عقدت لجنة المالية والميزانية جلسة اليوم الجمعة 11 أفريل 2025 خصّصتها للاستماع إلى جهة المبادرة التشريعية حول مقترح قانون يتعلّق بتنقيح الفصل 55 من القانون عدد 12 لسنة 1985 المؤرخ في 5 مارس 1985 المتعلق بنظام الجرايات المدنية والعسكرية للتقاعد وللباقين على قيد الحياة في القطاع العمومي.

وفي بداية الجلسة قدّم أصحاب المبادرة بسطة توضيحية حول مبررات وأسباب تقديم مقترح هذا القانون الذي ينص على أنّ العون المحال على التقاعد ويستأنف نشاطا عموميا بعد بلوغه السن القانونية للتقاعد لا يمكنه اكتساب حقوق جديدة للتقاعد بعنوان هذا النشاط مع التنصيص على أنه في جميع الحالات لا يمكن الجمع بين جراية التقاعد وكل مورد عمومي مهما كان نوعه، وللعون الاختيار بين التمتع بجراية التقاعد أو المرتب المتأتّي من الوظيفة الجديدة مع إخضاع هذا المرتّب للخصم لفائدة الصناديق الاجتماعية وعدم امكانية استرجاع الخصم لاحقا بعد نهاية فترة النشاط.

وبيّن أصحاب المبادرة أنّ صياغة هذا القانون تمّت في ظرف سياسي معيّن، معتبرين أنّه أصبح لا يستجيب لمقتضيات المرحلة الراهنة وما شهدته من تطوّر اجتماعي وسياسي واقتصادي، كما أنّه لا يتوافق مع البعد الاجتماعي للمسار الجديد ولا يتناغم مع مقتضيات الفصل 22 من الدستور الذي ينصّ على أنّ الدولة تهيئ للمواطنين أسباب العيش الكريم.

وأكّدوا أنّ جرايات التقاعد من الحقوق المكتسبة التي لا يمكن الحدّ منها أو المساس بها باعتبارها ذات صبغة معاشية.

كما أوضحوا أنّ هذا التنقيح يتمثّل في مراجعة الفقرة الثانية والثالثة من الفصل عدد 55 في اتجاه اقتراح أنه يمكن للعون بعد بلوغه السن القانونية للتقاعد أن يستأنف نشاطا عموميا ولا تخصم من منحته المتأتية من النشاط العمومي المستأنف أي معاليم بعنوان مساهمة في صناديق التقاعد باعتباره متقاعدا سلفا، ويمكن له الجمع بين جراية التقاعد ومورد عمومي آخر متأت من تحمّل وظيفة في أجهزة الدولة عبر انتخابات محلية أو جهوية أو إقليمية أو وطنية أو كذلك عبر تعيينات سياسية أو دبلوماسية.. كما أشاروا إلى أنّ هذا التنقيح لا يمثّل عبئا ماديا على الصناديق الاجتماعية باعتبار العدد الضئيل من المتقاعدين المباشرين لنشاط عمومي بعد بلوغ سنّ التقاعد.

كما بينوا أنّ الفصل 52 يحدث تفرقة بين المتقاعدين التونسيين الذين ينضوون تحت طائلة الصناديق العمومية من جهة و المتقاعدين التونسيين الذين ينضوون تحت طائلة الصناديق الخاصة أو الأجنبية من جهة أخرى في حال مباشرتهم خططا في الدولة إذ لا يمكن للمتقاعد الذي يتقاضى جراية من الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية أو الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي التمتع بأي مورد عمومي آخر، ويخيرّ بين الجراية ومنحة النشاط. أما المتقاعد التونسي التّابع للصناديق الخاصة مثل المحامين أو الصناديق الأجنبية للتونسيين بالخارج فله حق الجمع بين جراية التقاعد ومنحة النشاط. كما بيّنوا أنّ هذا الفصل يمكن أن يتسبّب في عزوف المتقاعدين عن المشاركة في الحياة السياسية وتقلّد مهام في الدولة بعد سنّ التقاعد مما يحرم البلاد من خبراتهم.

وقدم ممثّلو جهة المبادرة معطيات حول القانون المقارن الذي يعطي إمكانية الجمع بين الجرايتين على غرار القانون المصري والأردني.

وخلال النّقاش، أكّد النواب أنّ الموضوع يكتسي أهمية بالغة ويهم الأجيال الحاضرة والقادمة ، موضّحين أنّه من واجب الدولة أن تضمن حقوق مواطنيها وتوفر سبل العيش الكريم لهم. واعتبروا أن هذا المقترح يكتسي جانبا أخلاقيا بالأساس باعتباره متعلق بفئة قدّمت للدولة خبرتها وخدمتها طيلة أكثر من ثلاثة عقود.

وأشار عدد من النواب أنّ الفصل 55 من القانون عدد 12 لسنة 1985 المؤرخ في 5 مارس 1985 المتعلق بنظام الجرايات المدنية والعسكرية للتقاعد وللباقين على قيد الحياة في القطاع العمومي في صيغته الحالية يتناقض مع بعض الفصول الواردة فيه على غرار الفصل 03 الذي ينص على الحق في جراية التقاعد وجراية الباقين على قيد الحياة غير قابل للإحالة ولا للسقوط بأي شكل من الأشكال، وكذلك الفصل 49 الذي يحجّر الحجز على الجرايات إلا في حالات استثنائية متعلّقة بديون الدولة وكذلك الديون الممتازة على أن لا يتجاوز هذا الحجز خمس الجراية وهو ما يقود إلى ضرورة مراجعته لضمان التناغم و التكامل بين أحكامه.

وبعد التداول والنقاش، قررت اللجنة الاستماع إلى وزارة الشؤون الاجتماعية وكل الأطراف المتدخلة لمزيد تعميق النظر وصياغة مقترح يكتسي المقبولية المالية ويتناغم مع المنظومة التشريعية.