” تبقى العين وحدها هي النبض الحقيقي الذي يؤدٌي إلى الحُلم”

فاتحة الموعد الأوٌل:

 لدى زيارتنا آخر هذا الأسبوع للمعرض الجماعي “فيزاج” المقام بصالون ” الرواق” سوسة جوهرة الذي مثْل فسيفساء من ايقاعات ونبضات متفاوتة المساحة والعطر الفني الذي انتشر على وجنات الجدران، ليفسح المجال لأهازيج فنانات ورسامات باسقات حتى تنتشر الأبجدية بكل اناقة في بساتين الخارطة التشكيلية وتنحت من توهج البوح مدفأة تقينا صقيع الشتاء المنتظر وسقطات العصر المتقلٌب.

فالممارسة الابداعية للمرأة نعتبرها المحرك الأساسي لكل فعل تحرري وجبهة مقاومة شرسة ضد الزحف البشع للغبار ومخلفاته المظلمة وهي بلا شك الرافعة التي تسهم بشكل كبير في تنمية المشهد الثقافي والاجتماعي.

وفي هذا الاتساع يتنزل لقاء قرابة  25 فنانة تشكيلية بنفس الخيمة الإبداعية صالون الرواق معتبرين اياه الفكرة والمشروع ليكون الأفق الأرحب حتى تنسج الفرشاة رقصاتها على بياض القماشة وتمرٌغ حلم الأنثى الأبدي لتعطٌر المكان وتؤرٌخ اللحظة في ألفية ثالثة عاصفة.

 بهذه التيمات والمواصفات، عثرنا بين الأسماء على وقع مختلف ومغاير للمسة ومناخ جانب الراهن الفني المستهلك مختزلة بذلك بصمتها المخصوصة إنها الأستاذة والاكاديمية والفنانة: ألفة بنغزٌي ذات الإحساس العالي والشاعرية المفرطة في لوحاتها الفيحاء.  التقيناها تحتضن أعمالها فجالت العين وسافرت متأملة في معانيها ومشاربها وثناياها لنستخرج ما حوت محاملها.

مفترقات عند شبكية العين :

لم يكن باستطاعتنا الولوج بيسر إلى رسوم الأكاديمية  ألفة بنغزي إذ استقامت أمامنا شبيهة بمفترقات ثنايا تتلامس حتى يتضاعف النبض والحراك داخل البياض لترتسم اشكال العين شبه الدائرية وتتكوٌم خطوط الفرشاة برائحة داكنة خفيفة ظاهريا ولكنها في المضمون ليس لها مثيل او شبيه باعتبارها خريطة طريق تؤدي إلى التأمل في مشاعر واحاسيس الذات البشرية عبر العين احيانا، ثمٌ هو انسياب شاعريٌ، قد حذقت الفة بنغزي التلاعب بوجهته حتى تقتاد مجرى طاقته إلى بؤبؤ الفكرة والإفصاح إمٌا عن حزن متقادم او غزوة لصهيل فرحة عارمة.

تداخلات تشكيلية مخاتلة :

بذلك يمكن اختزال تمثٌلات الرسامة البصرية في لوحاتها تعبيرات واختلاجات متفاوتة الطول والقصر تعكس بلاغة البصمة التي اريد ان تؤسٌس لها الفنانة ومضامين رسائل قد أفصحت عنها العين لتنشرها على سقوف رسومها المكوٌمة بالحياة . بتلك الرغبات الكامنة والمكشوفة، وفٌقت الفة بنغزٌي أن تشدٌ القارئ للوحاتها لمزيد التمعٌن وتفقٌد زواياها الأربعة حتٌى يستقرٌ في الوسط حين تصرٌ العين على الاعتكاف برهة من الزمن عند المفترق الأخير. في الحقيقة تبقى لوحات التشكيلية الفة بنغزي تناشدنا مزيد التوقف عندها حتى نتشبٌع ونرتوي من ماء حدقات اعينها المترامية على طول المسافة التي تحتكم إليها الحالة ودواخل الإنسان بين مدٌها وجزر ها حتْى يعلن الحلم هنا وهناك حلوله الفاتن.

سيرة مختزلة :

 الفة بن غزي، فنانة تشكيلية خريجة المعهد الأعلى للفنون والهندسة المعمارية بتونس سنة 1995. حائزة على شهادة في هندسة الديكور.

 بدأت مسيرتها التشكيلية ضمن تدريسها في المعاهد الإعدادية. قامت ببعث وتأسيس العديد من نوادي الرسم. نالت جوائز على المستوى الجهوي.

 انطلقت مسيرتها الفردية ضمن الملتقى الدولي للفن التشكيلي بالمنستير، حيث برز تميزها في هذه المشاركة ومن هناك بدأت الانطلاقة لتجارب متعددة في ورشات عمل مع فنانين تشكيليين وملتقيات في عروض جماعية  land art سيدي بو سعيد شاركت في عدد من المعارض الشخصية والجماعية من ذلك معرض صوفونيا بعنوان : نظرات متقاطعة واكوان متعددة ” مارس 2023.

 تمٌت دعوتها في مهرجان الربيع والزيتونة بمدينة اريانة وانخرطت كابهى ما يكون ضمن معارض افتراضية. أخيرا تميٌزت مشاركتها ضمن معارض الاتحاد بعملين ( رفة عين) و(انعكاس) وقد وقع اقتناء هذا الأخير من طرف لجنة الشراءات لوزارة الثقافة.

 وقريبا تشارك الرسامة ألفة بنغزي في السمبوزيوم الدولي بمدينة قابس :” فن الواحة والبحر” بين 17 و 24 أكتوبر 2023.

بقلم : جلال باباي (شاعر وناقد)