صادق مجلس نواب الشعب، خلال جلسة مسائية، على القانون المتعلّق بالترخيص للبنك المركزي التونسي في منح تسهيلات لفائدة الخزينة العامّة لتونس بموافقة 92 نائب ورفض 15 نائب واحتفاظ 26 نائب.
عدد من نواب الشعب يعتبرون الترخيص للبنك المركزي في منح تسهيلات لفائدة خزينة الدولة يعد حلا جزئيا وليس جذريا
.

اعتبر عدد من النواب الشعب من مختلف الكتل البرلمانية، خلال جلسة عامة انتظمت بعد ظهر، الثلاثاء، تحت قبة البرلمان، أن الترخيص للبنك المركزي التونسي في منح تسهيلات لفائدة الخزينة العامّة للدولة يعد “حلا جزئيا” وليس “جذريا” أملته إكراهات الجهات المانحة واعتبره نواب آخرون “الحل الأسهل”.

وأفاد النائب، ياسين مامي، عضو الكتلة الوطنية المستقلّة، بخصوص مشروع القانون، الذّي سيمكن البنك المركزي من إسداء تسهيلات لخزينة الدولة بقيمة 7 مليار دينار تسدد على مدى 10 سنوات، أن الحكومة اختارت، اليوم، أسهل حل لسداد الديون منبها إلى انعكاسات هذا الإجراء على التضخم.

وتابع مامي قوله “عوضا عن إقرار إصلاحات هيكلية على غرار تنقيح قانون الإستثمار والصرف لجأت الحكومة إلى مؤسسة الإصدار ممّا من شأنه أن ينعكس على القدرة الشرائية للمواطنين”، مؤكّدا في الآن ذاته ضرورة سداد تونس لقروضها حفاظا على سيادتها. كما أبرز، أيضا، أهميّة دفع إنتاج الفسفاط، الذّي قدر ب2،9 مليون طن لكامل سنة 2023 مقابل 8 مليون طن خلال سنة 2010. وأوصى بإسداء نصف قيمة التسهيلات، التّي نص عليها مشروع القنون أو التقليص منها إلى 5 مليار دينار حتّى تتمكن البلاد من الإيفاء بتعهداتها في الآجال.

واعتبر النائب عماد أولاد جبريل، عضو الكتلة المستقلة، أيضا، أنّ مشروع القانون سيفاقم، ليس فقط من التضخم لكن، أيضا، سيؤدي إلى تراجع قيمة الدينار.

وبحسب جبريل فإنّ التسهيلات المقدرة قيمتها ب7 مليار دينار، التّي سيسديها البنك المركزي للخزينة ستقلّص من مدخرات العملة الصعبة للبلاد إلى 80 يوم توريد مضيفا ان مشروع القانون جاء على حساب الأجيال القادمة.

واستنكر، من جهة أخرى، التأخر في تنقيح مجلّة الصرف وقانون الاستثمار وهي من الإصلاحات الضرورية، التّي من شأنها تحقيق عائدات.

وأقرّ النائب عن كتلة الخط الوطني السيادي، الطاهر بن منصور، في أطار الجلسة، التّي خصّصت لمناقشة مشروع قانون يتعلّق “بالترخيص للبنك المركزي التونسي في منح تسهيلات لفائدة الخزينة العامّة للبلاد التونسية”،ان الترخيص لمؤسسة الإصدار في منح هذه التسهيلات ليس حلا ناجعا، الذي من شأنه أن يسهم في الخروج من الأزمة الاقتصادية الخانقة، التّي تعاني منها البلاد، بل يتنزل “ضمن إكراهات الجهات المانحة وفي إطار الالتزامات، التّي لابد من الإيفاء بها إلى حين إيجاد حلول جذرية”.

وأكّد بن منصور، في السياق ذاته، أنّ هذا المنهج المعتمد سيتواصل على مدى السنوات القادمة، إذ من المنتظر ان يتراكم الدين العام خلال سنة 2024، حوالي 140 مليار دينار اي ما يعادل 79،8 بالمائة من الناتج المحلي الاجمالي.

وطالبت النائبة عن كتلة صوت الجمهورية، أمال المدب، بتنقيح القانون الاساسي للبنك المركزي برمته وعدم الاقتصار على تنقيح بعض الفصول منه، للظفر بقانون متوازن وناجع يقدم الحلول الحقيقية، علاوة على التعجيل باصدار مجلة الصرف وقانون الاستثمار، والتي من شأنها بناء منوال اقتصادي واجتماعي جديد.

ونبه النائب عن كتلة الامانة والعمل، حسام محجوب، من صعوبة الوضع الاقتصادي والمالي، نتيجة لما وصفه “بالسياسات اللاوطنية، التي وقع اتباعها خلال السنوات الماضية وارتهان البلاد بالقروض الاستهلاكية والارتماء في احضان الجهات المانحة التي اصبحت تهدد السلم الاهلي والاستقرار الاجتماعي”.

وذكر محجوب، بالسياسة العامة، التّي تنتهجها البلاد في المرحلة الراهنة، والمتمثلة في التعويل على الذات والموارد والمقدرات الوطنية ووضع حد لسياسة الارتهان، للخروج من هذه الوضعية.

وحث محجوب في هذا الصدد، على وجوب مراجعة القانون عدد 35 لسنة 2016، كي يتسنى للبنك المركزي التونسي منح تسهيلات، لفائدة الخزينة العامة للدولة، في شكل كشوفات او قروض او يقتني بصفة مباشرة سندات تصدرها الدولة، فضلا عن المراجعة العاجلة للقانون الاساسي عدد 15 لسنة 2019، المتعلق بالقانون الاساسي للميزانية، لاسيما، وان هذا القانون لا يتماشى والسياسة العامة للدولة واهداف دستور 25 جويلية 2022.

من جانبه استنكر النائب عن كتلة الخط الوطني السيادي، عبد الرزاق عويدات، “اقتراض الحكومة من البنوك التجارية وعدم اقتراضها مباشرة من البنك المركزي لتمويل الميزانية، والذي لا يمس من استقلاليته للحفاظ على السياسة النقدية في تونس، بل يساعد على تمكين الخزينة العامة من اموال دون دفع فوائض زائدة للبنوك التجارية”.

وشدد عويدات، في هذا الشأن، على ضرورة القيام بالاصلاحات الكبرى والعميقة والشاملة في القطاعات المنتجة كي تتحول من مؤسسات فاشلة وخاسرة الى مؤسسات تنعش الخزينة العامة وادماج الاقتصاد الموازي في الاقتصاد المنظم، الى جانب القطع مع منطق استسهال الاقتراض وغياب التعويل على الذات، الذي توخته الدولة منذ سنة 2012، بغاية تحسن مواردها وتحقيق الانتعاش الاقتصادي المرجو.

وكان نواب الشعب انطلقوا بعد ظهر، الثلاثاء، في مناقشة مشروع القانون المتعلق بالترخيص للبنك المركزي التونسي في منح تسهيلات لفائدة الخزينة العامة للبلاد التونسية بقيمة 7 مليار دينار، في اطار جلسة عامّة.

وبحسب نصّ مشروع القانون، المنشور على موقع المجلس، فإنّ هذه القيمة، التي ستخصص لتمويل جزء من عجز ميزانية الدولة لسنة 2024، سيقع سدادها على مدى 10 سنوات منها 3 سنوات إمهال ودون توظيف فوائد.

والجدير بالذكر أن محافظ البنك المركزي التونسي، مروان العباسي، أكّد يوم 31 جانفي 2024 بمجلس نواب الشعب على مستوى لجنة المالية والميزانية أن القسط الأوّل من القرض (3 مليار دينار)، الذّي تنوي الحكومة اقتراضه من مؤسّسة الإصدار لن يكون له انعكاسات تضخمية لكنّه سيؤدّي إلى تراجع المدخرات من العملة الصعبة للبلاد بما يعادل 14 يوم توريد كما سيكون له تأثير على معدل الصرف.

من جهتها أكّدت وزيرة المالية، سهام البوغديري، لدى تدخلها على مستوى لجنة المالية والميزانية، أيضا، أنّ اللجوء إلى البنك المركزي التونسي سيمكن من سداد دين بقيمة 3 مليار دينار بعنوان قروض رقاعية صادرة بالسوق المالية العالمية منذ فيفري 2017.

في ما اعتبر الجامعي التونسي المقيم بكندا، مختار لعماري، أن الإجراء المتعلّق باللجوء إلى الحصول على تسهيلات من البنك المركزي لفائدة الخزينة العامّة للبلاد التونسيّة يعد “الأخطر” من بين الإجراءات واعتبر أنّه كان من الأجدى على الدولة “التقليص من حجم الوظيفة العمومية والهدر” عوضا عن “اللجوء إلى البنك المركزي لسداد الديون والعجز”.

وبحسب لعماري فإنّ لهذا الإجراء عديد الإنعكاسات السلبية على الاقتصاد من ذلك التسريع من معدل التضخم وتراجع قيمة الدينار وتدهور الاستثمار…