ضاعفنا من جرعة تفحٌصنا بكل تروّ لما تضمنته قماشة العمل الفني المدهش للفنانة التشكيلية: فاتن سقة، المعروضة بصالون الرواق ضمن لقاء إبداعي جماعي اختزله المشرفون على فضاء الرواق بسوسة جوهرة في “الفن الحديث” متضمٌنا لوحات لقرابة خمسة عشر رسامة بمختلف التقنيات وبشتى المناخات.

– لوحة ” الجسد المشوه ” إستلهمتها من أعمال الفنان فلادمير فلسكوفيك. حيث يتربّص الطائر الأسود(الغراب) بؤبؤ اللوحة ليعكس الشعور بالفقدان ثم وفي نفس الوقت هو تمثّل للرموز العالمية ذات علاقة بالموت وكأنّ الفاجعة تفتح بابا لقراءة أشمل عن العنف الذي يطارد الإنسانية في كل مكان، فيظلّ الطائر هو الشاهد الصامت. أمّا العين فتمثل قسوة النظرة في مواجهتها للمتلقي لتجسد المراقبة الدائمة والصراع بين الداخل و الخارج، أما علبة السجائر المطروحة أسفل القماشة فهي إشارة إلى العنف اليومي والجريمة المتجذرة في الحياة فتعيد الحادثة إلى سياقها المحلي وكأنها تقول إن الواقعة من رحم هذا المكان. في حين يطال سواد اللوحة آلة السكين في حدّتها لتظفر بدور أداة الجريمة رمز للعنف والانفصال.

استخدمت الفنانة ضمن روايتها التشكيلية والتراجيدية اللون الأزرق الداكن كخلفية رئيسية حتى تعطي اللوحة طابعا من العمق و شدّة البرد مع تداخل على مستوى الرسم الخطي اللون والشكل في تقاطع وافتراق.

– الطاقة الديمانكية : كالخطوط العشوائية والحركات الدائرية والأشكال من أجل أن تُولّد إحساسا بالحركة والصراع والفوضى مما يعطي اللوحة طابعا حيا نابضا.

– صرخة بصريّة خانقة: تمثل وبلا منازع هذه اللوحة المميزة خطابا بصريا شعريا وتعبيرا عن العنف والظلم من خلال تفكيك الواقع إلى رموز فوضوية شبيهة بكابوس ثم إعادة بنائها في نظام جمالي معبر. إنها صرخة بصرية خالقة تُوازِنٌ بين الجمود والحركة وإحساس شديد بالمقاومة في آن واحد .

– : الرسم في عالم متقلب وعاصف بالوجع: هي مشهدية حقيقية وواقعية لأثر معيش يلازم ذاكرة الفنانة منذ زمن. هكذا وبمرارة الشعور وحساسية الرسامة المرهفة صاغت لنا بفرشاتها دموية مشهد منحوت في ذاكرتها لتختزله تحت عنوان :”أوجاع العالم” تثبيتا لحالة بعض الناس والوجع الذي ينتابهم بالإقامة في عالم متقلّب وعاصف لينقلب الرسم عند الفنانة فاتن سقة مأساة أو لا يكون.

بقلم: جلال باباي