نظرت صباح يوم أمس الجمعة 17 جانفي الدائرة الجنائية المختصة بالنظر في قضايا الإرهاب بالمحكمة الابتدائية بتونس في ملف القضية الاصلية المتعلقة باغتيال الشهيد محمد البراهمي، والملف المتعلق بخلية الرصد التي شملت الابحاث فيها القيادي بحركة النهضة مصطفى خذر وعامر البلعزي ومتهم ثالث.
بالمناداة على المتهمين تبين انه لم يتم جلبهم من السجن، وطلب المحامون التأخير لانتظار تنفيذ أحكام تحضيرية، لتستجيب الدائرة المتعهدة بالملف وتقرر التأخير الى يوم 4 فيفري القادم، على ان يكون نهائيا للاستنطاق والمرافعات.
وقد افاد عضو هيئة الدفاع عن الشهيد محمد البراهمي غسان الغريبي ان الطلبات التحضيرية التى تقدم بها فريق الدفاع تتمثل في معرفة المكالمات الواردة والصادرة على هواتف عدة متهمين في ملف الاغتيال من بينهم هاتف منفذ العملية أبو بكر الحكيم، وأبو عياض واخرون، وايضا سماع إطارات أمنية… وايضا الاستماع إلى وزيرين سابقين للداخلية، وكذلك المدير السابق لإدارة الاستعلامات السابق للقيام بالمكافحات اللازمة خاصة فيما يتعلق بالوثيقة الاستخباراتية.
وللتذكير فقد قرّرت دائرة الاتهام بمحكمة الاستئناف بتونس مؤخرا إحالة الملف المفكك الذي شملت الابحاث فيه المدعو مصطفى خذر على الدائرة الجنائية بتونس بتهمة التستر على معلومات تتعلق بعملية الاغتيال وخاصة حول الإرهابي بوبكر الحكيم المتهم الرئيسي في القضية.
وقد اعتبر لسان الدفاع عن القائمين بالحق الشخصي القرار في الاتجاه الصحيح وهو صادر عن دائرة بتركيبة جماعية وخطوة مهمّة نحو كشف الحقيقة الكاملة لعملية اغتيال العضو السابق بالمجلس الوطني التأسيسي آنذاك محمد البراهمي الذي تم استهدافه بتاريخ 25 جويلية 2013 رميا بالرصاص أمام منزله.
وقد تم تفكيك ملف اغتيال محمد البراهمي إلى جزءين، الأول منشور -الآن- أمام أنظار الدائرة الجنائية الخامسة بالمحكمة الابتدائية بتونس المختصة في قضايا الإرهاب، والثاني تعهّد به قلم التحقيق بالمكتب 12 بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب، والذي قام بحجز محتويات ما عرف بالغرفة السوداء صلب وزارة الداخلية وفتح تحقيق في ملف الجهاز السرّي لحركة النهضة وعلاقته بعملية الاغتيال.
وقام محامو الدفاع عن المتهمين في قضية الحال بالاستئناف في ما عرف بقضية الجهاز السري والتي تم ضمّها للجزء الثاني من الملف المنشور لدى التحقيق الذي قرّر إحالة كلّ من محمد العكاري رئيس الجهاز الأمني لتنظيم أنصار الشريعة وعامر البلعزي الذي اعترف بإخفائه للمسدسين اللذين استعملا في اغتيال كل من شكري بلعيد ومحمد البراهمي، وذلك بتهمة المشاركة في القتل، أما مصطفى خذر فقد وجهت له تهمة الامتناع عن الإدلاء بمعلومات مهمة تتعلق بتنقلات وأرقام هواتف وعلاقات أبي بكر الحكيم المتهم باغتيال البراهمي.
من جهة أخرى أذنت النيابة العمومية بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب بفتح تحقيق في سرقة المحاضر المتعلقة باستنطاق المدعو عامر البلعزي الذي اعترف فيها بأنه كُلّف بإخفاء المسدسين اللذين قتلا بهما البراهمي وبلعيد، وقام بهذه المهمة حيث رماهما في إحدى البحيرات كما قام بسرقة محاضر معاينة المكان التي قامت بها الوحدات المختصة.
وللتذكير فإن مصطفى خذر وجّهت له تهمة القتل العمد، وذلك في علاقة بملف ما عرف بالجهاز السري، حيث تم العثور على مجموعة كبيرة من الوثائق المسروقة من ملف قضائي في منزل هذا الأخير.
أحكام تحضيرية..
طالب اعضاء هيئة الدفاع في ملف اغتيال الشهيد محمد البراهمي بإضافة كشوفات المكالمات الهاتفية الصادرة والواردة على هاتف أبو عياض… إضافة إلى الوثيقة الاستخباراتية حول مخطط اغتيال الشهيد… وإجراء مكافحة بين كل من لطفي بن جدو باعتباره كان وزير داخلية زمن اغتيال البراهمي وعلي العريض الذي كان رئيس حكومة في تلك الفترة وعادل العرفاوي مدير الاستعلامات في ذلك الوقت.
