شهدت جلسة اليوم في قضية “إنستالينغو”، التي تنظرها فيها الدائرة الجنائية بالمحكمة الابتدائية بتونس، تطورات لافتة بعد انسحاب هيئة الدفاع عن المتهمين. وتم خلال الجلسة جلب جميع المتهمين الموقوفين، بينما أكدت النيابة العامة أن راشد الغنوشي رفض المثول أمام المحكمة.
أعلنت هيئة الدفاع معارضتها لقرار المحكمة بالشروع في استنطاق المتهمين، مبررة ذلك بعدم تمكنها من الاطلاع الكامل على ملف القضية الذي يحتوي على سبع علب أرشيفية، مشيرة إلى عدم الإلمام بجميع حيثيات الملف أو الاستنطاقات السابقة لموكليهم في مراحل البحث.
وعلى خلفية هذه المطالب، قررت هيئة الدفاع الانسحاب من الجلسة، مما دفع المحكمة إلى تأجيل النظر في القضية إلى يوم 28 جانفي.
جدير بالتذكير، أن النيابة العمومية كانت أذنت منذ جوان 2022، بفتح بحث تحقيقي أولي ضد 28 شخصا منهم رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، لتورطهم في «قضية شركة انستالينغو»، ليرتفع لاحقا عدد المشمولين بالابحاث الى حوالي 51 متهما، من بينهم 12 متهما مودعين بالسجن. كما تم إصدار 8 بطاقات جلب دولية في حق عدد من الفارّين بالخارج والبقية في حالة سراح من بينهم رئيس الحكومة السابق هشام المشيشي، ونجلا رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي وصهره رفيق بوشلاكة، ولطفي زيتون وأحنبيين اثنين، وأربعة عشر متهما موقوفا، من بينهم راشد الغنوشي وإطارات أمنية سابقة ومستشار سابق برئاسة الحكومة، بالإضافة إلى أربعة متهمين من بينهم صحفية.
وتمت إحالة المتورطين في القضية على التحقيق، من أجل ارتكاب جرائم تتعلق بغسيل الأموال، في إطار وفاق وباستغلال التسهيلات التي خولتها خصائص الوظيف والنشاط المهني والاجتماعي، والاعتداء المقصود منه تبديل هيئة الدولة وحمل السكان على مهاجمة بعضهم بعضا، وإثارة الهرج والقتل والسلب بالتراب التونسي، وارتكاب أمر موحش ضدّ رئيس الدولة، والاعتداء على أمن الدولة الخارجي بمحاولة المس من سلامة التراب التونسي، طبق أحكام الفصول 61 و67 و72 من المجلة الجزائية، والفصل 94 من القانون عدد 26 المؤرخ في 7 أوت 2015 والمتعلق بمكافحة الإرهاب ومنع غسيل الأموال.
أطوار القضية
داهمت فرقة أمنية مختصة يوم 10 سبتمبر 2021 مقر أنستالينغو المنتصب بالقلعة الكبرى من ولاية سوسة وهي شركة مختصة في صناعة المحتوى والإتصال الرقمي، توظف صحفيين وتقنيين وإداريين وعملة، لمؤسسها المتواجد خارج البلاد والمشمول بالابحاث من ضمن القائمة التي تضم 35 متهما منهم من هو بحالة سراح وآخرين بحالة فرار و نحو 10 متهمين مودعين بالسجن.
وجاءت عملية المداهمة إثر ورود معلومات تفيد بوجود شبهة تورط الشركة في الاعتداء على أمن الدولة وتبييض أموال والإساءة إلى الغير عبر مواقع التواصل الإجتماعي وقد أسفرت عن حجز 23 وحدة مركزية تم عرضها لاحقا على مخبر التحاليل الفنية لتتولى النيابة العمومية بعدها الاحتفاظ بـ6 أشخاص من بينهم صحفية في حين تم إدراج 3 أشخاص بالتفتيش وهم صاحب الشركة وزوجته وطرف ثالث.
وبتاريخ 13 سبتمبر 2021، قررت النيابة العمومية بمحكمة سوسة 2 فتح بحث تحقيق ضد المحتفظ بهم، ووجهت لهم تهم تبديل هيئة الدولة أو حمل السكان على مهاجمة بعضهم البعض بالسلاح وإثارة الهرج والقتل والسلب بالتراب التونسي مع إضافة تهمة ارتكاب امر موحش ضد رئيس الدولة وتهمة المؤامرة الواقعة لارتكاب احد الاعتداءات ضد امن الدولة الداخلي طبق الفصول 67 و68 و72 من المجلة الجزائية.
وقرر قاضي التحقيق المتعهد بقضية أنستالينغو 1 يوم 18 سبتمبر 2022 الإبقاء على المحتفظ بهم على ذمة البحث بحالة سراح، قرار تم إستئنافه من طرف النيابة العمومية بمحكمة سوسة 1 وأحيل حينها الملف على دائرة الاتهام بمحكمة الاستئناف التي أصدرت بطاقات إيداع بالسجن ضد 4 متهمين تم تفعيل إثنين منها.
وفي غرة مارس 2022، قرر قاضي التحقيق التخلي عن قضية أنستالينغو لفائدة القطب القضائي لمكافحة الإرهاب لوجود شبهة ذات صبغة إرهابية وتبييض أموال غير أن النيابة العمومية إستأنفت القرار وأحيل الملف على دائرة الاتهام التي أيدت قرار النيابة العمومية.
قضية أنستالينغو 2
تفجرت قضية ثانية أنستالينغو 2 يوم 20 جوان 2022 وهي مرتبطة بالبحث التحقيقي الذي شمل القضية الأولى والتي هي محل طعن بمحكمة التعقيب.
إنطلقت الابحاث التي أذن بها قاضي تحقيق ثان عهدت له القضية بناء على معطيات نجمت عن تساخير لجنة التحاليل المالية، التي أفرزت وجود شبهة غسيل أموال وترابط بين مجموعة من الأشخاص وقع حصر الشبهة في أشخاص بعينهم بعد أن جرت الأبحاث والتحريات بنسق حثيث، إذ تقرر الاحتفاظ بــ9 متهمين من بينهم الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية سابقا محمد علي العروي والصحفي لطفي الحيدوري والناشط السياسي بشير اليوسفي والمدونان سليم الجبالي و أشرف بربوش ورجل الأعمال عادل الدعداع .
وأذنت النيابة العمومية آنذاك بفتح بحث تحقيقي ضد 27 متهما من بينهم رئيس حزب حركة النهضة راشد الغنوشي (تم ذكر إسمه في الأبحاث من طرف أكثر من متهم) وصهره رفيق عبد السلام وإبنته وآخرون بحالة فرار وأجانب وذلك من أجل إرتكاب جرائم تتعلق بغسيل الأموال في إطار وفاق وبإستغلال التسهيلات التي خولتها خصائص الوظيف والنشاط المهني والاجتماعي والاعتداء المقصود به تبديل هيئة الدولة وحمل السكان على مواجهة بعضهم بعضا وإثارة الهرج والقتل والسلب بالتراب التونسي وارتكاب أمر موحش ضد رئيس الدولة والإعتداء على أمن الدولة الخارجي وذلك بمحاولة المس من سلامة التراب التونسي حسب القانون المتعلق بمكافحة الإرهاب ومنع غسيل الأموال طبق أحكام الفصول 61 و67 و72 من المجلة الجزائية، والفصل 94 من القانون عدد 26 لسنة 2015 المتعلق بمكافحة الإرهاب ومنع غسيل الأموال.
تهم تصل حد الإعدام
وبحسب التهم الموجهة للمتهمين في القضية قد تصل العقوبات حد الإعدام كما وردت في الفصل 72 من المجلة الجزائية الذي ينص على معاقبة مرتكب الاعتداء المقصود منه تبديل هيئة الدولة أو حمل السكان على مهاجمة بعضهم بعض بالسلاح وإثارة الهرج والقتل والسلب بالتراب التونسي وارتكاب أمر موحش ضد رئيس الدولة والإعتداء على أمن الدولة الخارجي وذلك بمحاولة المس من سلامة التراب التونسي.
ومثل المحتفظ بهم على ذمة البحث التحقيقي في القضية المذكورة أمام قاضي التحقيق الأول بالمكتب الثاني بناء على إفادات و نتيجة إختبارات في شأنهم تتعلق بمسائل مالية وفنية في مجال الاتصالات فضلا عن التحركات الحدودية ليتولى القاضي المتعهد إصدار بطاقات إيداع ضد 6 متهمين من بينهم العروي و الجبالي وبربوش في حين أبقي على الدعداع واليوسفي والحيدوري بحالة سراح.
