لا حاجة لكثير من الذكاء أو عظيم المعرفة بما يجري ويحدث في الساحة التونسيّة ليدرك المراقبون والمتابعون وحتى المواطن العادي ان عدة أطراف داخلية وخارجية تسعى منذ فترة لضرب الوحدة الوطنية وزرع الفتنة واللعب على أوتار الانتماءات الجهوية….وهذه المحاولات لم تهدأ وهي لم تحقق أهدافها الأساسية لكنها أحدثت بعض الشروخ:
*..اليوم هنالك في تونس من هم مع مسار 25جويلية ومع قيس سعيد على طول الخط * اليوم هنالك من انتصروا ل25 جويلية لكنهم غير مقتنعين يقيس سعيد.. *…اليوم هنالك من هم ضد مسار 25 جويلية وضد قيس سعيد …
*..واليوم هنالك متارجحون ومترددون ومن لا راي ولا صوت لهم…
وهذا يعني وجود انقسام واضح في الشارع التونسي…..ورغم ذلك باءت كل محاولات تهييج وتجييش الناس بالفشل….والبلاد تمر بلا أدنى شك بمرحلة عصيبة وبازمة لم تعرف لها مثيلا ….غلاء المعيشة وتردي الأوضاع الاجتماعية والخدمات وتفاقم الديون وعدم تعافي الإقتصاد والضغوطات الخارجية. وكل هذه المعطيات والعوامل تخدم في المطلق دعاة الفوضى والمتكالبين على الكراسي والنفوذ والسلطة وأعداء قيس سعيد…ولكن الشارع خيّب آمال ومخططات وسيناريوهات كل الأيادي القذرة ولم يبتلع حربوشة المحتكرين والسماسرة وتجار السياسة….الشارع فهم اللعبة وأدرك أن عواقب أي تحركات غير مسؤولة يكلف البلاد والعباد باهظا…والشعب يتألم…الشعب يئن..الشعب مريض…الشعب محتار..الشعب حائر..الشعب خائف وهذه حقيقة لا غبار عليها ولكنه لم ولن ينخرط في مخططات مجهولة المصدر والعواقب، والشعب مهما قالوا عنه ذكي وواقعي وهو يدرك جيدا ان البلاد لا تحتمل المزيد من الهزات والضربات والانقسامات “واللي فيها مكفيها” اضف الى ذلك أنه فقد ثقته في الأحزاب والنخب السياسية اذا كانت لدينا حقا نخب بالمفهوم المتعارف عليه!!!! فماذا تبقى للسياسيين من أعداء سعيد ومساره المتعثر إلى حد الآن؟ كل أوراقهم تقريبا مكشوفة ومحروقة وحتى الاستقواء بالاجانب من حكام ومرتزقة وجهات إعلامية فاقدة للعذرية والمصداقية لم يجد نفعا!!! فما العمل إذن؟؟؟؟ بقيت خرطوشة الأمل الأخير: استعمال واستغلال جماهير الرياضة وشوفينية عدد منها وحالة اليأس الإجتماعي الذي تعيشه لأحداث الفوضى و جر الجماهير إلى مربع العنف والصدام مع الأمن فلربما يتحول العنف إلى الشوارع والجهات فتظهر الإحتجاجات وتتم تهيئة المناخ لثورة جديدة!!! وفي هذا الإطار سجلنا مؤخرا أحداثا خطيرة في ملعب رادس فاجأت أغلب التونسيين وأثارت سخطهم وخوفهم واندهاشهم ..والمطلوب اساسا افهام العمق الشعبي أّن «عنف ااملاعب» الاخير لم يكن ذاك «العنف العفوي» الناتج عن «غضب طبيعي» أو هو «عنف لصوصيّة»، بل يأتي حسب رأينا المتواضع من فعل «جهات سياسيّة » وأطراف نافذة من الداخل والخارج…آخر اهتماماتها مصلحة تونس والتونسيين …وأنا كتونسي غيور على وطنه وليس لي أي انتماء أو رائحة سياسية أقول إن مؤامرة خطيرة في الأفق وأعرف وأدرك أن البعض ولربما الكثيرون ليسوا مع هذا الرأي و لا يؤمنون بنظرية المؤامرة وهنالك من قد يسخر ويستهزئ بما ذكرنا وكل شخص حر ومسؤول عن آرائه وقناعاته …. ولكننا نحذر من الاستهزاء الجاهل والسخرية اللامسؤولة والتفاهة المفرطة وعدم القدرة على التمييز بين المؤامرة التي لها ما يدل عليها والمؤامرة التي تدعو إلى السخرية والاستهزاء.!!! ومهما يكن الأمر فإن ما جرى في رادس خطير بكل المقاييس وهنالك صور ولقطات من الصعب جدا استيعابها ومن المستحيل أن تكون ثمرة غضب عادي و غضب “رياضي” ..هنالك مشاهد فوضى وعنف وأدوات صادمة…والرياضة توشك أن تصبح رهينة جديدة لدى السياسيين وهذا هو الخطر الحقيقي…..ومن واجب كل الأطراف التصدي لهذا المخطط الجهنمي كل من موقعه…علما وإن بوادر المخطط ظهرت منذ فترة من خلال إذكاء نار “الجهويات” وأحياء النعرات التعصبية في أوساط الجماهير الرياضية …وإن شاء الله أن شاء الله لا يفلح المخربون ولا يلدغ التونسيون من جحورهم مرتين….ومهما اختلفنا فإن بلادنا تتسع للجميع باستثناء الخونة…وغايتنا الأولى والأخيرة هي مصلحة الوطن….وقدر التونسيين على مر الأزمنة هو التوافق..ونحن لا نريد إن تكسب تونس «استقراًرا» بطعم الدماء ولون الموت !!!!!!!! وربي يهدي ما خلق…