عاد تنظيم «داعش» إلى دائرة الضوء في سوريا، مستغلاً حالة الفراغ الأمني الناجمة عن تدهور الأوضاع بعد سقوط نظام الرئيس بشار الأسد.

بعد سنوات من هزيمته في معاقله الأساسية، شن التنظيم عمليات متفرقة في الأيام الأخيرة، استهدفت مناطق مختلفة في البلاد، بما يعكس خطراً متجدداً، قد يُعيد ترتيب الأوراق في المشهد السوري المضطرب.

آخر هذه العمليات، كان سلسلة هجمات دامية نفذها التنظيم في البادية السورية، أسفرت عن سقوط عشرات القتلى.

في حصيلة موجزة، شن «داعش» ست هجمات متفرقة، منها خمس في محافظة حمص، وهجوم واحد في دير الزور، ما يشير إلى توسع نطاق عملياته في المناطق الصحراوية.

مناورة

هذه الهجمات، التي تحمل طابعاً تكتيكياً، تُظهر أن التنظيم لا يزال يحتفظ بقدرة على المناورة واستهداف خصومه.

وقال الباحث في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، في تصريحات خاصة لـ «البيان»، إن حالة السيولة في الداخل السوري، أصبحت تشكل بيئة حاضنة لجماعات العنف والتطرف، وعلى رأسها تنظيم «داعش»، مشدداً على أن التنظيم بدأ بإعادة ترتيب صفوفه، بعد الأحداث الأخيرة في 8 ديسمبر، والتي شهدت سقوط دمشق في أيدي فصائل المعارضة المسلحة.

فوضى أمنية

وأوضح أديب أن التنظيم نفذ عمليات مسلحة، أدت إلى مقتل حوالي 70 شخصاً في البادية السورية.

كما ذكر أن التنظيم سبق أن هدد بالتوجه نحو المخيمات التي تضم عائلاته، مثل مخيم روج آفا ومخيم الهول، بالإضافة إلى السجون التي يُحتجز فيها مقاتلوه.

وأضاف: «حالة الفوضى في سوريا في ظل الفراغ الأمني، استغله التنظيم لتحريك قواعده من جديد، ما قد يهدد الأمن والاستقرار في المنطقة، في تقدير الباحث في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي.

وفي ظل تصاعد المخاوف الأمنية، أعلن البنتاغون أن القوات الأمريكية ستواصل مهمتها في سوريا.

وأكد أن الهدف الرئيس هو ضمان عدم استغلال «داعش» للوضع الهش على الأرض.

ومع عودة التنظيم إلى الواجهة، يواجه السوريون فصلاً جديداً من عدم الاستقرار، وسط غياب واضح لاستراتيجية متكاملة لاحتواء تداعيات الوضع.

وبينما تظل الأوضاع الداخلية مضطربة، يبقى احتمال استفادة «داعش» من الانقسامات السياسية والإقليمية قائماً، ما يستدعي يقظة دولية وإقليمية عاجلة لقطع الطريق أمام طموحات التنظيم المتجددة.

ترتيب الصفوف

إلى ذلك، أشار الأمين العام لهيئة العمل الوطني الديمقراطي في سوريا، محمود مرعي، في تصريحات خاصة لـ «البيان»، إلى أن «الأوضاع الراهنة التي تمر بها سوريا، تهيئ الظروف لتحرك تنظيم داعش، وإعادة ترتيب صفوفه للقيام بعمليات عسكرية في مناطق البادية السورية والجزيرة السورية، حيث يتركز نشاط هذا التنظيم»، موضحاً أن داعش نفذ في الآونة الأخيرة عدة عمليات، استهدفت عناصر الجيش السوري في البادية، بالإضافة إلى انفجار ألغام استهدفت الجنود في تلك المنطقة ورعاة أغنام.

إلى جانب ذلك، أوضح أن وجود نحو 70 ألف شخص من عائلات «داعش»، من نساء وأطفال، في معسكر الهول الخاضع لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية، يشكل تهديداً حقيقياً وخطيراً، ذلك أن هذا العدد الكبير، يعد بمثابة قنبلة موقوتة، يمكن أن تنفجر في أي لحظة، ما يعرض الأمن الوطني والاستقرار للخطر.

واختتم مرعي حديثه بالتأكيد على ضرورة التحرك الجاد والعاجل لمحاصرة هذا التنظيم ومنع تمدده، والعمل على معالجة الظروف التي تمكنه من إعادة بناء قوته، وتهديد أمن سوريا وشعبها.