وأخيرا، يحقق النادي البنزرتي فوزه الأول بعد 11  جولة.. كان فيها بلا قوة ولا حول…  انتصار اليوم كان صعب التحقيق..  بل كدنا نقول ونحن نتابع شوطَي اللقاء ان المباراة ستنتهي بتعادل آخر في طعم الهزيمة… انتصار اليوم حصل أمام متذيل الترتيب منذ بداية الموسم، قوافل قفصة، والنادي البنزرتي كان قبله في الترتيب بمركز واحد بفارق نقطة وحيدة في الرصيد..

انتصار جاء في الدقيقة 90، أي في اللحظات الأخيرة قبل نهاية المباراة.. تحقق بفضل هدف من ضربة جزاء أعلنها الحكم أمير لوصيف في الدقيقة 88 والسينغالي عبدو سايدي كان له شرف تجسيمها ليضع حدا لسلسلة الإنهزامات والتعادلات التي عرفها فريق القرش البنزرتي..

“المصيبة” كانت ستكون كبيرة جدا في ذهن كل محب لو عجز أبناء بنزرت عشية اليوم عن تحقيق الفوز،  ذلك أن كل الأنصار في بنزرت قالوا قبل المباراة ضد القوافل : “إذا لا ينجح الفريق في تخطي عتبة فريق آخر الترتيب، وصاحب أضعف خط دفاع، بالإنتصار عليه، فحريٌّ بنا أن نفكر من الآن في الموسم القادم في المحترفة الثانية”..

انتصار اليوم لم يكن مصحوبا بالإقناع في الأداء الفردي والجماعي.. وإذا كان الجميع قد تخيّلوا أن المباراة ضد القفاصة ستكون سهلة، فهم مخطئون، لأنهم يرون فريقهم اليوم بصورة الفريق العتيد قبل سنوات طوال الذي لم يكن يصمد أمامه أي منافس لوقت طويل في كل مباراة في ملعب “الكانز”…  ذلك أن فريق هذا الموسم لاعبوه محدودو القدرات والمهارات وقليلو التجربة في معظمهم في خوض منافسات المحترفة الاولى..

وإذا كان بعض الفنيين قد ردّدوا من قبل أن مشكلة فريق السي آ بي هي في الممرنين، فهم مخطئون لأننا ها قد رأينا ثلاثة ممرنين قد مروا بالفريق، وهذا الحيدوسي رابعهم، في ظرف 10 جولات من مرحلة الذهاب من الموسم الحالي، ونوعية الأداء الفردي والجماعي بقيت كما هي.. أخطاء كثيرة في الدفاع.. ضعف في خط الوسط.. وصيام الهجوم عن التهديف بسبب عدم قدرة اللاعبين على حلق الفرص السانحة للتسجيل..

إذن، مشكل النادي البنزرتي تكمن في تواضع إمكانيات لاعبيه من الناحية الفنية..  ولاعبون بهذه الخاصية السلبية يستوجب الأمر أن يكون لهم ممرن يعرفهم جيدا فردا فردا ويعرف كيف يؤلف بين مهاراتهم المتواضعة ليصنع منهم مجموعة كلها متوازنة ومتكاملة فيما بينها، وبلياقة بدنية هائلة تخوّل لهم أن يكونوا في الدفاع بأكثر عدد عند كل هجمة يقوم بها المنافس..

وفي الوسط يكونون السبّاقين في افتكاك الكرة وفي إيصالها إلى الهجوم..

وفي الخط الأمامي يكونون بحضور مكثف لتهديد مرمى كل منافس..

هذا الأسلوب في اللعب اذكر أننا شهدناه في النادي البنزرتي بين موسمين في بداية ثمانينيات القرن الماضي حيث لعب النادي في موسم 81-82 من أجل تفادي النزول..

وفي الموسم الذي تلاه تذبذبت بعض النتائج في بداية مرحلة الذهاب ثم استقامت الحالة بعد أن كانت معوجّة حيث وجد الفريق توازنه في مستوى الخطوط الثلاثة فكان الدفاع الكلي والهجوم الكلي على امتداد ردهات كل مباراة.. وكانت النتيجة الممتازة جدا التي جعلت الفريق يحتل المرتبة الثالثة عند نهاية الموسم..

وفي الموسم الموالي، 83-84، تواصل العمل بنفس الطريقة حتى كان إحراز اسد البطولة، وهو ثاني تتويج للبنزرتي بعد الإستقلال، بقيادة يوسف الزواوي كمدرب اول، بعد إحراز كأس تونس في 81-82، والممرن آنذاك هو مختار التليلي..

فهل أن التاريخ سيعيد نفسه في هذا الموسم فنرى النادي البنزرتي بعد الإنتصار في مباراة قوافل قفصة قد استعاد عافيته الفنية ؟..

لننتظر حتى نقف على ذلك في المباراة القادمة أمام متصدر الطليعة.

الحبيب العربي