بقلم الكاتبة التونسية والفنانة التشكيلية رجاء بن موسى

الدكتور عبد العزيز المسلّم هو ابن الشارقة التي ولد فيها عام 1966، وهو باحث في التراث الشعبي بالفطرة، وشاعر وكاتب، تشير سيرته الذاتية إلى اهتمامه بما كان يدور حوله من مناسبات شعبية وعادات وتقاليد ومعارف وفنون، استطاع أن يحفظها ويسجلها في ما بعد، سواء في مقالات منشورة أو كتب، أو من خلال عشرات البرامج والحلقات الإذاعية والتليفزيونية العربية. حصل على درجة الدكتوراة في التاريخ والتراث من جامعة الحسن الثاني في المملكة المغربية. يشغل الآن منصب رئيس معهد الشارقة للتراث، وهو إحدى المؤسسات الثقافية المهمة في حكومة الشارقة يختص بعرض التراث الإماراتي والعربي. ارتبط إسم المُسَلَّم بالتراث الثقافي عامة، والحكايات الخرافية بصفة خاصة، حيث تصدى لإعادة تقديم مجموعات من الحكايات الإماراتية ونشرها، وقد رأس- ولا يزال- تحرير مجلة الموروث، وهي مجلة علمية فصلية محكمة تعنى بالتراث الثقافي، يرأس كذلك تحرير مجلة مراود التي تتوجه إلى القارئ العام والجمهور الأوسع بما تقدمه من موضوعات تراثية متنوعة. وعلى المستوى الدولي ساهم المُسَلَّم بدور نشط في اتفاقيات اليونسكو للتراث غير المادي والتراث العالمي، فضلاً عن دوره الفعال في حماية الملكية الفكرية (الوايبو)، وهو عضو تنفيذي بالمجلس الدولي للتراث الثقافيICCROM، ورئيس المنظمة الدولية لمهرجانات التراث الشعبي CIOFF بالإمارات، وعضو مجموعة أسابيع الشارقة الثقافية العالمية. وقد استطاع المُسَلَّم أن يؤسس لثلاث فعاليات مهمة من خلال عمله بإدارة التراث والشؤون الثقافية بدائرة الشارقة للثقافة والإعلام، ثم معهد الشارقة للتراث الذي نهض على تراكم الخبرات السابقة في شأن التراث الثقافي منذ تسعينيات القرن العشرين، في مقدمة هذه الفعاليات الكبرى: أيام الشارقة التراثية التي تعد من أكبر الفعاليات التي يقيمها المعهد، بل أكبر تظاهرة ثقافية شارقية، تنطلق سنويًّا خلال شهر أبريل. وكذلك «يوم الراوي» الذي يحتفي بالكنوز البشرية والروايات الشفاهية، الذي تغير إسمه مع اتساع نطاقه وبرامجه إلى «ملتقى الشارقة الدولي للراوي»، ثم «ملتقى الشارقة للحرف التراثية» الذي يُعد من أهم التجمعات الثقافية التي تحتفي بالحرفيين والعاملين في مجال الحرف الشعبية.

وهو صاحب “مشروع الحكايات الشعبية والخرافية” و”مشروع الثقافة الشفهية والذاكرة الشعبية” وسفير “المجلس الاماراتي لكتب اليافعين”.

الكاتبة التونسية رجاء بن موسى، التي شاركت في ملتقى الشارقة الدولي للراوي خصّت  الدكتور عبد العزيز مسلّم،  رئيس معهد الشارقة للتراث، والملقب بأسطورة التراث العربي بمقال  تحت عنوان « أسطورة التراث العربي »، تم نشره في “منصة البلد للانباء” وذلك تزامنا مع المشاركة التونسية في الملتقى والتي كانت خلاله الكاتبة رجاء بن موسى أحسن سفيرة لبلدها بما قدمته من نماذج من الثقافة والتراث وحكايات نالت بها استحسان جميع الذين واكبوا نشاطها.

