
كاميرا البيان: رياض الغربي
في “دردشة فنية” يوم الخميس 6 مارس 2025 بمركز الموسيقى العربية والمتوسطية “النجمة الزهراء” ودضمن برمجة الدورة الثالثة والعشرين لمهرجان الأغنية التونسية انعقد لقاء جمع كل الأطراف الفاعلة في القطاع الموسيقي ومن مختلف الأجيال الفنية وذلك بحضور وزيرة الشؤون الثقافية السيدة أمينة الصرافي والسيد الطاهر القيزاني مدير مهرجان الأغنية التونسية وممثلي وسائل الإعلام المختلفة.

هذا اللقاء الفني والفكري والذي تمحور حول إشكاليات القطاع الموسيقي في تونس أداره الإعلامي شاكر بسباس تحت عنوان “الأغنية التونسية إلى أين”. ومن منطلقات نقاش “الدردشة الفنية” كانت تساؤلات حول معايير الأغنية الناجحة وهل يفرض العصر مفهوم آخر للذوق العام؟ وهل كلمات الأغنية ثابتة أو متحولة حسب المكان والزمان وهل مازال هناك دور لوسائل الاعلام التقليدية في انتشار الأغنية في زمن الذكاء الاصطناعي وهل حافظ نمط ” الراب ” على الهوية التونسية؟ وغيرها من المحاور والاشكاليات المرتبطة بواقع الأغنية التونسية وصناعة الموسيقي في بلادنا.


واستهل الفنان شكري بوزيان النقاش في “الدردشة الفنية” مشددا في حديثه على أهمية الإنتاج الغنائي الحالي للفنانين التونسيين وأن العائق الأكبر أمام صناع الموسيقى والمغني في تونس هو كيفية ترويج لهذا المنتوج الإبداعي فيما ذهب الدكتور الشاعر علي الورتاني لمسألة لا تقل أهمية وهي الكلمة المغناة وأرجع تراجع الأغنية التونسية في العقدين الأخيرين لتدهور مستوى الشعر الغنائي مستعينا في حديثه بعبارات محمود المسعدي “الغناء التونسي يعوزه أصحاب الكلمات” ومؤكدا على أهمية الرقابة على الكلمة حتلا نرتقي بالذائقة الفنية.
من جهته، طالب أرمستا بدعم مختلف الأنماط الموسيقية في تونس نافيا أن يكون المغنى في بلادنا هو فقط الموسيقى الوترية مشيدا في هذا السياق بنجاحات فناني الراب وغيرها من التعبيرات الإيقاعية من الروك والبوب والريغي والهيب هوب كما أرجع جماهيرية الموسيقى الشعبية لقصص مؤديها وملامسة كلماتهم لواقع المجتمع التونسي.


الفنان نور الدين الباجي أقر بأن المغني في تونس لم يؤدي واجبه كمطرب وأن قطاع الموسيقي ومنظومته في حاجة لتطوير ووضع استراتيجيات تدعم الإنتاج الغنائي مشيرا إلى تجارب سابقة بعضها ساهم في انتعاش الأغنية التونسية وبعضها الآخر كان سببا في ركودها.
البحث في استراتيجيات أكثر تطورا لدفع حراك الأغنية التونسية على مستوى الإنتاج وتوزيع والتسويق كان المحور الأساسي كذلك لمداخلة الفنان سفيان سفطة والذي انطلق من تجربته الخاصة على امتداد عشرين سنة في المجال الفني.
وعاتب ماهر الهمامي نقيب المهن الموسيقية والمهن المجاورة في مداخلته وسائل الإعلام السمعية البصرية وتحديدا الخاصة منها على تجاهلها للمنتوج الغنائي التونسي على مستوى البث والبرمجة مستعينا في السياق بأرقام تدعم موقفه والتي كشفت عن نسب منخفضة لحضور الأغنية التونسية في الإذاعات الخاصة لا تتجاوز 5 بالمائة فيما تتراوح بين 70 بالمائة و90 بالمائة في الإذاعات العمومية.


أمّا السيدة سلوى بن حفيظ المديرة العامة لمركز الموسيقى العربية والمتوسطية فأكدت أن الأزمة في المرجعيات وتحديدا على مستوى الذوق مبينة وجهة نظرها بأن نوادي الموسيقي في فترة الستينيات كانت دافعا لتطوير المغنى والذائقة الفني فيما اليوم نعيش فراغا على مستوى الذوق المرجعي وبالتالي أصبحت كل الانتاجات الغنائية متشابهة وفاقدة للهوية والخصوصية.
الأستاذ المحاضر في العلوم الموسيقية محمد سيف الله بن عبد الرزاق أقر بدوره بوجود أزمة عالمية على مستوى الغناء ومختلف أنماطه وفي تونس لا ترتبط الأزمة وفقا لوجهة نظره بالزمن الراهن ففي العشرينيات وغيرها كانت هناك إشكاليات وتساؤلات حول الأغنية التونسية مؤكدا في السياق أن لكل جيل مرجعيته الخاصة وعلى جيل اليوم من الفنانين العمل على تطوير الأغنية الوترية بالتماهي مع التطورات التكنولوجية على غرار مغني الراب الذين كانوا وفقا لقوله أكثر تفاعلا مع متطلبات العصر الحالي ونجحوا في تطوير انتاجاتهم الفنية وتسويقها.
وزيرة الشؤون الثقافية أمينة الصرارفي تحدثت للحضور في كلمة بسطت من خلالها الإشكاليات الحالية للقطاع وأسباب تراجع الأغنية التونسية اليوم مقارنة بالماضي وقالت في السياق: “أنا ابنة فنان وعشت زمن المحبة بين الأسرة الموسيقية من فنانين، شعراء وملحنين.. وهذه المحبة أثمرت منجز موسيقي هو إرثنا اليوم.. نحن في حاجة لعودة روح التلاحم والمحبة بين الفنانين لتطوير الأغنية التونسية”.
لقاء الفنانين والموسيقيين التونسيين في “دردشة فنية” حول مكانة ومستقبل الأغنية التونسية وآليات تطويرها الخميس 6 مارس 2025 بمركز الموسيقى العربية والمتوسطية “النجمة الزهراء” كان فرصة لتبادل وجهات النظر والأفكار لغايات وأهداف تتطلع للارتقاء بالأغنية التونسية.
للتذكير فإن “الدردشة الفنية” و”الركح المفتوح” من الفعاليات المبرمجة ضمن خيارات الدورة الثالثة والعشرين لمهرجان الأغنية التونسية ويفتتح سهراته المخصصة للمسابقات السبت 8 مارس 2025.


