تمتّد ولاية القصرين على مساحة جملية تقدر بـ8260 كلم2 أي ما يعادل 5.1 بالمائة من المساحة الجملية للبلاد التونسية، ويبلغ عدد سكانها وفق تقديرات المعهد الوطني للإحصاء إلى حدود غرة جانفي 2023، إجمالي 465 ألفا و832 ساكنا.
وحسب التقسيم الجديد للأقاليم (الامر عدد 588 المؤرخ في 21 سبتمبر 2023)، تتبع ولاية القصرين الإقليم الثالث (يضم أيضا ولايات سليانة، وسوسة، والقيروان، والمنستير، والمهدية) وتحدّها 4 ولايات داخلية هي قفصة جنوبا، والكاف شمالا، وسليانة وسيدي بوزيد شرقا وتقع على شريط حدودي مع الجزائر على طول 220 كلم، كما يوجد بها معبران حدوديان بمعتمدية حيدرة وبمنطقة بوشبكة في معتمدية فريانة.
وتعتبر القصرين منطقة فلاحية بإمتياز، حيث تقدّر المساحة الجملية للأراضي الفلاحية بالجهة 770 ألف هكتار منها 360 ألف هكتار صالحة للزراعة، فيما تقدر المساحة الجملية للمراعي بـ80 ألف هكتار والمساحة السقوية بـ35 ألف هكتار منها 11 ألف هكتار مناطق سقوية عمومية.
كما تتميّز بالجهة بخصائص فريدة كرّستها طبيعة التربة والمناخ، ما مكّنها من إحتلال الصدارة في عدة منتجات على غرار التفاح، والفستق، والتين الشوكي، والزراعات الآخر فصلية (الطماطم)، ولا سيما البطاطا التي تزرع على مدار 5 فصول في السنة والمعروفة ببطاطا المرتفعات والتي تمثّل تجربة رائدة بالجهة، إلى جانب ما تتميّز به من فلاحة بيولوجية، وما توفّره من ثروة حيوانية هامّة.
وتنفرد ولاية القصرين أيضا بمخزون أثري هامّ يمثل حوالي 35 بالمائة من المخزون الأثري الوطني، حيث تضمّ 400 معلم، إلى جانب مواقع رومانية عديدة على غرار سفيطلة وأميدرة والسيليوم وتلابت، والّتي تؤرخ لحقبات تاريخية وحضارات متنوعة.
كما تحتوي الجهة على مواقع طبيعية إيكولوجية من أهمّها الحديقة الوطنية بالشعانبي، والسلاسل الجبلية، والمساحات الغابية، ومنبع المياه الجوفية الحارّة بمنطقة بولعابة في معتمدية القصرين الشمالية، إلى جانب تميّزها بنبتة الحلفاء المنتشرة على مساحات شاسعة تقدّر بـ179 ألف هكتار، وهو ما يفسّر تسميتها بمنطقة السباسب العليا، فضلا عن احتوائها على غطاء غابي كبير يمثل حوالي 25 بالمائة من الغطاء الغابي الوطني (يشتمل بالأساس على أشجار الصنوبر الحلبي).
وتزخر الجهة كذلك بمدخرات طبيعية متنوعة من مواد إنشائية كالرخام، والجبس، والطين، والرمل، وكربونات الكالسيوم، موزّعة على 40 موقعا بالولاية، الى جانب الموارد المائية القابلة للتعبئة والمقدرة بحوالي 272 مليون متر مكعب، فضلا عن مقوّمات الإنتاج الطاقي، حيث تضمّ حقلين للبترول بمنطقتي الدولاب وطم صميدة، مع إمكانيات واعدة لإحداث مشاريع لتوليد الكهرباء من الطاقات النظيفة والمتجدّدة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.
ورغم هذه المدّخرات والامكانيات، تشكو ربوع ولاية القصرين من صعوبات تنموية بالجملة، وتسجّل تدّن في مؤشراتها التنموية، فجلّ معتمدياتها (12 معتمدية) رتبت بعد المائتين من بين 264 معتمدية بالجمهورية من حيث مستوى مؤشرات التنمية الجهوية لسنة 2021.
كما تشهد ارتفاعا في نسبة البطالة التي فاقت 22 بالمائة مقابل معدّل وطني بـ 17.4 بالمائة، إلى جانب ارتفاع نسبة الفقر بها والمقدّرة بـ 33.6 بالمائة مقابل معدّل وطني بـ15.2 بالمائة، علاوة على ارتفاع نسبة الأمية بها والتي فاقت 32 بالمائة مقابل معدّل وطني بـ 19.1 بالمائة.
ويشكّل الطابع الريفي الذي تتميز به ولاية القصرين من خلال تمركز قرابة 60 بالمائة من سكّانها في الوسط الريفي، عائقا كبيرا أمام التجمعات السكنية الريفية النائية، وحائلا دون تمتّعها بحقها في المرافق الحياتية الضرورية والمؤسسات العمومية والخدماتية وشبكات الصرف الصحي والماء الصالح للشراب والغاز الطبيعي والإتصالات التي تقتصر في ولاية القصرين على المدن والمناطق الحضرية (44 بالمائة من السكّان).
