البيان : جلال باباي
التقيناها افتراضيا عبر تجوالنا الممتع بين جنبات معرضها الشخصي الاخير بدار الثقافة نابل والذي جاء تحت عنوان رشيق : “علاقتي صدف مقصودة – 2 ” والمتفحص في رسوم ضيفتنا يعي جيٌدا ثقافتها الموسوعية بالفن التشكيلي وحرفيٌتها العالية في تعاملها مع المادة المستعملة وحسن استخدامها لبياض القماشة الذي طوٌعته حتى يتٌسع لحجم الفكرة المنتظرة وتنعكس على سطحها المحسوس مناخات الذات البشرية وداخلها النفسي غير الملموس، فتأثرت ضيفتنا الرسامة لمياء بن الشيخ ابراهيم بالمدرسة التونسية حيث تتلمذت على يد رواد الفن التونسي الحديث مثل المرحوم الحبيب شبيل والرسام محمد بن مفتاح ورشيد الفخفاخ وغيرهم كثر، و بالاخص استاذها المرجعي الاول في تكوينها التعبيري المرحوم رفيق الكامل وسي الهادي التركي .
ومن ثمٌة وعبر هذا الفسيفساء من المؤثرات والزخم من المرجعيات الهامة في الساحة التشكيلية تختار الرسامة لمياء بن الشيخ اسلوبها الخاص الذي يقوم اساسا حسب تقديرها على مادية التعبير وتعبيرية المادة كمعادل تشكيلي واساس بناء العمل وانشائية اللوحة تجميع وتوليف المواد المبتذلة كعنصر جاهز واداة تعبير تتفاعل وتتداخل مع المادة اللونية في انشائية العمل التشكيلي عبر الاختيارات لتعود بها الى انعكاس الواقع من فرط ايمانها بأن الفنان لا يمكن ان يكون ألا صورة لواقعه وانعكاسا له بطريقة أو بأخرى، لتتعدٌد بذلك القراءات والانطباعات في حنايا لوحات المعرض قصد العثور على مقاصدها التي رامت الرسامة لمياء ايصالها إلى قارئها المباغت او العابر فيتجاهلها او لم يعرها اهتماما عن غير قصد نظرا لمحدودية معرفته بنواميس انتشار الالوان في مربٌع الحركات التي تتارجح بها الفرشاة في كل الاتجاهات، ثم نتحوٌل إلى المتلقى الذكيٌ الفطن الذي يحاول إلى اقتلاع وتعرية المضامين التي قصدت نحتها على المحامل فيتجاوب معها ويتفاعل لتستقيم الرسوم استجابة وجدانية للمتلقي وبتلك المواصفات قرأنا العلاقة الثنائية بين قيمتي التاثير والتاثٌر والاعتراف بالتالي ان حياتنا هي جملة من الصدف المقصودة، او غير المدرجة في دفتر ودائرة حراكنا فيصبح المعيش الذي نحياه ونفترشه هو بمثابة كتلة من المواعيد التي لم ندرجها في جدولنا اليومي، لتزيد او تنقص في كمية الشعور بالحسي والعاطفي.
هي بذلك فلسفة الرسامة لمياء بن الشيخ ابراهيم التي حرصت ان تبلغنا إياها بواسطة رحلة قصدية لحوالي عشرين لوحة اشتغلت عليها لاكثر من سنة لتتحوٌل إلى مسرح معطٌر بشذى الربيع الزهيٌ تنعكس لترشدنا سبيل مشهدية مليئة بالبهجة ، طفت على المحامل في شكل لوحة فسيفسائية غنيٌة بالاحاسيس البصرية والمشاعر الهلامية، بالامكان ان تأوٌلها كما تشاء الذات المتأملة في خباياها وتشارك الفنانة هوسها بالفرشاة التي تهندس إحساسها المرهف.
ج. ب.