إعتبر الخبير في مجال المياه عبد الله الرابحي الوضعية الحالية للموارد المائية في تونس صعبة، ولكنها ليست كارثية،
مشيرا إلى أن تواصل إرتفاع درجات الحرارة في تونس تسبب في تبخر قرابة المليون متر مكعب من المياه في يوم واحد خلال سنة 2023.

وأضاف أن تونس تتوجه نحو “انحراف مناخي” يجعل من السنة 3 فصول فقط، خريف وربيع وصيف (دون شتاء) مذكرا بمخزون أهم سدين في البلاد، وهما كل من سد سيدي سالم، الذي كان مخزونه في حدود الـ 96 مليون متر مكعب سنة 2023 واليوم هي في حدود 222 مليون متر مكعب، وسد سيدي البراق الذي حقق نسبة امتلاء في حدود الـ 44 بالمائة.

وأشار الرابحي خلال حلقة نقاش، نظمها الإربعاء 8 ماي المعهد العربي لرؤساء المؤسسات، إلى وجود حزمة من الإشكاليات المرتبطة بالإنتاجية في القطاع الفلاحي، لا يجب ربطها دائما بالمياه فقط، بل يجب تغيير السياسات الفلاحية في البلاد والتركيز على خدمة الأرض بكل أبعادها”.

وضعية صعبة لكن ليست كارثية
وأكد المشاركون في حلقة النقاش تواصل الوضعية الحرجة للموارد المائية في البلاد رغم تحسن كمية التساقطات مقارنة بالسنة الماضية ،إذ بلغت معدل 65 بالمائة.
وشدد مدير عام الموارد المائية بوزارة الفلاحة عيسى الحليمي، من جهته،على ضرورة مواصلة التصرف المسؤول والمُستدام في الموارد المائية من قبل المواطن والفلاح والصناعي وكل المتداخلين مشيرا إلى أن إيرادات السنة المطرية الحالية (تنطلق في شهر سبتمبر وتتواصل إلى شهر أوت)، بلغت قرابة الـ 800 مليون متر مكعب، وهو ما يمثل قرابة الـ 34 بالمائة من المخزون اللازم للمياه.

أي سياسات للدولة في مجال مياه الشرب ومياه الريّ؟
وأكد الحليمي على وجود توجه في تونس يقطع مع الفلاحة التقليدية البعلية، بما فيها إنتاج الحبوب، لذلك تم اللجوء إلى الري التكميلي على حساب مياه الشرب مضيفا أن تونس انطلقت خلال سنة 2024 في تجربة زراعة الحبوب في منطقة رمادة من ولاية تطاوين فضلا عن توجه الدولة لإنتاج القمح الصلب في المناطق الجنوبية لضمان الأمن الغذائي للبلاد.
ولاحظ تغيير نمط الإنتاج باستعمال أنواع وطرق جديدة من الزراعات على غرار الزراعات العمودية مشيرا إلى تواصل إرتفاع عدد المناطق السقوية في كامل البلاد رغم ندرة المياه.
وأجمع الحاضرون على أن صيف 2023 كان صعبا من حيث ضمان الحد الأدنى من مياه الشرب مقترحين إعتماد تحلية مياه البحر كحل وقتي لمعضلة مياه الشرب لكنه ينطوي، وفق رأيهم، على إنعكاسات بيئية كبيرة فضلا عن إرتفاع كلفته.
وأشاروا إلى مسألة التحكيم حول استعمال المياه في تونس، حيث تم التركيز خلال سنة 2023 على مياه الشرب والزراعات الإستراتيجية، على حساب بقية القطاعات الأخرى داعين إلى ضرورة تغيير مجلة المياه التي تعود إلى سنة 1975.
وكانت تونس قد نظمت يوم 22 أفريل 2024، وبدعوة من رئيس الجمهورية، الإجتماع التشاوري الأوّل بين الرئيس التونسي و الرئيس الجزائري ورئيس المجلس الرئاسي الليبي.
وتلى هذا الإجتماع التشاوري توقيع الدول الثلاث، في العاصمة الجزائر، على إتفاقية دعم “آلية التشاور حول إدارة المياه الجوفية المشتركة بالصحراء الشمالية”، التي تهدف بالأساس إلى ضمان إدارة وتنمية الموارد المشتركة بين البلدان الثلاث وإستدامتها