بنزرت / الحبيب العربي
ونحن صغار، في الثالثة من التعليم الإبتدائي، كنا ننشد مع نهاية كل سنة دراسية ونقول :
انتهى العام الدراسي في فرح ** أين فأسي ؟ أين رفشي للمرح؟
والآن، وبالنسبة للنادي الرياضي البنزرتي، يمكن القول:
انتهى العام الرياضي في فرح..
نعم.. بكل التفاصيل والمعاني.. وبكل المقاييس والأحجام، كان ناجحا موسم النادي البنزرتي 2023-2024 بكل ما في العبارة من معنى..
وصاحب الفضل في هذا النجاح إنما هو رجل واحد..
قدم من الخط الخلفي.. كان في الظل.. ثم تقدم إلى الأمام.. لم يهضم جانب أحد في تقدّمه.. مسك بزمام الأمور قبل عام ونصف بالتحديد.. وبدأ الاجتهاد والمثابرة.. كسب ودّ كل من عرفه في خطته الجديدة. كسب رضاء الأقارب والأحباب وكل المتابعين والملاحظين..
ثم بدأت تسكن الرياح التي كانت عاتية قبل مجيئه.. هفتت الأصوات التي كانت تنعق معرقلة كل من كان قبله..
وشيئا فشيئا، أورقت النبتة الطيبة التي غرسها.. ثم أزهرت.. وأتت ثمارها التي ما أصابها مرض ولا نخرت عودها حشرة.. حتى نضجت الثمرة وحان قطافها..
وعند القطف، امتدت إليها أياد عديدة.. بعضها ليشارك ذلك التلميذ الفلاح جنيه الثمرة.. وبعضها الآخر للأكل من الثمرة وهو الذي لم يتعب من أجلها لحظة واحدة..
فما هي النبتة المثمرة الطيبة التي أتحدث عنها؟..
كيف كانت سائرة في ما سبق إلى الإتلاف؟..
ومن هو منقذ هذه النبتة الذي رعاها وسقاها وحماها.. حتى أثمرت وحان قطاف ثمرتها في ظرف سنة ونصف السنة فقط ؟..
مع سمير يعقوب :
النادي البنزرتي من حالة التذبذب إلى الاستقرار والبروز..
قبل 18 شهرا من الآن، كان النادي البنزرتي يتعرّض إلى الصعوبة تلوى الأخرى.. صعوبات على اختلاف أنواعها.. عرقلة وراء عرقلة.. “وهز ساق تغرق الأخرى”..
صعوبات، بعضها بفعل سوء التصرف في الفترات السابقة.. وبعضها الآخر بمكائد مفتعلة..
حتى جاء جانفي 2023 وترشح سمير يعقوب للرئاسة..
اختاروه وانتخبوه بالإجماع.. وحال تمكّنه من مركز القيادة، شرع في ترتيب البيت من الداخل.. شرع في ترميم ما فسد.. وفي تجميل ما كان..
دفع ما يجب دفعه من مال لتسديد ديون متخلدة.. غيّر ما يجب تغييره في الإبان.. دعّم الفريق بانتدابات جديدة.. ثم منح الثقة شبه الكاملة للإطار الفني..
وافقه الجميع في خياراته عامة على الرغم من عدم الرضى في بعض الأوساط على اختيار المدرب اعتمادا على ماضيه غير البعيد مع الجمعية واعتبارا لكونه ليس ممرن المرحلة..
الرئيس يعقوب رفع سقف طموحات فريقه لحد الإنضمام لمجموعة اللعب من أجل التتويج..
فكان أن بارك الجميع ذلك.. وظل الأحباء يتابعون بالعين الحالمة..
عندها كانت الانطلاقة دون المأمول..
وكان الشك قد تسرّب بين بعض شريان الجمعية..
لكن سمير الرئيس سارع بإنقاذ الموقف وأقال هذا وعيّن مكانه ذاك..
“وذاك” هذا لم يحصل على موافقة الجميع لنفس سبب رفض الأول في البداية..
وبضربة حظ بعد رجة نفسانية للاعبين، جاء التعادل.. ثم عقبه الإنتصار.. وتلته النتائج التي أرضت الجماهير مقارنة مع النتائج السلبية قبل مجيء هيئة سي سمير..
