يعود منسق شؤون الشرق الأوسط في البيت الأبيض بريت ماكغورك، إلى الشرق الأوسط مجددًا في خضم استمرار تعثر المفاوضات بين إسرائيل وحماس، ووسط مخاوف إقليمية ودولية من تنفيذ الجيش الإسرائيلي لتهديده باجتياح منطقة رفح، حيث من المقرر أن يزور القاهرة الأربعاء، ثم تل أبيب في اليوم التالي، وسط آمال على نجاحه في دفع جهود الوساطة بين طرفي الصراع، وإقناع الحكومة الإسرائيلية بتأجيل عمليتها البرية المنتظرة.
ويرى مراقبون ومحللون في حديثهم لموقع “سكاي نيوز عربية”، أنه يُنظر لـ”ماكغورك” بأنه “رجل بايدن القوي” في منطقة الشرق الأوسط بحكم جهوده منذ اندلاع الصراع الراهن في الحيلولة دون تفاقم الصراع وتأمين التوصل إلى صفقة بين الجانبين، على وقع خبرته الواسعة في المنطقة، موضحين أن ملف صفقة الرهائن والهجوم على رفح سيتصدران أولويات زيارته الحالية.
وفي مطلع 2021، عين جو بايدن الدبلوماسي بريت ماكغورك مسؤولا عن الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مجلس الأمن القومي.
ماذا يناقش “ماكغورك”؟
نقل موقع “أكسيوس” الإخباري نقلًا عن 3 مسؤولين إسرائيليين وأميركيين، قولهم إنه من المقرر أن يُجري كبير مستشاري بايدن في الشرق الأوسط، محادثات حول العملية العسكرية الإسرائيلية المحتملة في رفح، والجهود المبذولة لتأمين إطلاق سراح الرهائن الذين تحتجزهم حماس في غزة منذ السابع من أكتوبر.
ويلتقي كبير مستشاري بايدن لشؤون الشرق الأوسط في القاهرة مع مدير جهاز المخابرات المصري اللواء عباس كامل، ومسؤولين مصريين آخرين يوم الأربعاء، وفق “أكسيوس”، كما من المتوقع أن يلتقي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت ومسؤولين إسرائيليين آخرين في إسرائيل يوم الخميس.
ستركز محادثات ماكغورك في كل من القاهرة وتل أبيب على قضية رفح ومفاوضات الرهائن، وفقا للمسؤولين، إذ تريد الولايات المتحدة أن تسمع من إسرائيل عن خطتها العملياتية في رفح، خاصة حول كيفية إجلاء المدنيين من المنطقة حال المضي قدمًا في تلك العملية.
ويساور البيت الأبيض قلق شديد من أن تؤدي أي عملية عسكرية إسرائيلية محتملة في رفح، إلى خسائر كبيرة في الأرواح، بالنظر لتواجد نحو 1.4 مليون نازح فلسطيني، في الوقت الذي سبق أن قال بايدن لنتنياهو إنه يعارض مثل هذه العملية دون “خطة موثوقة وقابلة للتنفيذ” لإجلاء المدنيين الفلسطينيين.
وتخشى الولايات المتحدة ومصر أيضا من أن تؤدي تلك العملية إلى دفع عشرات الآلاف من الفلسطينيين لتجاوز الحدود، إذ سبق وحذرت القاهرة من تداعيات تلك الخطوة وشددت على معارضتها لها.
وتعتبر زيارة “ماكغورك” إلى الشرق الأوسط هي الأحدث في سلسلة المحادثات الجارية بين إسرائيل وحماس بوساطة مصرية وقطرية وأمريكية، لوقف الحرب وإطلاق سراح أكثر من 100 رهينة تحتجزهم حماس.
ونقلت وكالة رويترز عن مسؤولين أمريكيين قولهم إن “محادثات الرهائن الجارية مثمرة، لكنها تتطلب المزيد من العمل المستمر”.
وتتزامن تلك الزيارة مع وصول الرئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية، إلى مصر لإجراء محادثات مع مسؤولين مصريين بشأن الوضع في قطاع غزة.
