بنزرت، من الحبيب العربي

أي شيء أجمل من أن يكون الإختتام هو مسك الختام؟..
واي شيء أفضل من أن تنجح هيئة مهرجان في تنظيم دورة بثماني سهرات رمضانية والإمكانيات قليلة في مثل هذا الظرف والزمان؟..

الهيئة المديرة لجمعية مهرجان ليالي المدينة ببنزرت عزمت على أن تكون حاضرة في هذا الشهر الكريم، رمضان المعظّم، بتظاهرة سهراتها الليلية في النصف الثاني من رمضان هذا العام..
الدورة الجديدة هي الدورة 12..
وقد بدأت الهيئة المديرة برئاسة الدكتور عبد الرؤوف الساحلي تجتمع وتخطط لها منذ نحو تسعة أشهر..
الإجتماعات كانت في مكتب عمل الدكتور الرئيس وكان يحضرها في كل مرة أكثر من نصف الأعضاء المنتخبين بالإضافة إلى حضورنا في كل الجلسات تقريبا..
وقد كنا شاهدين على مدى معاناة هيئة الدكتور عبد الرؤوف عند كل صعوبة وعقبة يتعرضون لها..
وأولى العقبات، عدم تقدير أي طرف معني بالنشاط الثقافي لما تخطّطه وتعدّ له هيئة الجمعية..
حتى كان برنامج الدورة شبه جاهز..
وأؤكد أن الصعوبات في هذا المستوى تتمثل في افتقار الجمعية للإمكانيات المادية كي تنفذ برنامج دورتها على النحو الأكمل..
قصدت الولاية فاستقبلها المعتمد الاول الذي عبّر عن تقدير السلطة الجهوية للمجهود المبذول مع تشجيعه المعنوي..
قصدت الهيئة البلدية فما لقيت منها إلا التجاهل التام، رغم تدخلنا الشخصي، لكأن الشأن الثقافي لا يعنيها والحال أن التظاهرة تجري دوراتها في قلب المدينة؟..
قصدت جمعية صيانة المدينة ببنزرت فما كان التجاوب كما يجب أن يكون..
ثم قصدت الهيئة المديرة لجمعية مهرجان ليالي المدينة ببنزرت مندوبية الثقافة فلقيت المندوب الجهوي يستقبلها ويعِدُها بالمساهمة المالية..
وفعلا كان في مستوى وعده حيث وفرت مندوبيته مبلغ ثمانية آلاف دينار…
وهو مبلغ بقدر ما يبدو مهما إلا أنه كان لا يفي بحاجة الدورة ككل..
بعد ذلك توجهت إدارة الجمعية إلى بعض الشركات المنتصبة في الجهة فما فازت بمليم واحد..
كل هذا جعل إدارة المهرجان تقلل من العروض التي كانت قد اقترحتها اول الأمر، حيث انتهى بها المطاف إلى إقرار سبع سهرات فقط، شعارها تشجيع الشباب والجمعيات الناشئة بالجهة والناشطة في المجال الموسيقي والفني عامة بما في ذلك مجال المدائح والأذكار..
من 12 إلى 26 مارس 2025، كانت هي مدة الدورة..
وأجمل ما في هذه الدورة 12 انها انتهت بسهرة الوفاء لروح مطرب بنزرت الأول المرحوم فيصل رجيبه الذي مرت على وفاته سنة وبضعة أشهر..
بل قل إن الجمال يوجد أيضا في بعض العروض التي قاربت المستوى الإحترافي على غرار فرقة ضياء مقنين التي برز فيها المطرب وعازف العود الشاب رامي الكافي بأدائه المالوف التونسي والأغاني التونسية بامتياز حتى أن الحاضرين لقبوه بخليفة الطاهر غرسه..
في فرقة ضياء مقنين برز أيضا الشاب الملقب بخليفة الفنان المصري مجدي الحُسيْني، غيث عزّوز، لمهارته الكبيرة في العزف على آلة الأورغ…
النجاح الذي قارب الإحتراف أيضا يمكن سحبه على فرقة سامي بالحسن في عرضها “الصُّلاّح” وكذلك على الفرقة النسائية للمايسترو بشير جباليه بعرضها “همسات”..
وأيضا يمكن اعتبار عرض “سيزيف” للفنان عادل بوعلاّق ناجحا وهو الذي اختص منذ ثمانينيات القرن الماضي في الأغنية الملتزمة..
عدا ذلك، يمكن القول أن مستوى العروض كان لا يتعدّى الهواية إلا بقليل..

