وات) – ” فقدت عملي بفرنسا وفقدت مدّخراتي وتبخرت أحلامي أنا وزوجتي الفرنسية في إقامة مشروعنا المشترك بسبب رفض السلطات الفرنسية منحي تأشيرة التجميع العائلي”، ذلك ما قاله بكل حسرة محمد الهادي الطرابلسي، المصحوب بزوجته، في وقفة احتجاجية اليوم الثلاثاء أمام مقر سفارة فرنسا بتونس العاصمة.
وتجمع صباح اليوم الثلاثاء عدد من المواطنين التونسيين ممن يعيشون نفس وضعية محمد الهادي، مرفوقين بزوجاتهم الفرنسيات، أمام مقر السفارة الفرنسية بتونس، وسط حضور أمني وتحت أنظار موظفي السفارة.
ورفع المحتجون، خلال الوقفة السلمية، لافتات عليها شعارات تطالب بحقهم في دخول التراب الفرنسي بعد أن رفضت السلطات الفرنسية منحهم تأشيرة التجميع العائلي بتعلات اعتبروها “واهية”.
وكانت السلطات التونسية منعت في بداية شهر أوت الحالي تنظيم وقفة احتجاجية مماثلة أمام مقر السفارة الفرنسية بالعاصمة تونس.
تأثرت زوجة محمد الهادي الطرابلسي الفرنسية حد البكاء خلال هذه الوقفة الاحتجاجية، وقالت إنها تريد العيش مع زوجها الذي اختارته بعناية وبنيا معا أحلاما لتكوين أسرة تجمعهما.
وأضافت المواطنة الفرنسية قولها “اضطررت لبيع سيارتي لمتابعة مسار التقاضي في فرنسا، وللسفر المستمر بين فرنسا وتونس لألتحق بزوجي”.
بدوره، لم يخطر على بال الشاب سالم هميلة أن يكون اقترانه بزوجته
الفرنسية سببا لإعادته إلى تونس ورفض منحه تأشيرة عودة إلى فرنسا بعد أن قضى فيها عشر سنوات كاملة.
يقول سالم إنه أعد وزوجته ملفيهما بعناية ولكنهما فوجئا برفضه رغم أن السلطات الفرنسية هي من ألحت عليه للعودة إلى تونس وطلب تأشيرة تقريب الأزواج .
وتحصي جمعية “الأرض للجميع” 1200 حالة مشابهة لسالم ومحمد الهادي خلال السنوات الأخيرة، وتعتبر هذا المنع ممارسة “عنصرية” وتضييقا على التونسيين و”خرقا للقوانين الفرنسية التي لا تمنع البتة تجميع الأزواج”.
وقال عدد من المحتجين إن السلطات الفرنسية تطلب أن تتضمن ملفات الأزواج المطالبين بالتجميع العائلي صورا خاصة تجمع الزوجين وحتى محادثات عبر وسائل التواصل الاجتماعي ورسائل نصية الكترونية لإثبات العلاقة القائمة بين الأزواج.
وأضافوا أنها تتعلل في رفضها لأغلب ملفات طلب تأشيرة الجمع بين الأزواج بأنها “زيجات بيضاء” تجمع شبانا تونسيين بقرناء من جنسية فرنسية بغرض تسوية أوضاع الإقامة داخل التراب الفرنسي.
ورغم محاولات التواصل مع ممثلي السفارة الفرنسية لم يتسن الحصول على مصدر لتقديم توضيحات بخصوص هذا الملف الذي يطرحه المحتجون.
ويتكفل الديوان الفرنسي للهجرة والاندماج بالإجراءات التي تسمح للزوج أو الزوجة من الجنسية التونسية بطلب تأشيرة طويلة الأمد للالتحاق بقرنائهم الفرنسيين بعد إبرام عقد الزواج في تونس.
ووفق مؤشرات نشرها الديوان، فقد تكفل بدراسة ملفات 3878 حالة مشابهة سنة 2017، و3669 ملفا سنة 2018 و3264 ملفا آخر سنة 2019، وذلك بعد أن أتم الأزواج عقد قرانهم في الحالة المدنية في تونس لتمكينهم من نسخ من عقود زواجهم الفرنسية.