كما تشكو المناطق الريفية بالجهة وجلّ العمادات من تهرئ بنيتها التحتية التي تمثل في أغلبها مسالك ريفية طينية وترابية وحجرية تشقها الأودية من كل جانب، فضلا عن ضعف التزوّد بالماء الصالح للشراب في بعض المناطق، وانعدام هذا المرفق الحيوي في مناطق أخرى منها منطقة اللطايفية من عمادة الصخيرات التابعة لمعتمدية فريانة التي تعاني منذ عقود من غياب هذا المرفق الحياتي ما دفع عددا هاما من سكانها إلى النزوح نحو المدن تاركين أراضيهم ومنازلهم.
وقد تسبب نقص وغياب مياه الشرب، والمناطق السقوية، وانعدام شبكة الطرقات، ونقص وسائل النقل في عزلة المناطق الريفية النائية وحال دون تثمين وتسويق منتوجها الفلاحي المتنوع.
ومن الإشكاليات التي عمّقت الوضع التنموي المتدني بالجهة، التعطل الملحوظ في إنجاز جل المشاريع العمومية المبرمجة منذ 2011 إلى اليوم، خاصة المشاريع الكبرى التي من شأنها فك عزلة الجهة وربطها بالأقطاب الإقتصادية الوطنية لتسهيل عملية جلب المستثمرين وتحسين مناخ الإستثمار بها.
ومن أهم هذه المشاريع مشروع الطريق السيارة تونس-جلمة عبر ولاية القيروان، ومشروع مضاعفة الطريق السريعة القصرين -صفاقس عبر ولاية سيدي بوزيد، ومشروعي تجديد الخط الخط الحديدي رقم 6 الرابط بين تونس والقصرين عبر الكاف و رقم 11 الذي يربط تونس بالقصرين والقصرين بسوسة عبر ولاية القيروان، إلى جانب مشروع منطقة التبادل التجاري الحرّ بوشبكة- بتلابت في معتمدية فريانة الذي حرصت الجهة على توفير العقار اللازم له على مساحة تقدر ب219 هكتارا، ومشروع المركز الدولي للتربصات الرياضية بالشعانبي المبرمج منذ سنة 2010 والّذي خصّص له المجلس الجهوي للولاية 30 هكتارا، ومشروع القرية السياحية بسبيطلة، ومشروع تهيئة القرية الاستشفائية للمياه الجوفية الحارة ببولعابة الذي خصّص له العقار المطلوب على مساحة تبلغ 58 هكتارا من ملك الدولة الخاص، ومشروع سدّ بولعابة الذي يكتسي أهمية كبيرة في تعبئة الموارد المائية للجهة، ومشروع المصب الجهوي المراقب والمراكز السبعة الملحقة به وهو مشروع من شأنه أن يساهم في معالجة المشاكل البيئية التي تعاني منها الولاية منذ سنوات.
ولمزيد استحثاث نسق التنمية وإحكام توظيف الإمكانيات المتاحة بها، تحتاج الجهة عدة تدابير وأولويات من أبرزها، وفق ما ذكره والي الجهة، رضا الركباني، في تصريح لوكالة تونس إفريقيا للأنباء، التسريع في استكمال تسوية الوضعية العقارية للأراضي الفلاحية التي تم رفع الصبغة الاشتراكية عنها، ومزيد إحكام تنظيم الأنشطة الاستخراجية (مقاطع الرخام) وذلك بربط الإستخراج بالتحويل على عين المكان وضبط طرق الإستخراج وكيفية الإستغلال للمحافظة على ديمومة المخزون، إضافة إلى إعادة النظر في منظومة تمويل الإستثمار لا سيما في ما يتعلق بإحداث خطّ تمويل خاص بالباعثين الشبان، ودعم شركات ذات رأس مال المخاطرة، وتسريع إنجاز بنك الجهات، إضافة إلى إدخال الأراضي الفلاحية المهيكلة في برنامج توزيع مقاسم فلاحية للفلاحين الشبان، مع تطوير شبكة القطب الصناعي التكنولوجي بالجهة الى قطب تكنولوجي يهتم أساسا بإختصاصات الصناعة بالولاية.
كما يتطلب دفع عجلة التنمية بالجهة، وفق ذات المصدر، مزيد تحفيز الأنشطة ذات القيمة المضافة داخل مناطق الإنتاج، وإعادة النظر في الحوافز المسندة للولاية من خلال قوانين ذات علاقة بالإستثمار والتي تؤثر خاصة على تكلفة الانتاج مثل الكهرباء والماء ونسبة الفائدة البنكية، إلى جانب دعم شركة التنمية الإقتصادية بالقصرين لتطوير مساهمتها في دفع الاستثمار الخاص بالجهة.
يذكر أن ولاية القصرين تضم 106 دوائر انتخابية و106 عمادات بها 310 مراكز اقتراع موزعة على كافة معتمديات الولاية الـ13، منها 7 مراكز جديدة أضيفت بمناسبة المحطة الانتخابية المرتقبة، علما أنّ ناخبي الجهة المسجلين الى حدود تاريخ 21 أكتوبر 2023، تجاوز الـ355 ألف ناخب مسجل.
(وكالة تونس افريقيا للانباء)