في كل سنة من شهر ماي، يعود الحراك الصوفي والروحاني الى فضاء زاوية سيدي علي الحطاب بالمرناقية، وتهتز جدران بنايته التي يعود تشييد نواتها الأولى إلى القرن 13م، على أهازيج الأذكار والأدعية ودق الدفوف وقرع الطبول، وقرقعات “شقاشق” السطمبالي وعلى حوافر خيول الألعاب الفروسية، وعلى اللوحات الكوريغرافية الروحانية التي ترافق العادة الحطابية من خرجة وزيارة وحضرة وخمارة منذ عشرات السنوات..

نهاية مدة 36 أسبوعا تكون خاتمتها آخر خميس في شهر ماي من كل سنة وهي تاريخ العمل الحطابي والخرجة التي تكون في سيدي علي الحطاب، ليفتح أبوابه لمريديه لتنظيم فعاليات الخرجة التي جرت فعالياتها مساء الخميس المنقضي بعرض لعيساوية اريانة وعرض في الفروسية، وذلك ضمن برنامج تمهيدي للمهرجان في دورته ال46 الذي ينطلق فعليا يوم 27 ماي الجاري تحت اشراف ولاية منوبة والمندوبية الجهوية للشؤون الثقافية.
دورة جديدة، افتتحت اليوم الاثنين، باشراف وزير الشؤون الدينية براهيم الشائبي ووالي منوبة ، لتشمل عروضا وفقرات متنوعة جمعت بين الديني والثقافي والاقتصادي، لترتقي بما يعرف في اذهان رواد ومريدي المقام بالزردة التي حصرته في الطقوس الروحانية والأكل ، الى الحدث الثقافي الفني والتراثي الذي يلقى الإقبال الجماهيري الكبير من منوبة ومختلف الولايات المجاورة.

وافتتح الوزير معرضا للصناعات التقليدية، وواكب عروضا لأنشطة ثقافية ورياضية وفنية مختلفة منها الإنشاد الديني وألعاب الفروسية واستعراضات وتوج عدد من الأطفال والنساء الناشطين ضمن الجمعية القرآنية بمقر الزاوية، وأكد بالمناسبة في كلمة الافتتاح تنوع محتوى المهرجان الذي يحمل اسم القطب العلم الصوفي الشهير سيدي علي الحطاب، بين العروض الفلكلورية والصوفية والمدائح والأذكار والجانب العلمي والأكاديمي من خلال محاضرات والمسامرات،معتبرا إياه نقطة اشعاع تميّز المرناقية وولاية منوبة
تؤثث سهرات المهرجان الذي يتواصل الى 30 ماي الجاري، في الجانب الثقافي والروحاني ، عدد من العروض منها عرض السطمبالي، وعرض الغرقة النسائية بقيادة الفنانة دجلة ، وعرض فرقة الأقطاب بقيادة لطفي الطرابلسي ، وعرض الفرقة النسائية المنوبية ، ثم عرض فني ساهر لوليد الصالحي وفق تصريح مدير المهرجان محمد علي العوني لوات.

كما تؤمن سهراته فرق سيدي بوعلي نفطة، وسلامية سيدي علي الحطاب و “العيساوية” و”القادرية” و”الحضرة” التي تتنوع فيها لوحات التمايل الصوفي والإنشاد والذكر، وذلك بعد تاثيث عيساويات ، اريانة وسيدي داود والمرسى وسيدي الحاري(العاصمة) سهرات البرنامج التمهيدي منذ بداية هذا الشهر.
و برمجت الهيئة ايضا، عروضا في الفنون الشعبية والعاب الفروسية وأداء جمعيات الرياضات الفردية، فضلا عن المسابقات الدينية ، القراءات الشعرية ومحاضرة حول الولي” حياة الولي ومناقبه ودور الأولياء الصالحين في نشر الفكر الصوفي في المغرب الإسلامي”.
وفي التزام بالحراك الاقتصادي ومساهمة المهرجان في خلق فرص لترويج سلعهم ومنتوجاتهم وخاصة الحلويات التقليدية ومختلف الابتكارات، برمجت هيئة المهرجان معارض للصناعات التقليدية والمنتوجات الغذائية، بالشراكة مع المندوبية الجهوية للصناعات التقليدية.
يشار ان علي الحطاب، هو أحد أبرز أقطاب التصوّف بإفريقيّة الذين ظهروا في القرن 13 ميلادي، لُقّب بالحطّاب نسبة إلى امتهانه التّحطيب، سكن في منطلق حياته بمنطقة تعرف سابقا ب”شاذلة” بقرب المرناقية مقام ضريحه حاليا، والذي يشمل زاوية ومصلى وفضائه الشاسع ذو القباب الدائرية ذات الهندسة العثمانية، والتي يتطلع اهالي المنطقة الى صيانتها وترميم المهدد منها حتى تحافظ على بريقها التاريخي، وذلك بعد تحسين مدخل المقام وتركيز نافورة من قبل بلدية البساتين(الفجة).