الوفد التونسي المشارك في الملتقى وجد العناية والتبجيل من المسؤولين الاماراتيين وعلى رأسهم الدكتور عبد العزيز المسلّم وهو ما ترك في نفوس الوفد التونسي المشارك الأثر الايجابي وخاصة الكاتبة رجاء بن موسى التي ننشر لها المقال كاملا :

أسطورة التراث العربي، الدّكتور عبد العزيز المسلّم

مولاي

كان يا مكان

وحكايات ألف ليلة وليلة

والسندباد البحري

وهدهد سليمان

كان لنا مع عبد العزيز سلام

وفي ديار الشارقة للتراث مقام

وإن تهت بين شاشاتها

ففي ثناياها حكايات

وعشق لأيّام زمان

وأهازيج للحرف من سحل الخوص وقرض البرقع

ورجاء لرياض التراث

وإن تاه عنه الزّمان

فالحبّ الأوّل لا يتاه

وتخليد لزمن الأسلاف

وإن طوته الذّكريات

و نقشت ثناياه خيوط العنكبوت

فالأحفاد حول الأجداد تشرب القيم

وعرشان للسّفراء بين الأمم

تطالع الأساطير وتحفظ بنود العوائد وتقدس العقائد

أ سندباد أنت حتى تشتاق نفسك للرّحيل الى الأساطير

تجازف بماض قد نسجه حرير النسيان

شراعك التراث وبوصلتك الشباب والأمم

وقد علّقت أحلامك بجناح الرخّ

لترسو على جزر الواق واق والخرافات والمعتقدات

رحّالة في جزر العرب والموصل

و معجبا ببلاد الأهرام وومغامرا في سياسة البربر وسائحا في شوارع الحريّة وحالما في مدن الضّباب

أو أمير بحار لا يهابك بابا درياه

أو بو شربع خطاف رفاي وهم يمزّقون الشّراع

جازفت البحار تتحدّى أعاصير شنق بن عنق وقعقعات بوصراي

فأنت للمقود قبطان لم يضلّك

غزو القرصان لنفحات متاحف الزمان

وكيف تكون للواري وفيّا

وإن كان قد أتلف مركبك

وأغرق ملّاحتك

حتى تحفظ الأبطال في بنود الأسرار

قوافلك تمتدّ بين الخلجان والخيام حكايات وأساطيرا غنيمة من الأهازيج الشعبية وموال صرناي

بين أحمد المختار وويحة وبديحة

وفي محافل السّباق رأيتك المقدسي

لم ترض إلّا أن تتفاخر بقصب السّبق

قد عفت أن تنشد صدى غيرك

فقصدت تاريخا أغفلوه الأبرار

وتقربت لفنّ قد طواه الزمان

لتدخل مدن الأحلام

وهل أنت ابن يطوطة تحوم على جناحي طائر الأحلام فوق السند والهند

لترسو حكايتك على الشّارقة

والفجيرة وخروفكان والغيل والحلّة

أذقتنا هواؤها وورويتنا عذوبة مائها

أم أنت أبو عبيدة واسع العلم بأنساب العرب تهت بين مثالب القبائل ومفاخرها

لتكون رايتها ترفع بين الأمم

وفي أياّم الرّاوي لي معك حلاوة السوالف

فعجبت لأنغامك كيف تمرّدت على العشيريّة لتنتشر بين السمّار

فلك من سحر الكلام وسامور للليالي الملاح لما رحلت بالخيال الى جلسات رواة هارون والأمين والمأمون

وهل كنت حكاواتيا في مقاهي دمشق !!

