المعدات السينمائية المعروضة من أسلحة هي مزيفة ولكنه يصنعها تحت راقبة مصالح وزارة الداخلية وقد صنعها سواء برسكلة بعض المواد أو شراء بعض القطع قائلا “يمكن أن تبدع من لا شيء وتصبح لديك قطعة مهمّة “.
وعبر الفنّان يونس العجمي عن استعداده لتكوين الشباب في صنع المعدات السينمائية مجانا كي يبتعدوا عن الجلوس في المقاهي وإضاعة الوقت.
واعتبر الأستاذ الجامعي والمسرحي عمر بسباس أنّ هذا المعرض فرصة للشباب للاطلاع على نوعية هذه المهن مبينا أنّه ليس من السهل أن نجد نحاتا قادرا على التعامل مع الحديد والأليمنيوم والخشب والرزين وغيرها من المواد فالعملية صعبة ومتعبة جدّا علاوة على أنّ هذا الفنان معروف بقدرته على انجاز المؤثرات السينمائية من انفجارات وحرائق وأمطار اصطناعية وليس لدينا في تونس الكثير من المبدعين مثله في هذا المجال.
وتعهد شكري التليلي المندوب الجهوي للشؤون الثقافية بالمنستير بدعم المندوبية الجهوية للشؤون الثقافية بالمنستير لهذا الفنان لافتتاح متحف للمعدات السينمائية والذي سيكون مكسبا لتونس إذ سيدعم السياحة الثقافية وسيساهم في تسويق الجهة سياحيا وأيضا الوجهة التونسية.