ضمن البحث على التفرد وصنع الحدث الثقافي الجماهيري، وفي خطوة غير مسبوقة لتقريب الأدب من قلب الشارع، احتضنت مدينة أكودة صباح يوم السبت 21 سبتمبر 2024، لقاءا ثقافيا استثنائيا بعنوان “كاتب وكتاب على قارعة الطريق”، جمع بين الكاتب والشاعر منذر العيني ومحبي الإبداع في فضاء مفتوح بعيدا عن جدران القاعات المغلقة. هذا الموعد الأدبي الفريد، الذي انتظم في مقهى “Pause café” بشارع البيئة، جاء بدعوة من الشاعر جلال باباي، رئيس صالون “الشجرة” الثقافي، الذي لطالما سعى إلى تقديم الثقافة بطريقة مبتكرة وجعلها في متناول الجميع. على وقع الكلمات وتحت سماء مدينة أكودة الصافية، تعالت القراءات الشعرية والقصصية في فضاء المقهى، ليعيش الحضور لحظات ملهمة مع إبداعات منذر العيني، الذي قدم إصداريه الجديدين “كوسميتيك” و”الهوامش”، لتمثٌل هذه المناسبة فرصة فريدة ليس فقط لتوقيع الكتب، بل لإقامة حوار مفتوح، بين الكاتب والمتلقي على رصيف المقهى، حيث تداخلت الأسئلة مع القصائد، وانبثقت الحوارات من عمق النصوص.

 إن ما يميز هذا اللقاء هو كسر الحواجز التقليدية بين الكاتب وجمهوره، حيث تم نقل الأدب من رفوف المكتبات البعيدة إلى قلب الشارع، ليصبح الكتاب متاحا لمن يمرٌ عابرا أو لمن يبحث عن لحظة استراحة مع الإبداع. هذه المبادرة، التي تفتح باب الأدب للجميع، تعكس رؤية جديدة لتسويق الأدب التونسي وإخراجه من أروقة القاعات المألوفة، لتصبح الكلمة الحرة سيدة الفضاء العام.

 وقد تبادل الحاضرون الأفكار والانطباعات مع الكاتب في جو من الألفة والتفاعل المباشر. ليست هذه الأصبوحة مجرد حدث ثقافي عابر، بل هي تجسيد لرغبة حقيقية في إعادة الأدب إلى مكانه الطبيعي: بين الناس، في الشوارع والمقاهي، حيث يمكن لكل عابر أن يشارك في لحظة إبداعية مميزة.

 من خلال هذا اللقاء، أثبت صالون “الشجرة” أن الأدب لا يحتاج إلى مسارح أو منصات رسمية ليكون قويا ومؤثرًا. في الفضاء المفتوح، يلتقي الكتاب مع جمهور مختلف، ويتحول المقهى إلى منبر للكلمة الحرة. ومنذر العيني، بصوته الشعري الفريد، كان سفيرا لهذا النوع الجديد من التواصل الثقافي، مجسدا بقصائده قصصا تعيش في الشارع وتحاكي واقع الناس وتعكس نبضات أليومي المعيش.

 متابعة  إلياس صبري جمال