مسك الختام.. لفيصل رجيبه الفنان..

ونأتي الآن لعرض اختتام الدورة 12 في هذا العام، حيث كانت السهرة التي حملت شعار الوفاء لروح فقيد الفن التونسي الأصيل، مطرب بنزرت الأول، المرحوم فيصل رجيبه..
الفكرة انبثقت عن زميلنا الحبيب العربي وارملة العزيز الراحل مدام ثُريا جالطه رجيبه..
فكان الترحيب بها من قبل هيئة جمعية مهرجان ليالي المدينة ببنزرت..
الإعداد لهذه السهرة كان مضنٍ، لأن ثنائي التنظيم الحبيب وثريا حاولا أن يُشرّكا البعض من الفنّانين الذين عاشروه منذ بدايته لكنهما فوجئا بامتناع كل من اتصلا بهم، ولكلّ أعذاره..
امتناعهم صدم الجميع حقا وخاصة امتناع أقرب الفنانين إلى المرحوم..
الكل صُدِموا لأنهم كانوا يعتقدون أنه بمجرد أن يدعونهم للمساهمة بالغناء في حفل الوفاء لروحه سيكونون الأوائل، لكن خاب أملهم فيهم..
نعود إلى الحفل الذي انتظم ليلة الأربعاء 26 مارس، حيث كانت السهرة الرائقة التي احيتها المجموعة الموسيقية الشبابية “أحنا” بقيادة الفنان الشاب مهدي السويحلي..
السهرة كانت في جزءين…
جزؤها الأول تولّى تنشيطه زميلنا الحبيب العربي، وقد استضاف فيه كلا من الصّحفي الكبير بدار الأنوار محمد الماطري صميدة والإذاعي السابق، صاحب الفضاء السياحي فيطاطوب بمنزل عبد الرحمان، خالد الشريف، وكذلك السيدة ثريا رجيبه، أرملة المرحوم، للحديث عن أهم المحطات التي مر بها فيصل رجيبه في حياته، مدعّمين شهاداتهم بجزء قصير من شريط فيديو كان قد قدمه الزميل الإعلامي الشاب حازم جمال بقناة الحوار التونسي..
كثير من التأثر كان في نبرة أصوات المتحدثين وفي متابعة الحاضرين الذين امتلأت بهم قاعة الماجستيك..
وأما الجزء الثاني، فقد أثثت فقراته مجموعة “احنا” بفرقتها الصوتية كثيرة العدد وبمطربيها الشبان الذين غنوا لفيصل رجببه ولغيره من فنانينا ومنشدينا من بنزرت ومن خارج بنرت.. ومن بين فقرات السهرة الغنائية نذكر صعود محرز خليل الذي غنى التونسي فأبدع، ومحمد موحه الذي لم يكن في البرنامج، لكنه صعد وغنّى لفيصل..
ثم صعدت الفنانة كريمة بن عمارة التي جاءت خصيصا من العاصمة للمشاركة في حفل الوفاء لروح فيصل، فتسلطنت بأغنية علي الرياحي “يا اللي ظالمني”..

الدورة الناجحة..

خلاصة القول أن الدورة 12 لرمضان هذا العام كانت ناجحة وان هيئة مهرجان ليالي المدينة ببنزرت برئاسة الدكتور عبد الرؤوف الساحلي الذي كان مرفوقا في معظم تحركاته بالثنائي زمُردة شتوان ومنير جُمعة مشكورين جميعا على كل ما بذلوه من جهد كانت قد نجحت في تنظيم تظاهرتها السنوية..
إذن نجحت الدورة ولا عزاء لمن تخلفوا عن الدعم ولمن غابوا عن مواكبة سهرة الإختتام على الخصوص..
يُذكر أن مندوب الثقافة ومعتمدة بنزرت الشمالية كانا قد واكبا عرضَ الإفتتاح والعرض ما قبل الإختتام الذي احيته بامتياز فرقة الفنان الشاب ضياء مقنين.

الحبيب العربي.