وكانت هيئة الدائرة الجنائية قالت في جلسة سابقة إنه تمت بواسطة المستشار المقرر مكاتبة وزارة الداخلية في شخص الإدارة العامة للمصالح المختصة، وتمت إضافة تقرير نهائي يتضمن العديد من النقاط منها استغلال سيف الله بن حسين رقم هاتف جوال خلال الفترة الممتدة بين 24 سبتمبر 2011 إلى 25 مارس 2015، وتضمن التقرير أيضا اختبارات حول الوثيقة الاستخباراتية المتعلقة بالتحذير من اغتيال محمد البراهمي، وورد بالتقرير أيضا انه فعلا تم إجراء أبحاث إدارية في الموضوع وأحيلت كلها على المدير العام للأمن الوطني في سبتمبر 2013 وان التفقدية العامة لم تسترجع أصل التحقيقات، كما تضمن التقرير نسخة من محضر استنطاق المتهم محمد العوادي بتاريخ 12 سبتمبر 2013 وقرصا مضغوطا.
الوثيقة التحذيرية والاتهامات..
وردت وثيقة استخباراتية تحذيرية قبل اغتيال الشهيد محمد البراهمي بعشرة أيام، تضمنت تحذيرا من إمكانية استهداف المعارض البراهمي، وهي صادرة بتاريخ 15 جويلية 2013 أي قبل 10 أيام فقط من عملية الاغتيال رمياً بالرصاص أمام منزله يوم 25 جويلية 2013.
وجاء في نص الوثيقة: “اتصلت إدارة الأمن الخارجي بمراسلة من رئيس مكتب الجهاز المقابل الأميركي CIA، تتضمن الإفادة بإمكانية استهداف عضو المجلس الوطني التأسيسي محمد البراهمي، الأمين العام السابق لحركة الشعب من طرف عناصر سلفية دون إيضاحات أخرى”.
وتابعت: “تم إعلام الإدارة العامة للأمن العمومي والإدارتين المركزيتين لمكافحة الإرهاب والاستعلامات العامة (المخابرات العامة) بهذه المعطيات”.
الوثيقة التحذيرية التي لم يتم أخذها بعين الاعتبار فتحت الباب للتأويلات والاتهامات لا سيما وأن وزير الداخلية سابقا لطفي بن جدو اعترف بأن وزارة الداخلية كانت على علم مسبق بعملية الاغتيال.
كما اتهمت هيئة الدفاع الداخلية بان لديها كل المعطيات عن أبي عياض وأن إدارة الإستعلامات التابعة للمصالح المختصة تعلم جيدا أن الهاتف الجوال الذي استعمله أبو عياض مستخرج باسمه.
اتهامات أخرى وجهتها هيئة الدفاع عن البراهمي تتعلق بالامتناع عن تطبيق 17 طلبا قضائيا لمدّ القضاء بملفات ووثائق تتعلق بحيثيات اغتيال محمد براهمي، وأخرى تتعلق بملف الجهاز السري لحركة النهضة، ومن بين المعطيات التي قدمتها هيئة الدفاع في الفترة السابقة أن الكثير من المتهمين في ملف الجهاز السري اختفوا من تونس، ولم يمروا عبر المعابر القانونية برا وبحرا، وليسوا في مقرات إقاماتهم أو أحزابهم.
الجهاز السري..
شكل الجهاز السري لحركة النهضة نقطة مفصلية في ملف اغتيال الشهيدين بلعيد والبراهمي..
وقد تفجر هذا الملف منذ شهر أكتوبر سنة 2018 عندما كشف فريق هيئة الدفاع عن ملف اغتيال الشهيدين محمد البراهمي وشكري بلعيد، وجود وثائق وأدلة تفيد بامتلاك النهضة لجهاز سري أمني مواز للدولة، متورط في اغتيال المعارضين بلعيد والبراهمي، وفي ممارسة التجسس واختراق مؤسسات الدولة وملاحقة خصوم الحزب.
وسبق لقوات الأمن أن استمعت في هذا الملف إلى 123 شخصا من بينهم رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، الذي تم استجوابه في يوم 02 نوفمبر 2019، غير أن قيادات حركة النهضة ظلت تتمسك ببراءتها، وتؤكد عدم وجود أي علاقة لها بهذا الملف.
وكانت وزيرة العدل ليلى جفّال أذنت للوكيل العام لدى محكمة الاستئناف بتونس بفتح ما يلزم من تتبعات بخصوص ما يُعرف بـ”الجهاز السري” لحركة النهضة، وقد جاء القرار إثر شكاية تمّ تقديمها إلى وزيرة العدل من طرف أحد أعضاء فريق الدفاع في قضيتي الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي ضد عدد من الأشخاص، من أجل جرائم تتعلق بأمن الدولة.
أتت هذه الخطوة بعد أيام من الإفراج عن رئيس الجهاز السري لحركة النهضة مصطفى خذر، بعد أن قضى ثماني سنوات بالسجن بتهمة التورط في التستر على جريمة الاغتيال وإخفاء معلومات في قضيتي المعارضين شكري بلعيد ومحمد البراهمي.
وتم التوسع في الأبحاث في ملف الجهاز السري ليشمل 34 متهما من بينهم قيادات بارزة بحركة النهضة وعدة إطارات أمنية سابقة شغلت مناصب حساسة بوزارة الداخلية وأمن الدولة.
المصدر: