طالب نشطاء من المجتمع المدني في صفاقس خلال وقفة احتجاجية نفذوها صباح اليوم الأحد أمام مقر الولاية السلطات بالتصدي إلى استفحال التواجد العشوائي للمهاجرين غير النظاميين في الجهة واتخاذ التدابير اللازمة لتطويق هذه الظاهرة التي نجمت عنها عديد التداعيات والانعكاسات السلبية على المستوى الاجتماعي والاقتصادي بالخصوص.
ورفع المحتجون الذين قدرت أعدادهم بالمئات شعارات بمضامين ومواقف متنوعة تتراوح بين الرفض القطعي لظاهرة التواجد اللافت للمهاجرين غير النظاميين في صفاقس وما نتج عنها من مظاهر اجتماعية سلبية على غرار العنف والجريمة والدعوة إلى تنظيم واقع المهاجرين وفق المقاييس القانونية والإنسانية مع الحفاظ على حقوق المجتمع المحلي عبر سلسلة من التدابير والإجراءات.
ومن بين الشّعارات التي رفعها نشطاء المجتمع المدني « بعيدا عن العنصرية، أمن بلادنا أولوية »، « لا توطين لا استيطان تونس للتونسيين »، « الحل لا يمكن أن يكون إلا إنسانيا »، «أوقفوا العصابات المسؤولة عن قوارب الموت »، « ما اسمهاش هجرة غير شرعية اسمها استيطان »، « سكّر الحدود »، « نحن أيضا أفارقة »، « صفاقس ليست منطقة عبور »، « المساعدة الأجنبية حصان طروادة النفوذ الأجنبي »، « الهجرة غير النظامية خطر على الجمهورية »، « نعيش معا، لكن في سلام »، « الترحيل ثم الترحيل »، « صفاقس تستغيث »» …
كما لوحظ من بين الشعارات وجود شعار ينادي بتعيين وال على رأس ولاية صفاقس التي تفتقد إلى والي منذ إعفاء الوالي السابق في شهر جانفي الماضي، وهو ما يعتبره عديد المحتجين من العوامل التي فاقمت الوضع الحرج الذي آل إليه الوضع في صفاقس في علاقة بأزمة المهاجرين وغيره من المسائل الاجتماعية والاقتصادية الحارقة.
واعتبر الناشط المدني زياد الملولي، مؤسس الحراك المجتمعي « سيّب التراتوار » (أحد أبرز الفعاليات الاجتماعية الحاضرة في هذا التحرك الاحتجاجي) أن التواجد اللافت بأعداد كبيرة للغاية ونسق متزايد للمهاجرين غير النظاميين في صفاقس بالذات مسألة « مثيرة للريبة ». وطالب كغيره من المحتجين بغلق الحدود وإحكام مراقبتها وإعادة العمل بالتأشيرة لقبول المهاجرين إلى تونس.
من جهته قال الناشط في المجتمع المدني بالجهة عمر السلامي إن المشاركة في هذه الوقفة الاحتجاجية هي حلقة من حلقات الدفاع على ولاية صفاقس باعتبار أن ترك الجهة في مواجهة التواجد اللافت للمهاجرين جاء ليفاقم الوضع المتأزم الناجم عن تعطل المشاريع التنموية والوضع البيئي.
واعتبر السلامي أن الجهة لم تعد تتحمل العدد الكبير جدا من « الأخوة الأفارقة جنوب الصحراء رغم استعدادها لاستقبال ما أمكن منهم بعد أن توفر الدولة الأطر والظروف الملائمة لذلك »، داعيا إلى ضرورة أن يقع تقاسم هذا العبء بين مختلف جهات البلاد.
ويشكل العدد الكبير والمتزايد باستمرار للمهاجرين في صفاقس عبء من زوايا مختلفة بالنظر إلى « حجم حاجياتهم من الخدمات الصحية والسكن والنقل والمواد الاستهلاكية والرعاية الاجتماعية وهو ما تبذل الجهة الجهود لتوفيره حاليا في كنف احترام روابط الأخوة وبعيدا عن كل نعرة عنصرية » بحسب هذا الناشط المدني.
وجدّد عمر السلّامي الطلب لوزارة الداخلية بتوفير حماية أكبر للحدود التونسية بما يمكن من التصدي إلى عمليات الدخول اللافت لأفواج المهاجرين من المناطق الشرقية والغربية ومن الشمال والجنوب بأعداد ضخمة صارت صفاقس غير قادرة على استيعابهم، وفق قوله.
واشتكى عدد من المحتجين المشاركين في الوقفة من بروز عديد المظاهر السلبية الناجمة عن الهجرة غير النظامية ومنها المسالك التجارية الموازية التي يقع فيها تداول المواد المدعمة مثل السميد والتوابل من طرف المهاجرين والانتصاب الفوضوي أمام الأسواق ولاسيما في منطقة باب الجبلي، وتكدس الفضلات والنفايات على قارعة الطريق، وتحول الحدائق إلى مآو وملاجئ يقطنها المهاجرون واستنزاف منظومة الطب الشرعي وبيت الأموات والمقابر فضلا عن تنامي مظاهر العنف والجريمة في المناطق والأحياء التي يتكثف فيها وجود هؤلاء المهاجرين غير النظاميين مثل « مركز شاكر » و«الحفارة » و«الناصرية » و«السلطنية » و«حي الحبيب » و«حي البحري » وغيرها.
جدير بالذكر أن النيابة العمومية أذنت في الأيام القليلة الماضية بالاحتفاظ بعدد من الهاجرين غير النظاميين من عدد من بلدان إفريقيا جنوب الصحراء على خلفية جرائم قتل واستعمال أسلحة بيضاء في معارك نشبت في ما بينهم في كل من ساقية الداير والعامرة ومركز شاكر (صفاقس المدينة).