سرد سالم قاجة قصة زواجه من مواطنة فرنسية، وقال إنها انطلقت من جزيرة جربة عام 2019 أين التقاها حين كانت تقضي عطلتها بالجزيرة، مضيفا أنهما بقيا في تواصل مستمر، إذ كررت “زوجته” زيارته عشرات المرات لتتعمق قصة الحب التي جمعتهما وبلغت حد الاتفاق على الزواج.
ويضيف سالم في هذا الشأن أنه لم يتمكن من الالتحاق بزوجته في فرنسا، فاختار طريق الهجرة غير النظامية ودخل الأراضي الفرنسية عبر صربيا التي لم يكن السفر إليها يتطلب تأشيرة آنذاك.
وقال إنه عندما عاد إلى تونس جوبه مطلبه لتسوية وضعيته بالرفض، مؤكدا أنه متمسك بحقه في تسوية وثائقه والإقامة بصفة قانونية بالتراب
الفرنسي مع زوجته.
ويواجه التونسيون في السنوات الأخيرة صعوبات في الحصول على تأشيرة الدخول للأراضي الفرنسية.
وكان القنصل العام الفرنسي في تونس “دومينيك ماس” أكد، في تصريح لوكالة تونس إفريقيا للانباء (وات) في ماي الماضي، اعتزام سفارة فرنسا بتونس توفير حوالي 10 آلاف موعد شهريا للحصول على التأشيرة خلال هذه الصائفة.
وقال إن سفارة فرنسا قدمت خلال سنة 2022 أكثر من 86 ألف تأشيرة للتونسيين بمعدل يفوق 7 آلاف تأشيرة شهريا من بين 10 ألاف ملف يتم دراستها كل شهر.
وذكر المسؤول الديبلوماسي أن نسبة حصول التونسيين طالبي تأشيرة “شنغن” من فرنسا تجاوزت السبعين (70) بالمائة والتنقل القانوني بين فرنسا وتونس يبقى من الأولويات و”لم تعد هناك قيود خاصة على التأشيرات منذ 1 سبتمبر 2022″.
وبعد سنتين من الأزمة الصحية (كورونا) تضاعفت في تونس مطالب الحصول على التأشيرة تقريبا ما بين 2021 و2022 وعدد المطالب يواصل في الارتفاع، وفق ذات المصدر.
وبيّن مسح أعده معهد الإحصاء بالتعاون مع المرصد الوطني للهجرة أن الوجهة الفرنسية تعد الأكثر طلبا من التونسيين.
وتوصل المسح الى أن مليوناً و700 ألف تونسي لديهم نية الهجرة في أقرب فرصة تتوفر لهم.
وكانت وزارة الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج أحصت وجود 1.731.619 تونسيّا مقيما بالخارج سنة 2021 مقابل 1.200.818 سنة 2011 أي بتطور سنوي يقدر بـ3.7 بالمائة، مقابل نسبة تطور سنوي للسكان بتونس في حدود 0.9 بالمائة.
وتستقطب أوروبا 85.7 بالمائة من مجموع الجالية حيث يتواجد 55.8 بالمائة منهم بفرنسا (أكثر من 600 ألف تونسي مقيم في فرنسا) و15.1 بالمائة بإيطاليا و6.6 بالمائة بألمانيا.
وتعاني تونس، كغيرها من دول جنوب المتوسط، من نشاط لافت للهجرة غير النظامية. وكانت أمضت مؤخرا على اتفاق شامل مع الاتحاد الأوروبي أُدرج الهجرة والتنقل ضمن محاوره الرئيسية.
وأكد الطرفان، ضمن محور الهجرة والتنقل، العزم على تطوير مقاربة شاملة للهجرة، واتفقا على دعم عودة التونسيين ممن هم في وضعية غير نظامية من دول الاتحاد الأوروبي وإعادة قبولهم، وفق ما ينص عليه القانون الدولي وفي إطار احترام كرامتهم وحقوقهم المكتسبة.
وسيعمل الاتحاد الأوروبي، بناء على هذا الاتفاق، على اتخاذ التدابير المناسبة من أجل تيسير التنقل القانوني بين تونس والدول الأوروبية، لاسيما عن طريق تيسير منح التأشيرات والتقليص من الآجال وخفض الكلفة وتبسيط الإجراءات الإدارية.
تحرير ايمن الزمالي