(وات/ تحرير أحمد التايب)
تعرف أغلب واحات ولاية قبلي خلال هذه الفترة من السنة وفرة في إنتاج أنواع مختلفة من التمور “المطلڨ” التي يقبل الأهالي على استهلاكها أو تخزين البعض منها لشهر رمضان، في حين يتوجّه البعض الآخر لبيع ما زاد عن حاجته في بعض الأسواق المعروفة على غرار سوق البياز بمدينة قبلي التي تعتبر الوجهة الأبرز بالجهة لتسويق هذه التمور المتنوعة في التسمية والشكل والمذاق.
ينتصب لطفي وعمر ولزهر وغيرهم من التجار بشكل يومي بسوق البياز الذي يتوسط مدينة قبلي لعرض العديد من أنواع التمور المطلڨ على غرار الهيسة، وغرس سوف، والعماري، والقندة، والخضراء، والقصبي، والفزاني، والتي يتطلّب توفيرها، وفق تأكيدهم لصحفي “وات”، جهدا كبيرا من الفلاحين باعتبار أن قطفها أو ما يعرف لدى أهالي الجهة بـ”التنڨية” يتم بشكل يومي ويشمل الحبات الناضجة فقط والتي يمكن أن تتلف وتفقد نضارتها اذا ما تأخر جمعها.
وأوضحوا أنّ توفّر هذه الأنواع من التمور يكون عادة منذ مطلع شهر أوت، حيث تسبق في نضجها دقلة النور وتشهد إقبالا هاما على شرائها من الأهالي وزائري الجهة، علما أنّ أسعارها تتراوح بين 3000 و6000 مليم للكلغ الواحد حسب ندرة النوع ومدى الاقبال على شرائه ومذاقه.
وحسب العم عمار بن عبد الله (90 سنة)، أصيل إحدى قرى معتمدية قبلي الجنوبية، فإن أهالي قبلي وأهالي الجريد عموما كانوا ينتجون في السابق الأنواع المختلفة من التمور المطلڨ التي كانت تخصّص غالبا للاستهلاك الذاتي مع تخزين ما يصبر منها من الأنواع الجافة لاستهلاكها على امتداد السنة، إلّا أن هذه الأنواع شهدت تراجعا كبيرا في أعداد أشجارها بسبب توجّه الأهالي منذ ثمانينات القرن الماضي الى غراسة دقلة النور، وإهمال التمور المطلڨ التي فُقد البعض من أنواعها نهائيا وقلّ عدد الاشجار المنتجة للبعض الآخر على غرار رطب حوض وبيض حمام والمالطي.
وحذّر، في هذا الصدد، من تواصل عزوف أهالي الجهة عن غراسة فسائل التمور المطلڨ في ظلّ إقبال بعض الشباب على تحويل أنواع مختلفة من نخيل الرطب الى نخيل منتج لشراب اللاقمي، واقتصار الفلاحين على غراسة فسائل دقلة النور فقط نظرا لمردودها المادي، بما قد يؤدي الى اندثار الكثير من أنواع هذه التمور، وفق تصوّره.
ومن الناحية العلمية، شدّد الدكتور والباحث في المجال الفلاحي، رفقي بالطيب، على أهمية التوجّه نحو إكثار النخيل المنتج للتمور المطلڨ، وذلك عبر العودة لغراسة أنواع مختلفة منها والتي أثبتت التجارب العلمية التي أجريت على الكثير منها قدرتها على التأقلم مع التغيرات المناخية التي تشهدها ربوع نفزاوة وخاصة الارتفاع الكبير في درجات الحرارة، علاوة على قدرتها على تحمّل العطش والملوحة الناجمة عن تراجع منسوب المائدة المائية.
وأشار رفقي بالطيب إلى أن جمعية نفزاوة للتعليم العالي أجرت منذ أكثر من سنة تجربة نموذجية، في إطار مشروع مشترك مع برنامج الامم المتحدة الانمائي، أحدثت ضمنها ضيعة تجريبية بمنطقة جمنة من معتمدية قبلي الجنوبية خصّصتها لغراسة 300 فسيلة لأكثر من 36 نوعا من أنواع التمور المطلڨ، إلى جانب تمكين 10 فلاحين من ولاية قبلي من 200 فسيلة نخيل تمور مطلق بمعدل 20 فسيلة لكل فلاح من أجل إكثارها مع تعهدهم بتوزيع الفسائل التي سيتم إكثارها على باقي الفلاحين لتكثيف غراسة أشجار التمور المطلڨ التي يمكن العمل على تثمين منتوجها وتطوير تسويقه.