كل الحاضرين في أمسية يوم الخميس الماضي، 22 جوان 2023، بالمُركّب الثقافي الشيخ ادريس ببنزرت أجمعوا على أن المُحتَفى به هو فنّان كبير في المسرح… وهو جدير بكل التكريمات التي تثمّن كل ما قدّمه للفن عامة وللمسرح خاصة خلال مسيرته الفنية الممتدة على 47 سنة من العطاء اللامحدود
ضيف الأمسية هو لطفي التركي، الوجه المسرحي والتلفزي المعروف وقد حملت اسمه الدورة الحالية من مهرجان للمسرح المحترف… اللمة الحوارية التي جمعتنا به بالمناسبة حملت عنوان “لطفي التركي، من الهواية الى الأحتراف”
وفي باب الهواية والإحتراف تحدث لطفي عن مروره بهاتين المرحلتين وقد كان مخلصا بامتياز للهواية مؤكدا أن لا احتراف ناجح بدون هواية متألقة وبدون حب للمسرح في كل تفاصيله…
الإحتراف الغائب في بنزرت
وقبل الحديث عن مختلف المحطات التي مر بها لطفي التركي خلال 47 سنة من النضال في المسرح، دعونا نتحدث قليلا عن مسرح الإحتراف في بنزرت.. إذ المعلوم ان بنزرت كانت، بعد الإستقلال، من أوائل المدن في بلادنا التي عرفت المسرح المحترف من خلال فرقة بلدية بنزرت التي تأسّست سنة 1968 بإيعاز من وزارة الثقافة التي فكرت آنذاك في استيعاب خرّيجي مركز الفن المسرحي بالأساس وقد أشرف على تسييرها المرحوم عبد اللطيف الحمروني والممثل الكبير ابراهيم مستوره الى جانب عبد المّطلب الزّعزاع…
هذه الفرقة لم تعش ألا سنة واحدة انتجت خلالها عملين مسرحيين هامين نالا جوائز وطنية هما مسرحية “فولبوني” ومسرحية “براكسا جورا” من نص لتوفيق الحكيم.. ومع توقف فرقة مدينة بنزرت للمسرح عن النشاط لأسباب معقدة ومتعددة، توقفت تجربة المسرح المحترف في بنزرت مقابل نجاحات فرق أخرى في مدن وولايات أخرى، كفرقة مدينة الكاف وفرقة صفاقس وفرقة قفصة وما إلى ذلك
مركز الفنون الدرامية.. وخيبة الأمل
ثم تتالت السنين وتعاقبت العقود شاهدة على تطور عدد خريجي المعهد العالي للفن المسرحي بما ساعد على ظهور شركات إنتاج في المسرح وتوابعه، قليلها نجح في تقديم إنتاجات ذات قيمة فنية معتبرة وكثيرها لم يصمد كثيرا أمام قلة الدعم العمومي وعزوف المستثمرين الخواص في الإقبال على المجال.. حتى ظهرت في سنة 2019 مراكز الفنون الدرامية والركحية في خمس ولايات من الجمهورية لتدعم المراكز السابقة في التأسيس، من بينها مركز بنزرت الذي تم تدشينه يوم 15 أكتوبر 2019.. يوم الإعلان عن إحداثه وتدشينه، كانت سعادة المسرحيين في بنزرت لا توصف وجميعهم، هواة وأساتذة مسرح، كانوا يمنون النفس بأن يجمع “المركز” بينهم وبأن يوفر لهم كلهم فرص المساهمة في إثراء الساحة الثقافية عامة والمسرحية خاصة بإنتاجات مختلفة.. لكن الذي حصل أن إدارة المركز قبلت من قبلت من المسرحيين الهواة والمحترفين مانحة إياهم فرصة النشاط.. وأقصت من أقصت رافضة التعامل مع من اعتبرتهم معارضين لها.. وبرغم مرور قرابة الأربعة أعوام لحد الآن، لم تلن إدارة المركز في تعاملها مع “المغضوب عليهم” ولم تراع مصلحة المركز في تنقية الأجواء وفي جمع كل المسرحيين في رحابها دون استثناء.. مقابل هذه الأجواء غير المرضية، المركز لم ينتج إلا عملين فقط، واحد للأطفال وآخر للشباب والكهول وباقي نشاطه كان يتمثل في دورات تكوينية يدفع المشاركون فيها من مالهم ليحصلوا على شهادة كفاءة كل في مجاله.
لطفي التركي : أعمال متعددة.. وعزيمة متجددة
عودة للفنان لطفي التركي المحتفى به في دورة هذا العام من مهرجان المسرح المحترف “الجيلاني كبيّر” الذي دأبت على تنظيمه سنويا آدارة المركب الثقاقي الشيخ ادريس ببنزرت.. فبعد ان كرمت في السابق علميْن من أعلام المسرح في ولاية بنزرت، المرحومان البشير خمّومه ومحمد الهادي المرنيصي، عمدت هذا العام إلى تكريم أحد أبرز المسرحيين في الجهة حاليا وهو ما يزال على قيد الحياة نظرا لغزارة عطائه للمسرح محليا وجهويا ووطنيا.. فضلا عن مساهماته العديدة في التلفزات من خلال قيامه بعديد الأدوار في مسلسلات تونسية وأفلام أجنبية.. فلطفي التركي الذي بدأ مسيرته المسرحية وهو طفل الثالثة عشرة مع نادي المسرح الصغير التابع لدار الثقافة الشيخ ادريس آنذاك، كان أبرز الممثلين في جمعية المسرح الصغير ثم في جمعية النهضة التمثيلية.. وفي هذه الأخيرة، فاز بعديد الجوائز والتكريمات ومنها شارك في مسلسلات تلفزية تونسية عديدة وفي أفلام سينمائية أخرى.. ثم هو الآن رئيس جمعية النهضة التمثيلية ببنزرت التي تحتقل بمائويتها هذا العام كما انه عضو لجنة انتفاء الأعمال المسرحية التابعة لوزارة الثقافة.. وتتلخص مسيرته الفنية في ما يلي : –
-ممثل بنادي المسرح الصغير سنة 1976
-مخرج مسرحي منذ سنة 1988
-مدير فني لجمعية النهضة التمثيلية ببنزرت منذ 1989
-مدير مهرجان بنزرت الدولي سنة 2007
-رئيس جمعية هيبودياريتوس للمسرح سابقا
-كاهية رئيس الجامعة التونسية للمسرح سابقا
وفي رصيد مشاركاته في الأعمال، نذكر مشاركته في 27 عمل مسرحي في الهواية وإخراجه لـ12 مسرحية.. في المسرح المحترف شارك في 9 مسرحيات.. وفي التلفزة، شارك في 47 عمل بين تمثيليات ومسلسلات.. فضلا عن مشاركته في 17 فيلم سينمائي بين تونسي وأجنبي.. وفي كل هذا هو بطبيعة الحال فاز بجوائز وتكريمات عدّة…
كلمة السر
كلمة السر عند لطفي التركي التي ساعدته على النجاح والتألق في كل مسيرته الفنية هي تعلقه الكبير بالمسرح ثم العمل فيه بكل حب.. واليوم هو كثيرا ما يدعو الشباب المقبل على المسرح بقوله “أحبّوا المسرح يحبّكم.”