أشعل تصريح لوزير الاقتصاد والتجارة في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية أمين سلام، أزمة مع دولة الكويت، حيث دعاها إلى تمويل إعادة إعمار صوامع القمح في مرفإ بيروت، مشيرا إلى أن هناك أموالاً موجودة في صندوق التنمية الكويتي، ويمكن أن يتحقق الموضوع «بشخطة قلم».
وزير خارجية الكويت يندد
كلام أثار حفيظة وزير الخارجية الكويتي الشيخ سالم الصباح، الذي عبّر عن استنكار واستغراب الكويت الشديدين لتصريح وزير الاقتصاد اللبناني، واصفاً إياه بأنه «يتنافى مع أبسط الأعراف السياسية ويعكس فهماً قاصراً لطبيعة اتخاذ القرارات في دولة الكويت، والمبنية على الأسس الدستورية والمؤسساتية، بما في ذلك المنح والقروض الإنسانية التي تقدمها حكومة دولة الكويت للدول الشقيقة والصديقة».
وأوضح أن الكويت تمتلك سجلاً تاريخياً زاخراً بمساندة الشعوب والدول الشقيقة والصديقة، إلّا أن دولة الكويت ترفض رفضاً قاطعاً أي تدخل في قراراتها وشؤونها الداخلية.
وطالب وزير خارجية الكويت، وزير الاقتصاد أمين سلام، على سحب هذا التصريح، حرصاً على العلاقات الثنائية الطيبة القائمة بين البلدين الشقيقين.
ورداً على ما قاله سلام، أعلن رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الأمة الكويتي عبد الله جاسم المضف أن «الكويت بلد مؤسسات، وأموال الشعب الكويتي لا تدار (بجرة قلم)».
وقال المضف: «علاقتنا بالشعب اللبناني الشقيق ليست محل اختبار أو تقييم، ولكن رداً على وزير الاقتصاد اللبناني، الكويت بلد مؤسسات ولا تدار أموال الشعب الكويتي (بجرة قلم) أو باتصال هاتفي». وأضاف: «على الخارجية الكويتية فوراً توضيح حقيقة ما ورد في هذا التصريح ومحاسبة المقصّر إن وُجد».
كما علّق النائب في مجلس الأمة سعود العصفور على تصريح وزير الاقتصاد اللبناني، وقال: «لمثل هذه الأمور، التي تحدث فعلياً (بشخطة قلم) تقدّمْنا قبل فترة مع عدد من النواب بتعديل يُلزم الصندوق بالحصول على موافقة مجلس الأمة قبل اعتماد القروض الخارجية».
أما النائب في مجلس الأمة جراح الفوزان، فأكد أن «ما ذكره وزير الاقتصاد اللبناني يحتاج لتوضيح وردّ عاجل من وزارة الخارجية، وهذا يُعد تجاوزاً على بلد المؤسسات (بشخطة قلم)»، مضيفاً: «سندعم تشريعاً قانونياً يتطلب موافقة مجلس الأمة في المنح، وسوف أوجّه يوم الأحد أسئلة برلمانية عن صندوق التنمية وعن التمويل وتصريحات الوزير اللبناني».
«شخطة قلم»
كان سلام قد قال عشية الذكرى الثالثة لانفجار المرفأ في تسجيل نشرته وكالة «سبوتنيك»، أنه بعث برسالة قبل 3 أسابيع إلى أمير الكويت الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، عبر الخارجية اللبنانية، يناشد فيها باسم الشعب اللبناني إعادة بناء إهراءات القمح، معلناً أنه طلب هذا الأمر لشعب لبنان، وليس للحكومة، «لأن الخبز للناس ولا يجوز أن يُترك بلد عربي دون مخزون استراتيجي».
وقال إن إعادة بناء الإهراءات في بيروت وطرابلس «يمكن أن تتحقق بـ(شخطة قلم)»، وأضاف: «تواصلتُ مع وزارة الخارجية في الكويت، وعلمتُ أنه في صندوق التنمية الكويتي هناك أموال موجودة، ويمكن بشخطة قلم اليوم أن يُتخد قرار ببناء إهراءات لبنان في بيروت وطرابلس».
توضيح سلام
وسارع سلام إلى توضيح مقصده، مؤكداً في مؤتمر صحافي أنه لم يقصد أن هناك تجاوزاً للآليات الدستورية والمؤسساتية. وقال: «التباس كبير حصل باستعمال تعبير معين في المقابلة التي أجريتها وهي ببساطة كنا نؤكد المؤكد فيها بدعم الكويت للبنان الذي ما زال موجوداً».
وأضاف: «عبارة (بشخطة قلم) هي عبارة تستخدم باللغة اللبنانية العامية، ويُقصد بها أن الموضوع قابل للتنفيذ وبسرعة، ولم يكن القصد باستعمال هذه العبارة تجاوز الأصول والآليات الدستورية والقانونية المرعية الإجراء من قبل دولة الكويت أو من قبل لبنان».
رد ميقاتي
وإثر تصريح سلام حول طلبه من الكويت، والتوضيح اللاحق الذي أصدره بشأن مقصده، أكد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي «عمق العلاقة بين الدولتين والشعبين الشقيقين ومتانتها التي لن تشوبها شائبة»، مشدداً على أن «دولة الكويت الشقيقة لم تتوانَ، ضمن الأصول، عن مدّ يد العون لإخوانها في لبنان على مر العقود».
وأكد ميقاتي «احترام لبنان مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول كافة، فكيف إذا تعلق الأمر بدولة الكويت الشقيقة التي تخضع آلية اتخاذ القرار فيها لضوابط دستورية وقانونية ومؤسساتية تعكس حضارة سياسية عميقة ومتجذرة في المجتمع الكويتي».