(وات/أجرى الحوار خميس بن بريك)
قال المدير العام للمعهد الوطني للإحصاء عدنان الأسود، “إن الإطار التشريعي للمنظومة الإحصائية في تونس يحتاج للتنقيح لإضفاء المزيد من النجاعة على المنظومة الإحصائية حتى تتماشى مع المعايير الدولية والتحولات التكنولوجية الحديثة”.…
وكشف في حوار خاص بوكالة تونس أفريقيا للأنباء عن الشروع في إنجاز التعداد العام للسكان والسكنى نهاية سنة 2024.
واشار المدير العام للمعهد، الى ان المسح الوطني حول العنف ضد المرأة الذي نشره المعهد لأول مرة، الخميس الماضي، أظهر أن العنف المسلط على المرأة مستفحل في المجتمع التونسي، اذ كشف المسح أن 85 بالمائة من النساء المستوجبات قد تعرضن للعنف خلال حياتهن.
وفيما يلي الحوار:
نشر المعهد الوطني للإحصاء أول مسح وطني حول العنف ضد المرأة. ما الدافع وراء ذلك؟
لمسنا تعطشا كبيرا من قبل مستعملي المعلومة الإحصائية سواء من الهياكل العمومية أو المجتمع المدني أو المنظمات الدولية لمعرفة مدى تنامي ظاهرة العنف ضد المرأة في تونس. وقليلة هي المسوحات المنجزة حول هذا الموضوع حيث سبق للديوان الوطني للأسرة والعمران البشري أن نشر مسحا متعلقا بهذه الظاهرة في سنة 2010، تلاه مسح آخر أنجزه مركز البحوث والدراسات والتوثيق والإعلام حول المرأة (الكريديف) في سنة 2016، وبالتالي كان هناك فراغا جعلنا ننجز المسح الوطني الأول حول العنف ضد المرأة بين شهري نوفمبر وديسمبر في سنة 2022.
ونأمل أن تمكّن نتائج هذا المسح من توجيه السياسات والبرامج الموجهة لمكافحة العنف ضد المرأة خاصة بعد سن القانون عدد 58 لسنة 2017 المتعلق بمناهضة العنف ضد المرأة.
ما مدى انتشار ظاهرة العنف ضد المرأة في تونس بناء على ما ورد من نتائج لهذا المسح؟
بينت الأرقام أن ظاهرة العنف المسلط على المرأة متفشية في المجتمع التونسي، فقرابة 85 بالمائة من النساء المستجوبات اللاتي تتراوح أعمارهن بين 15 و74 سنة في كامل البلاد تعرضن للعنف بمختلف أشكاله على الأقل مرّة منذ سنّ الخامسة عشر، في حين كشفت 57 بالمائة من النساء أي أكثر من نصف المستوجبات عن تعرضهن للعنف خلال السنة التي سبقت إنجاز هذا المسح.
كما كشفت الأرقام عن تعرض 43 بالمائة من النساء المستوجبات سواء كن متزوجات أو أرامل أو مطلقات إلى العنف الزوجي من قبل أزواجهن الحاليين أو السابقين، وذلك خلال السنة التي سبقت إنجاز المسح.
هل تفكرون في إنجاز المسح حول العنف ضد المرأة بشكل دوري ومنتظم، مستقبلا؟
بكل تأكيد نحن نرى أنه من الضروري إنجاز هذا المسح بطريقة دورية منتظمة لمتابعة مدى تطور ظاهرة العنف ضد المرأة، ونأمل أن تكون دورية إصدار مثل هذا المسح خلال كل خمس سنوات.
من قام بتمويل هذا المسح؟
لقد تم تمويل هذا المسح من النفقات العمومية أي من الموازنة المرصودة للمعهد الوطني للإحصاء.
البعض ينتقد المعهد لاقتصار عمله على نشر معلومات إحصائية تتعلق مثلا بالتضخم والبطالة والتجارة الخارجية دون الغوص في ظواهر مجتمعية كالعنف أو الانقطاع عن التعليم. ألا تعتقدون أن هناك نقصا في المعلومة الإحصائية؟
المعلومة الإحصائية للمعهد الوطني للإحصاء تغطي العديد من المجالات ولا تقتصر فقط على التضخم والبطالة والتجارة الخارجية وإنما تطرق إلى ظواهر عدة على غرار المسح الوطني حول الهجرة أو المسح الوطني العنقودي متعدد المؤشرات حول وضع الأم والطفل بتونس والفقر وغيرها، ولكن لا ننفي أن هناك بعض النقائص التي نعمل على تلافيها على مستوى نشر بعض الإحصاءات بصفة دورية.