تنشر الحكم وتثير العجائب ببطولة الظاهرة بيبرس ومغامرات عنترة وخيال الرّخ والأقزام

فبين الشجاعة ونصرة المظلوم والعيون التي في طرفها حور ومأزق البطل

تشدّ لك العيون وتهفو لك القلوب

 وتأبى البراح فلياليك سحر لعشاق التٌراث

وقد حضرت دكاكين القصاصين وتاجرت فيها وعرفت كيف تختزن سلعهم وكيف تعرض ما تختزن

فحملت كلامهم وأصواتهم وألسنتهم وألوانهم ومكاييلهم وصروفهم ومفاخرهم وعيوبهم

أدخلتنا ميسلون وباور هوز

وفي دكان الشيخ عبد الرحمان سوالف المجالس وعبق الفانيال وبين يديه سقانا المعني حكمة وسمر

مجنّحا بين الأرا والأرطا وورفجة

فانتشينا عبق الإمارات العتيقة وتهنا في ذاكرتها الشعيية وملاذّ فاكهتها وزبد خليجها

وان انتشر عبق السّنع رحت أبحث

وشو بقول المتوصف !!

*يقول المتوصّف أنك كنت نابغا في الجمع ونابغا في الانفاق

وما زلت ناشدا

شو بقول المثل

يقول المثل

” عند اليواتي محدّ ياني

وعند الصياني مالي مكاني”

وجميل ان نقفز أسوار الخريريفة

لتلبسها حكاوتيا زاده وصيّة الأجداد

“فالذهب ذهب والمعاني حروف”

لتدخل بنا جبال خروفكان وقد اكتست رداء الظباب وأصوات اللؤلؤ والمرجان

لينسج العنكبوت في عقولنا خيوط العفاريت والجان

فعحبنا أ نحن أمام أبي الهول… أم

بو راس…. !!!

حتى يعبث عثيون بأحلامنا

ويخطف بعير وبوخريطة أطفالنا

وتحوم فوق ديارنا أم رخيش لتسيل دماؤنا فدا ء لبوسلوع وافتراسا لخيالنا

وتحت ظلال أم كربة وليفة

تتقاطر دماء بعير بلا راس

وفي القيض

تحوم في الأزقة والديار

أم الدويش وتتعالى ضحكات الاستهتار لأم هيلان

ويبقى غريب منتقما لكل إنسان

ويظل روعان تائها بين أنصاف البشر

وأحمد الله أنّي خرجت من خرفات القبائل والعشائر سلامات

بعدما بذرت من الملح ونفخت في صدري من العتم

ما يبعد عن خلجات النفس من السواكن والعين والحسد

وقد احترت أن تكون ابن قتيبة قد حللت كتابك نادرة طريفة وفطنة لطيفة

او الأصمعي تجني من عشائرك القصص الطريفة فتشع السّرور

وتبني صفوفا مما يستهويك

ومع بنات الواق الواق تهت مع بيدا والحبة

وعجبت لزوجة الطوّاش تغنم اللؤلؤ نجوما

وراقت لي عويدا الحنّة

فهي خرافات وسوالف في ايام الرّاوي وللحضارات رواق

وللأجيال عبر

وهناك لمحتك أباسيف لسمّارك تخطف أسماعهم قبل أنظارهم

فتنشر ملح العرب ونوادرهم في رحلة نغم

* فقدرتي يا ناس لوميّة

وطلبت المحبوب رمّانة

والمصيبة قالت ربيّة

والمخابي ما بها آنية

وفاه قلبي له بشاشاته لما ناشدك المفضل الظبي في عكاظ مجلسا

وقد نشدت لك الدّواوين مع أيّام الكتاب فخرا

فقد علوت أبي زبد الأنصاري في غريب اللغة وشدو الحروف

وكنت حاطب ليل تروي ما تسمع

وتذهب سحرا إلى علماء الحديث

وتجني من المربد الأدب مشافهة

قد فقهت وأدّبت وتكلمت في المجالس

فعجبت أ في بلاد العجايب أنت أم فارس ذائد عن تراث الأجداد من كلّ مغنم؟

فحياك الله وطال بعمرك

يا أسطورة التراث العربي