أكد وزير السياحة والصناعات التقليدية، محمد المعز بلحسين، السبت، ضرورة تكاتف الجهود مركزيا وجهويا من أجل إيجاد حلول عملية لإعادة الحياة لبناية “القشلة” بالبطان من ولاية منوبة ليس فقط بالترميم بل بوضع برنامج استغلالها ضمن المسلك السياحي والثقافي، وادراجها ضمن مبادرة الطريق السينمائي Ciné Trip Tunisia….
وتسعى وزارة السياحة من خلال مبادرة الطريق السينمائي إلى جذب السيّاح على المستوى المحلي والاجانب المتحمّسين للسياحة الثقافية لاكتشاف مواقع التصوير للأفلام المشهورة عالميا.
والجدير بالذكر أنّ قشلة البطان معلم تاريخي تمّ تأمين محيطه بحواجز وتركيز علامات تحذير المارة وأصحاب السيّارات في ظل ما تشكله من خطر انهيار أجزاء منه، وذلك منذ ديسمبر 2023. وتمّ تخصيص قيمة 200 ألف دينار لحمايته من مياه الأمطار، مبدئيا، في انتظار إيجاد الحلول الجذرية، خاصّة وأنّ عمليّة ترميم المعلم تتطلب اعتمادات هامّة.
واطلع بلحسين خلال زيارته للمنطقة، وفي اطار افتتاحه الدورة الثانية من مهرجان” الشاشية بالبطان تحت شعار “تراثنا رؤية تتطور تشريعات تواكب”، على عرض بخصوص “القشلة”، التي يعود تاريخ بناء قبابها، وقصر بن عيّاد الى سنة 1642 من قبل عثمان داي قائد الجيش الانكشاري في العهد العثماني.
وكانت البناية ذاتها تضم مصنعا “للملف” في طابقها الارضي، وفق ما ورد في كتاب “إتحاف أهل الزمان”، لأحمد ابن أبي ضياف، بني في سنة 1844 في عهد المشير أحمد باي. وبحسب المصدر ذاته فقد كان المصنع يحتوي على 2422 “ماكينة” تعمل بالطاقة المائية قوّتها تقدّر بإثني عشرة حصانا بخاريا ويشغل مئات العمّال التونسيين. ووجّه إنتاج المصنع، في مرحلة أولى لتلبية حاجيات الجيش من لباس عسكري رفيع ثم في مرحلة أخرى أصبح يصدر فائض الإنتاج نحو إيطاليا.
وألحقت بالبناية إضافات خلال الفترة الاستعمارية وشيّدت بها ثكنة عسكرية للجيش الفرنسي بين 1883 إلى حدود 1945، وفي سنة 1949 ادرجت تحت إشراف وزارة الفلاحة، التّي وظفتها كمركز لفائدة المؤسسة الوطنية لتحسين وتجويد الخيل.
وتمكنت البناية التاريخية من الصمود طيلة قرون وحافظت على مكوّناتها وزخرفتها الشاهدة على تمازج العمارة المدنية العثمانية بتونس والفن الايطالي والأندلسي، وعلى مكوّناتها من أقواس دائرية واقباء متقاطعة ونوافذ مستطيلة الشكل ودريباتها وصحونها وقبابها من الجهتين.