هل يواجه المعهد الوطني للإحصاء نقصا في الموارد البشرية أو المادية لتوفير المعلومة الإحصائية بالشكل المطلوب؟
هناك نقصا خاصة في الموارد البشرية،غير أن الدولة وافقت على فتح مناظرة خارجية لانتداب 10 مهندسين لتعزيز فريق العملالعام الجاري وإعطاء نفس جديد للمعهد، أما بالنسبة للموارد المالية فالدولة تقوم بضخ موارد مالية هامة لإنجاز معلومات إحصائية حسب برنامج المعهد.
كيف تقيمون المنظومة الإحصائية في تونس؟ وما سبل تطويرها في المستقبل؟
المنظومة الإحصائية في البلاد تشمل العديد من الأطراف المتدخلة على غرار المعهد الوطني للإحصاء والبنك المركزي التونسي والوزارات والمراصد الوطنية التي تقوم بنشر الإحصاءات في مختلف المجالات.
وينظم القانون عدد 32 لسنة 1999 المنظومة الوطنية للإحصاء وهو قانون سباق في وقته ومتقدم مقارنة بتشريعات دول أخرى في المنطقة، ولكن اليوم مضى على هذا القانون 25 عاما وهو يحتاج إلى مراجعة وتنقيح من أجل إضفاء مزيد من النجاعة على المنظومة الإحصائية وحتى تستجيب المعلومة الإحصائية للمعايير الدولية خاصة في ظل استخدام التكنولوجيات الحديثة لتحليل البيانات الكبيرة ما يتطلب تشريعات وطنية جديدة في هذا الاتجاه.
هل يتمتع المعهد الوطني للإحصاء باستقلالية تامة في طريقة عمله؟
بالطبع المعهد الوطني للإحصاء ينتج معلومات إحصائية وفق طرق عمله الخاصة ودون أدنى تدخل وهو بالتالي مستقل في كيفية إنتاجه للإحصاءات ولكنه ليس حرا في اختيار ما سينتجه من إحصاءات لأن ذلك يكون بناء على طلب من مستعملي المعلومة الإحصائية من هياكل عمومية ومنظمات دولية ومجتمع مدني، وجميع هؤلاء لديهم دورا كبيرا في اختيار المواضيع.
بعض الخبراء يعتقدون أن نسبة التضخم أعلى مما هو معلن عنها بدعوى أن المعهد لم يقم بتحيين السلة المعتمدة كقاعدة لاحتساب نسبة التضخم. ما رأيكم؟
المعهد يقوم باحتساب نسبة التضخم وفق منهجية علمية دولية تعتمد سلة المستهلك والتي يقع احتسابها من خلال المسح الوطني للاستهلاك الأسري الذي يقوم به المعهد كل خمس سنوات. وحاليا يعتمد المعهد في احتساب نسبة التضخم على نتائج المسح الوطني للاستهلاك الاسري المنجز في سنة 2015، وقمنا بإنجاز مسح جديد في سنة 2021 ولكن نظرا لتداعيات جائحة كورونا آنذاك قررنا القيام بمسح خاص لتحيين سلة المستهلك في سنة 2023، وفي غضون شهر من الآن سيقع الإعلان عن نتائجه وسيتم اعتماد سلة المستهلك لسنة 2023 من أجل احتساب نسبة التضخم وفقا للتغيرات الجديدة.
وبالعودة إلى نسبة التضخم حاليا هي في حدود 7.5 بالمائة وليس برقمي على عكس ما كان عليه الوضع في سنة 2023 حيث تجاوزت نسبة التضخم 10 بالمائة في شهر أفريل من سنة 2023.
هل شرع المعهد في الاعداد للتعداد العام للسكان والسكان المفترض إنجازه العام الجاري؟
نعم سينطلق العد الفعلي للتعداد العام للسكان والسكنى (المتعلق بعدد السكان حسب الجنس وبالمساكن والأسر والولايات والمعتمديات والعمادات والوسط) نهاية 2024 وذلك في اطار احترام التسلسل الزمني لهذه العملية التي تنجز مرة كل عشر سنوات وكان آخر إحصاء تم في سنة 2014.