تحتضن مختلف زوايا المدينة العتيقة بقليبية بأسرارها المعمارية انتظام تظاهرة صيفية استثنائية ومميزة تقرأها بجمالية أخاذة ولافتة محطة تشكيلية وإبداعية جاءت تحت عنوان :” خرّج الفن الٌي فيك” التي أسٌس جنبات سورها المتماسك كل من منال المجيد ورفيقة دربها هاجر بن حميدة، فكانت لؤلؤة الوطن القبلي” قليبية” الوِجهة وتذكرة السفر للاستمتاع بسحر مائها وصفاء بحرها ثم شذى عطر جذاب عند واجهات بيوتها ومقاهيها العتيقة.
لقد مثلت المبادرة إذن محطة لتجمٌع ثلة من الفنانات التشكيليات لترتسم لمسات أنوثتهنٌ على بياض القماشة ويختزلن أناشيد تهيام… جذابة… ولم يقتصر سفرهنٌ على لقاء برقي بل تجاوزنه إلى تعلٌق مفرط وقوي بالمكان والزمان فاختمرت أفكارهنٌ ثم انفرطت عقدا من التجليات بمختلف الألوان والأحاسيس.. تجوٌلنا بين جنبات الورشة الفنية المفتوحة على المتوسط : “مقهى سيدي البحري ” فضاء عائلي و”أقدام في الماء” هناك ضمن هذا المناخ الصيفي والمتوسطي، التقينا ثلة من المبدعات أثناء إنجاز لوحاتهنٌ يطرٌزن دهشة اللحظة.
وأفادتنا السيدة منال المجيد إبنة مدينة قليبية محافظ مستشار التراث والناشطة في المجتمع المدني بمعطيات كافية حول مواضيع عدد من الفنانات التشكيليات :
الرسامة إيمان ريدان بعين عاشقة كانت لوحتها في تظاهرة ” خرٌج الفن الى فيك ” “قليبية في عيونهن” رسالة حب لقليبية ولمسات الفرشاة التي تناغمت مع روح الموسيقى لتستقيم قليبية صفحة متأصلة في التاريخ الذي أضاء سطور مجدها.
الفنانة التشكيلية بسمة بن سليمان التونسي تنويعات ونمنمات فرشاتها، تناسقت في زرقتها مع لون البحر والسماء وأمضت بروح الفن موشحا لذيذ الطعم، لوحة لمقهى سيدي مصطفى البحري ذاكرة تاريخ بقليبية وهي من أقدم المقاهي السياحية بقليبية جمعنا بها هذا اللقاء المميز في تظاهرة : ” خرج الفن الى فيك ” قليبية في عيونهن”
التشكيلية دلندة كردغلي بوعفيف : راقصت الفنانة التشكيلية دلندة كردغلي بوعفيف انسياب إحساسها المرهف بروح خاصة ورؤية ابداعية مخاتلة للفرشاة، لتبحر في الألوان تغازل الخطوط وتحلق بمشاعرها لتحملنا إلى موروث ثقافي عريق من التراث اللامادي للمدينة من خلال صناعة “كعك” قليبية بطريقة فنية ترسخ الموروث الغذائي وتدوٌنه في مرسمها المفتوح.
الفنانة التشكيلية بثينة الرقيقي مسكت الفرشاة بكل شغف فكان الصدق الفني في أبهى تجلياته بلوحة رائعة تحاكي صورة من ميناء قليبية تعود إلى سنة 1993 من مسلسل “العاصفة ” الذي شد التونسيين وتذكرنا بموسيقى المسلسل الذي خفقت معها ومازالت قلوب كل اهالي قليبية.
الفنانة التشكيلية ألفة بن غزي تميزت في رسمها للوحة بتصميمها الأنيق والدقيق الذي يجسد جمال وروعة الخط العربي والتقاطع الحروفي المدروس في تدرجه الضوئي على سطح القماشة والتي تعبر فيها عن حبها لقليبية بنبرات فرشاتها وروح النبض لديها ببذاخة المكان.
هذا وقد سجلت دورة هذه الصائفة جويلية 2024 حضورا قياسيا للفنانات التشكيليات من كل حدب وصوب نذكر من بينهنٌ: نور الجريدي، عزة صوة، حياة المدب، عواطف ريدان، حسناء الشيخ، سنية قريتلي، سهير حميد ، سماح عكوري، محرزية الطالبي، شادلية الخماسي، فتيحة مبارك بن يوسف، سامية المرنيسي والتشكيلية الرائعة ضحى قارة التي صنعت الإضافة المرجوة هذا العام بلوحتها الجميلة التي تناغمت مع مناخات المحور العام للتظاهرة، حيث جمع عملها الراقي وكانت لوحتها صورة وحكاية مستوحاة من القوس الخشبي لمهرجان السينما بقليبية من تصميم جدٌها المرحوم محمود قارة الذي أبدع في تزويق الخشب والذي يعود له الفضل في اكتساب قليبية شهرة وطنية في مجال الصناعات التقليدية والموروث الغذائي والتصاميم بالفن التشكيلي.