(وات/تحرير عبد العزيز قطاطة)

من معتمدية رمادة (تطاوين) في أقصى الجنوب التونسي، وتحديدا من قرية “نكريف”، التي تبعد أكثر من 600 كلم عن العاصمة تونس، أنهت “رڨية الحكيم”، ذات 104 أعوام وأكبر حجيج تونس سنا هذا العام، تحضيراتها الأخيرة واستعداداتها للتوجه نحو السعودية لأداء مناسك الحج، بعد سنوات من الانتظار.

علامات التأثر كانت بادية على “الأم رڨية” مع اقتراب موعد السفر (غدا الخميس 30 ماي 2024) نحو البقاع المقدسة .. فأثر السنين الطويلة على بنيتها الجسمية وتجاعيد الشيخوخة لم تخف انفراجا في أسارير وجهها، ودموعها الشحيحة عبرت عن فرح وشوق لرحلة لطالما لهج بها فؤادها، وفق رواية أحد أقاربها.

تغادر الحاجة “رڨية الحكيم” غدا الخميس تونس عبر رحلة جوية تنطلق من مطار جربة/جرجيس الدولي في اتجاه المدينة المنورة، وفق بيانات نشرها ديوان الطيران المدني.

يقول محمد الحكيم (68 عاما)، وهو ابن أخت “الأم رڨية”، لوكالة (وات) ” قدمت في عامي 2014 و2015 مطلبا لمرافقتها في آدائها لمناسك الحج، لكن قيل لي إنه لا يمكنني ذلك لأنها ليست والدتي”.

وتابع محمد، الذي تقيم معه خالته “رڨية” في منزله بمنطقة “نكريف”، “هي من مواليد عام 1920 وهي بمثابة أمي .. سهرت على تربيتي وعاشت أغلب سنين عمرها هنا في البادية ولم ترزق بأبناء”.
وأضاف قوله “إن شوق أمي رڨية (كما يحلو له مناداتها)، التي لا تفارق المسبحة أصابع يدها، لزيارة بيت الله المعمور ومكة المكرمة لم يمنعها سنة 2014 من القيام بعمرة في شهر رمضان من تلك السنة وهي في سن الـ96 عاما “.
يقول محمد الحكيم، في هذا الشأن، إن خالته “رڨية” أدت برفقته مناسك العمرة حينها بكل يسر، وقامت نساء كن ضمن مجموعة من المعتمرين التونسيين وقتها بالاعتناء بها أثناء السكن في المدينة المنورة ومكة المكرمة والاهتمام بشؤونها طيلة أيام العمرة.
وأردف قائلا ” أحيانا، كانت تفوقهن قدرة وسرعة في المشي، وهي التي قضت سنين عمرها الطويل تجوب أطراف بادية منطقة نكريف في أقصى جنوب البلاد”.
وقال “خالتي رڨية قليلة الكلام، كما هي عادة أهل البادية ونسائها، وهي دائمة الحركة ونشطة وتقوم بشؤونها الخاصة بكل استقلالية وإن كانت تشكو حاليا من ارتفاع في مستوى ضغط الدم، كما هو حال كبار السن عموما “، مضيفا ” سترافقني زوجتي هذه المرة وستعتني بشؤونها طيلة فترة آداء مناسك الحج “.
ويمكن للحاج البالغ من العمر 80 سنة فأكثر، حسب وثيقية توجيهية لموسم الحج لسنة 2024 صادرة عن وزارة الشؤون الدينية، اصطحاب مرافق شرط تمتعه (المرافق) بصحة جيدة وألا يتعدى سنه 62 سنة.
وذكر محمد الحكيم أنه طلب إلى وزير الشؤون الدينية ومسؤولين جهويين، كانوا زاروا خالته “رقية” في بيته منتصف الشهر الحالي، منحها استثناء بالسكن في الطابق الأرضي في النزل الذي ستقيم به، إضافة إلى كرسي متحرك تستعمله في تنقلها وآدائها للمناسك، من طواف وسعي ورمي للجمرات وغيرها.
وتحدث الحكيم لصحفي وكالة (وات) عن أسباب تقدم خالته لآداء مناسك الحج في هذه السن المتقدمة وقال ” إن أوضاعها المادية بسيطة وهي تتمتع بجراية لا تتجاوز قيمتها 200 دينار”.
وتابع قوله إن قرار السلطات السعودية تعليق مناسك الحج خلال عامي 2020 و2021 بسبب جائحة كورونا واقتصارها على أعداد محدودة، ثم استثناء كبار السن من آداء المناسك في عام 2022، هي مسائل ساهمت في تأجيل صدور اسم الخالة رڨية ضمن قائمة الحجيج التونسيين خلال السنوات الماضية.
وكانت السلطات السعودية سمحت، خلال جائحة كورونا، لأعداد محدودة جدا من سكانها بآداء فريضة الحج في عامي 2020 و2021، قبل أن تقرر استقبال نحو مليون حاج من خارج المملكة في 2022، إذ اقتصر القرار في تلك السنة على الحجيج الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و65 عاما وكانوا حصلوا على جرعات اللقاح كاملة ولا يعانون من أمراض مزمنة. 
وذكر الحكيم أن عدد الحجيج المخصص لولاية تطاوين سنويا هو في حدود 160 حاجا من جميع معتمديات الولاية ومنها منطقة رمادة التي يقطنها، واصفا نصيب الولاية بـ”الضعيف”.
ويبلغ عدد سكان تطاوين أكثر من 151 ألف نسمة حسب معطيات لمعهد الإحصاء كان نشرها في جانفي 2021.
ويتوجه 10982 حاجا تونسيا هذا العام إلى البقاع المقدسة لآداء فريضة الحج، بينهم 162 حاجا من ولاية تطاوين أتموا كافة الدروس الدينية والإجراءات والتلاقيح اللازمة.
ومن المنتظر أن تكون عودتهم جوا عبر مطار جربة /جرجيس (جنوب شرق) يوم 23 جوان المقبل.
وستؤمن 42 رحلة جوية ذهابا وايابا للخطوط التونسية والخطوط السعودية عمليات نقل الحجيج التونسيين ومرافقيهم (520 فردا) انطلاقا من 8 مطارات تونسية.