وبقدر ما كانت النتائج طيّبة في الجملة، إلا أنها لم ترتق بالفريق إلى الإنضمام إلى مجموعة اللعب من أجل التتويج..
خيبة أولى بطبيعة الحال يتحمل مسؤوليتها الإطار الفني الذي حامت حوله عديد التعاليق بين مؤيّد له ومعارض..
نقول الإطار الفني من يتحمّل المسؤولية لأن الرئيس سمير يعقوب حين صرّح بأن فريقه سيلعب “على” ما ببن المرتبتين الرابعة والسادسة، لا نعتقد انه تكلم دون التوافق مع الممرن الأول ورئيسه..
في البلاي آوت :
من تصدّر المجموعة الأولى إلى المرتبة الثانية؟!..
دخل النادي البنزرتي مرحلة البلاي آوت متقدما عن منافسيه بأربع نقاط حوافز، شأنه في هذا شأن اتحاد بنقردان..
ومع مرور الجولات، بدأ الأولمبي الباجي يزحف في الترتيب وبدأ النادي البنزرتي في إهدار النقاط بما نتج عنه في نهاية المرحلة الثانية احتلال أبناء عاصمة الجلاء المرتبة الثانية، أي أنه احتل في الموسم الحالي المرتبة الثامنة..
وهنا نعتقد انها خيبة أخرى يتحمل مسؤوليتها الإطار الفني لأن إدارة السي آ بي وفّرت كل ما يجب توفيره من أسباب النجاح ماديا ومعنويا وهذا ما لا يختلف اثنان في شكرها عليه..
أمر آخر ذو علاقة بالجانب الفني يُنسب سلبيا للممرن الأول وجماعته في هذا الموسم وهو المتمثل في عدم الإنتصار خارج الديار إلا في مناسبة واحدة.. البقية تعادل او هزيمة في كل مرّة..
بلوغ نهائي الكأس.. بصعوبة..
خلال مرحلة تفادي النزول، دخل النادي البنزرتي غمار تصفيات كأس تونس لسنة 2024..
وفي المقابلات الثلاث الأولى التي خاضها أبناء بنزرت ونافسوا فيها فرقا من الدرجة الثانية، لم يترشح البنزرتي على حساب المحمدية وساقية الداير وبنعروس إلا بصعوبة كبرى..
حتى في ملعب “الكانز” كاد فريق قرش الشمال أن ينهزم أمام فريق الضاحية الجنوبية للعاصمة..
وللإشارة، فإن “أكير” منافس واجهه البنزرتية هو النادي الإفريقي يوم الأربعاء الماضي..
في مباراته ضد فريق باب الجديد، مرّ الفريق للحصتين الإضافيتين لينتصر في النهاية ويترشح للنهائي بعد 13 سنة عن آخر نهائي كان فيه البنزرتي قد رفع الكأس أمام مستقبل المرسى مع الممرن منذر كبيّر..
النهائي الذي جمع البنزرتية بأبناء الملعب التونسي يوم الأحد الماضي، “فزع” له الأحباء “عاري ولابس” من كل صوب وحدب.. حتى ان العاملين والمستقرين بالخارج جاؤوا إلى بنزرت ومنها تحولوا إلى ملعب رادس.
الأنصار اقتنوا كل التذاكر الموضوعة على ذمتهم قبل يوم من موعد اللقاء..
وجميع “الكابيستية” والمتابعين لشأن السي آ بي كانوا يمنّون النفس برؤية فريقهم يرفع كأسه الرابعة بعد الإسنقلال..
جميعهم كانوا متفائلين بتحقيق فوز في ملعب رادس مردّدين أن القرش سيلتهم البقلاوة سريعا..
إلا الإطار الفني الذي كان متخوفا أكثر من اللزوم بداعي ان فريق القروش لاعبوه شبان وليست لهم خبرة المواجهات الكبرى في مثل هكذا دور نهائي..
وبالتالي رأينا النادي البنزرتي قد نزل بخطة قوامها الدفاع المتمركز في المناطق الخلفية تاركا المجال شاسعا للمنافس الملعب التونسي الذي كان خطيرا في كل هجوم يقوم به..
وكلما هاجم كان ينطلق من منطقة وسط الميدان، يتوغل من اليمين أو اليسار بسرعة ثم يكون اقتحام تجمّع المدافعين أمام مرمى الحارس كرير..