وتعهدت الإدارة الفرعية للبحث في القضايا الاجرامية بالقرجاني بمواصلة البحث والاستنطاقات بموجب انابة عدلية صادرة عن قاضي التحقيق قرار الإبقاء على عادل الدعداع والصحفي لطفي الحيدوري والناشط السياسي البشير اليوسفي بحالة سراح إستأنفته النيابة العمومية وأحالت الملف على دائرة الاتهام بمحكمة الاستئناف لاتخاذ ماتراه إما بنقض القرار أو تأييده.
وبتاريخ 28 جوان 2022 قررت دائرة الإتهام نقض قرار قاضي التحقيق بالمحكمة الابتدائية سوسة 2 المتعهد بقضية ‘أنستالينغو’ والقاضي بالإبقاء على المتهمين الثلاثة بحالة سراح ،وقررت هيئة دائرة الاتهام إصدار بطاقات إيداع بالسجن في شأنهم واعادة ملف القضية الى قاضي التحقيق لمواصلة البحث.
ويتهم الدعداع بلعب الدور المركزي في قضية أنستالينغو بالتنسيق زعماء من حركة النهضة للاشراف على حملة زعزعة الاستقرار على الشبكات الاجتماعية وفق أفريك أنتيليجنس “.” شتبه في أن عادل دعدع كان زعيم الشبكة المالية بين انستالينغو والنهضة حتى أنه لا يخفي أنه أقرض المال للعديد من شخصيات النهضة قرابة المليون يورو اي 3.4 مليون دينار تونسي وتم تسجيل حركات مالية باليورو على حسابه طوال عشر سنوات والرابط المالي الذي لاحظه المحققون يتعلق بصفقة بينه وبين يحي الكحيلي شقيق مدير أنستالينغو هيثم الكحيلي .
وحسب تقرير أفريك أنتيليجنس لقد اعترف عادل الدعداع بوجود هذه الصفقة لكنه بررها ببيع سيارة بورش ماكان ليحيى الكحيلي، عائداتها تقريباً 77 ألف يورو – تم تحويلها إلى حساب ابنته مريم دعداع المعنية أيضا في هذه القضية. من جانبه قال يحيى الكحيلي الذي بالفعل أدار وكالة لبيع السيارات، وأعاد بيع السيارة لها بـ95 ألف يورو وبناء على عناصر التحقيق والبيانات المحالة إلى المحاكم من قبل الهيئة التونسية للتحليل المالي (CTAF) والشركة أيضا استفادت من التمويل القطري والتركي والسعودي ولا سيما بالتعاون مع صحفيين سابقين من قناة الجزيرة القطرية وفق الموقع الفرنسي.
وتشير التحقيقات التي اطلع عليها الموقع إلى وجود “مشروع استخباراتي تركي قطري”، وهو “Instalingo”.
وبالتالي اتُهم بأنه أحد “الفروع الإعلامية” للحزب الإسلامي.
ويتم استهداف متهمين آخرين بسبب صلاتهما بتركيا من بينهم وزير الاستثمار والتعاون الدولي السابق بين عامي 2011 و2013 رياض بالطيب والمتحدث الرسمي السابق لوزارة الداخلية وملحق أمني بالسفارة التونسية بأنقرة حتى 2021 محمد علي العروي الذي يشتبه المحققون بوجود علاقة بينه وبين المخابرات التركية، كما أظهرت صور من محتويات هاتف الدعداع وجود شبهات بشأن تورط تركي افتراضي في هذه القضية بالتنسيق مع النهضة.
وفي التحقيق، ينفي عادل الدعداع الطابع السري المفترض والدافع وراء الاجتماع. وهكذا، يشتبه القضاء التونسي في رياض بالطيب، الذي لا يزال في سجن المسعدين بسوسة لعب دور الوساطة بين أنقرة و حركة النهضة.
علاوة على ذلك، فانه يشتبه في كون رئيس الحكومة السابق هشام المشيشي الذي حافظ على علاقات متوترة للغاية مع الرئاسة حتى إقالته عام 2021، متهم بالاستفادة من الحملة التي أعارتها له وسائل التواصل الاجتماعي وهو يعمل حاليا كمستشار في قطر، ولا ينوي، حسب معلومات أفريكا أنتيليجنس تقديم نفسه للعدالة التونسية.
المصدر: