تركزت استفسارات نواب الغرفتين البرلمانيتين وتدخلاتهم خلال الجلسة العامة الصباحية لليوم الأحد، في إطار مناقشة مهمة الشؤون الثقافية في ميزانية الدولة لسنة 2025، بالخصوص على ضرورة العناية بدور الثقافة والمعالم الأثرية والمتاحف وتطوير الأنشطة الثقافية والفنية بالجهات الداخلية والمناطق الريفية وتكثيفها.

وطالب النواب بتحديد الضوابط والمقاييس المعتمدة لاختيار الأعمال الأدبية والفنية التي تتمتع بالدعم العمومي، مستفسرين حول استراتيجية وزارة الشؤون الثقافية في توزيع الميزانية المخصصة لدعم الأعمال التلفزية والسينمائية والمهرجانات ذات البعد الدولي والوطني والجهوي.

واعتبر عضو مجلس نواب الشعب أيمن الاقرع (كتلة صوت الجمهورية) أن الثورة الثقافية تنطلق من صيانة المعالم التونسية، داعيا إلى صيانة أهم المعالم في مدينة القيروان ومنها بالخصوص فسقية الأغالبة وسور القيروان والمدينة العتيقة التي يمكن أن تكون جزءا من مشروع اقتصادي واجتماعي وثقافي شامل.

ولفت النائب سامي (كتلة الأمانة والعمل) إلى غياب الأنشطة الثقافية في العديد من الجهات على غرار بنزرت الجنوبية (حوالي 150 ألف ساكن) مقترحا ضم دور الشباب ودور الثقافة في المناطق الريفية وإيجاد صيغة مع وزارة الشباب والرياضة في هذا الصدد.

وقال النائب فوزي الدعاس (غير منتم) نحن في حاجة إلى مشروع ثقافي تنموي واستراتيجيا ثقافية واضحة المعالم وأهداف قابلة للتحقيق ومراجعة قوانين دعم الفنانين والقوانين التي لم تعد مواكبة للزمن والقطع مع مركزية الثقافة. وأكد على ضرورة أن تعمل الوزارة على إصلاح وإعادة هيكلة السينما التونسية سواء على مستوى تحويلها لموارد للتنمية وأداة تثمين وترويج الترويج للمناطق الجغرافية التونسية الثرية بصريا وثقافيا التي تمثل ثروة غير مستغلة، حسب تقديره.

واعتبرت النائبة نجلاء اللحياني (كتلة الأحرار) أن معرض تونس الدولي للكتاب الذي كان نقطة نيرة، فقد قيمته وهيبته، وكذلك أبرز التظاهرات الثقافية والفنية في تونس على غرار أيام قرطاج الشعرية التي انتظمت لدورتين ثم تم إيقافها، مستفسرة عن معايير اختيار كل من مدير معرض الكتاب وأيام قرطاج السينمائية.

ودعت النائبة سيرين مرابط (كتلة الأحرار) لتكثيف الأنشطة الثقافية في المناطق الشعبية مثل الملاسين وحي الزهور مشيرة إلى مساهمة ذلك في تغيير العقليات والحماية من الانحراف ، مؤكدة ضرورة بناء نوادي ثقافية وفنية وفق الإمكانيات كمتنفس لهؤلاء الشباب.

وشددت النائبة ألفة المرواني (غير منتمية) على أنه لا يمكن الحديث عن ثورة ثقافية إذا لم تستأنف التشريع وتطور القوانين وتتخلص من النظم البالية في العمل الثقافي، معتبرة أنه من غير المعقول إسناد مكافآت رمزية ومهينة للفنانين ووفق قوانين تعود لعقود من الزمن لم تتطور.
وبينت أن التراجع على مستوى الإنتاج المسرحي والسينمائي مرده منظومة التشريعات البالية التي يعود بعضها للستينيات، مؤكدة ضرورة تقديم مشروع حضاري بديل واستشرافي يراهن على الإبداع ويثمن الذكاء الخلاق للقيم الانسانية والاجتماعية من خلال التفكير في الترابط العضوي بين الثقافة والتعليم واستعادة النوادي الثقافية لدورها المحوري في تجذير الهوية الوطنية لدى التلاميذ وتشجيعهم على الفكر الحر.

كما دعت إلى التركيز على الثقافة الرقمية وتوفير التدريب والدعم الفني اللازم لتطوير المهارات لدى الشباب في مجال التطوير الرقمي والإبداع الفني وجعل تونس مركزا إقليميا من خلال بناء شراكات ثقافية مع دول أخرى وتنظيم مهرجانات تعزز هذا التبادل الثقافي، معتبرة أن كل هذه الأهداف لا يمكن تحقيقها دون تفعيل إحداث المجلس الأعلى للثقافة والتراث والتوافق حول مشروع ثقافي شامل ينطلق من الفرد نحو المجتمع مرورا بالعائلة مع مراعاة خاصية حرية الإبداع.

أما بالنسبة لأعضاء المجلس الوطني للجهات والأقاليم فقد اعتبر النائب فهمي مبارك أن وزارة الشؤون الثقافية تخلت عن دورها في حماية التاريخ والهوية والحضارة الوطنية منتقدا ما اعتبره مواصلة للسياسة التي اتبعتها الحكومات خلال العشرية الماضية بعد الثورة.

وتحدث العديد من النواب عن المشاكل الثقافية والفنية في جهاتهم على غرار النائب سمير حسناوي الذي قال إن المنشآت الثقافية بولاية الكاف تفتقر للحراك الفني المطلوب داعيا للتسريع في إعداد قاعة العرض بدار الثقافة في معتمدية الطويرف ودعم دار الثقافة بالتجهيزات اللازمة والموارد البشرية المختصة لاطلاق نوادي ثقافية تستقطب شباب المنطقة وتعزيز رصيد المكتبة العمومية وتنظيم رحلات ثقافية وتخصيص دعم للمهرجانات الصيفية وميزانية لتحسين محتواه.

ودعت النائبة فوزية الناوي إلى صيانة المعالم الأثرية في منوبة، موصية بتكثيف الأنشطة التحسيسية للشباب للتحذير من مخاطر الإدمان وبتطوير المؤسسات الموجهة للأطفال التي من المفروض أن لا يتم إغلاقها خلال العطلة الصيفية ، إضافة إلى ضرورة انتقاء محتوى عروض المهرجانات الفنية.

وقال النائب فتحي معالي إن الفعل الثقافي لا يمكن أن يكون إلا فعلا جماعيا ولابد من فتح باب الحوار الموسع والتشاركي حول مشروع ثقافي جامع وشامل ولتحقيق ذلك اقترح إطلاق استشارة وطنية بمشاركة الفنانين والأكاديميين، مع ضبط سقف زمني لذلك مع التشديد على ضرورة ألا تبقى مخرجات الاستشارة في الإدراج وفق تعبيره. ودعا إلى التشجيع على الاستثمار في المجال الثقافي ووضع شباك موحد لتذاكر العروض وإعادة الاعتبار لمهرجان قرطاج الدولي.

وتحدث النائب هشام مباركي عن مواجهة عديد المهرجانات لإشكالية ضعف الدعم المادي في الجهات، في حين دعا النائب حسني حسام الغالي إلى تثمين التراث المادي والمعالم الأثرية الذي تستغله العديد من الدول لدعم الحركية الاقتصادية في إطار السياحة الثقافية.