ربما بطريقته الدفاعية هذه، فكر الطاقم الفني للبنزرتي في إنهاء الشوط الاول بدون قبول هدف.. وبعدها في الشوط الثاني، يكون اعتماد التقدم للهجوم..
لكن هيهات يا ممرن البنزرتي..
فأنت تلعب مع قوة ضاربة في الهجوم لفريق الملعب التونسي وهم بين صفوفهم لاعبون ذوو خبرة وتجربة كبيرة مقارنة بأبناء قرش الشمال..
المهم ان النادي البنزرتي خسر كأسه الرابعة..
وفريق باردو فاز بكأسه السابعة.. وألف “صحّة ليه”..
الهزيمة في الكأس هي إذن تكتيكية بالأساس..
وهذا ما جعل معظم الكابيستية يتساءلون حول بقاء المدرب الأول في البنزرتي من غيره في الموسم المقبل..
الكنزاري مدرّب البقلاوة؟!..
تساؤل البنزرتية حول بقاء ممرنهم الأول في بنزرت من عدمه طُرِح بقوة بعد أن سمع الجميع مسؤولا في الملعب التونسي يقول ان مفاوضاتهم مع ممرن البنزرتي قد قطعت شوطا متقدما لتمكينه من تدريب أكابر البقلاوة في الموسم المقبل..
هذا التصريح يحيلنا آليا على تصريح الكنزاري نفسه بعد لقاء نصف النهائي قبل أربعة أيام من النهائي حيث قال أن العقد الذي يربطه بالنادي البنزرتي يمتد لغاية سنة 2025..
فأين الصحيح من عدمه في علاقة بعقد الكنزاري مع قرش الشمال؟
مصدر مسؤول في هيئة النادي البنزرتي أكد لنا أن للجمعية مع الكنزاري عقدا يربطه لغاية 30 جوان 2025..
فكيف يجرؤ الكنزاري على الدخول في مفاوضات مع فريق آخر وهو ما يزال على ذمة البنزرتي؟..
اللهم إلا إذا كان في عقد الكنزاري مع البنزرتي بندا يسمح له بالمغادرة الآلية إذا تلقى عرضا افضل من عرض البنزرتي..
قد يكون..
الكوكي.. أو طارق ثابت.. أو كبيّر..
حمّادي الدّو انتهى مشواره مع الملعب التونسي.. الكنزاري سيخلفه..
هذا هو المتداول في أوساطنا الرياضية.. فمن سيدرّب النادي البنزرتي إذن في الموسم المقبل؟..
بعض الأصدقاء من أطراف قريبة من هيئة النادي البنزرتي تقول إن الرئيس سمير يعقوب قد بدأ اتصالاته ببعض المدربين ذوي الأسماء البارزة في سماء كرتنا..
وأكثر الأسماء شيوعا وترددا منذر كبيّر، محمّد الكوكي ثم طارق ثابت..
فمن هو الأقرب لتدريب قرش الشمال في موسم 2024-2025 ؟!..
مصادرنا تقول ان كبيّر اكثرهم قربا لتولي مسؤولية تدريب قرش الشمال اعتبارا لكونه ابن الجمعية، ثم هو وصل بالفريق في سنة 2013 إلى إحراز الكأس كما أنه بلغ بالنادي البنزرتي بعد ذلك شوطا متقدما في بطولة الأندية الإفريقية البطلة وانتصر على فرق عديدة وعتيدة إفريقيا مثل تي بي مازمبي والإسماعيلي وغيرهما كثير.
كما أنه كان قاب قوسين أو أدنى لبلوغ نهائي كأس الكاف لولا الإنسحاب في نصف النهائي أمام النادي الصفاقسي..
بالنسبة لمحمد الكوكي وطارق ثابت لم يسبق لهما ان درّبا السي آ بي..
وكلاهما مهم جدا له ان يدرب فريق في حجم وقيمة ووزن النادي البنزرتي..
آخر و الاخبار: بن يونس حط الرحال
لكن يبدو أن الرياح هبت في غير اتجاه التخمينات والتوقعات، حيث علمنا منذ قليل وفي خبر عاجل أنه تم الاتفاق مع عماد بن يونس لتولي المقاليد الفنية لقرش الشمال ليخلف ماهر الكنزاري… تعاقد سنعود إليه والى كواليسه في مقال لاحق.