زيارة في توقيت دقيق
من جانبه، اعتبر نائب مساعد وزير الدفاع الأميركي السابق لشؤون الشرق الأوسط مايك ملروي، في حديث لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن زيارة “ماكغورك” تأتي في توقيت دقيق، مشيرًا إلى أنه سيركز خلال مباحثاته على الأوضاع في غزة، وعلى وجه التحديد الحاجة إلى تجنب الخسائر الجماعية في صفوف المدنيين مع احتمال هجوم بري للجيش الإسرائيلي على رفح.
وأشار “ملروي” الذي سبق أن عمل في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه)، إلى أن “ماكغورك” سيركز أيضا على ملف صفقة تبادل الرهائن، وكذلك الحاجة إلى زيادة المساعدات الإنسانية في غزة بشكل كبير من خلال نقاط دخول متعددة.
وبشأن نجاح منسق شؤون الشرق الأوسط في البيت الأبيض في دفع مفاوضات الهدنة في غزة، أوضح ملروي أنه “يمكن أن يساعد في التوصل إلى هدنة مؤقتة بين الجانبين، والدفع قدما لعملية المفاوضات”، بيد أنه شدد على أن تعثر المفاوضات يعود بالأساس إلى أن “إسرائيل لن تقبل بالاتفاق الذي يترك حماس في مكانها، حيث ستصر على المضي قدما في حملتها للقضاء على قدراتها”.
رجل بايدن الموثوق
ومن واشنطن، تشير الكاتبة الصحافية المتخصصة في الشؤون الأميركية هبة القدسي، في تصريحات لموقع “سكاي نيوز عربية”، إلى أن “ماكغورك” واحد من الشخصيات التي يثق فيها الرئيس بايدن بشكل كبير فيما يتعلق بقضايا الشرق الأوسط، مضيفة: “هو واحد من 4 رجال من الموثوق بهم في الإدارة الأميركية لإدارة ملف المباحثات بين إسرائيل وحماس والمسؤولين المصريين والقطريين، إلى جانب وزير الخارجية أنتوني بلينكن، ورئيس الاستخبارات المركزية ويليام بيرنز، ومستشار الأمن القومي جاك سوليفان”.
ولفتت “القدسي” إلى أن هذه ليست الزيارة الأولى لـ”ماكغورك” لمنطقة الشرق الأوسط، إذ سبقها عدة زيارات متتابعة منذ السابع من أكتوبر، ولديه علاقات وثيقة مع كل المسؤولين الإسرائيليين والمصريين والقطريين.
وبشأن أولوياته خلال الزيارة، قالت إنه “يحمل في هذه الزيارة رسالة من بايدن حول تعزيز الجهود بشكل أكبر لإبرام صفقة لإطلاق سراح الرهائن في غزة ومنهم 8 أميركيين قبل أي عسكرية لاجتياح رفح، وقبل حلول شهر رمضان”.
وأشارت “القدسي” إلى أن إدارة بايدن تحاول الضغط عبر الوسطاء المصريين والقطريين على حركة حماس للإفراج عن الرهائن دون شروط مُشددة، مقابل كبح جماح إسرائيل من القيام بعملية عسكرية في رفح.
واعتبرت أن إدارة بايدن ترغب في تحقيق فوز سياسي بالإعلان عن إطلاق سراح الرهائن خاصة الأميركيين، والتوصل لهدنة تستمر 6 أسابيع ويمكن تمديدها.
ومع ذلك ترى القدسي أنه “إذا استجابت حماس للجهود الراهنة، فإن الولايات المتحدة تضغط على الجانب الإسرائيلي بشكل أكبر للتوافق مع فكرة وقف إطلاق نار بشكل دائم والمضي قدما في مفاوضات لحل الدولتين، وبالتالي فهي تضغط بذلك على حماس لكي تستطيع الضغط على إسرائيل”.
واختتمت حديثها بالقول إن “الجانب الأميركي يقف مع إسرائيل سياسياً ودبلوماسياً وعسكرياً، وتتوافق مع تل أبيب في ملاحقة حماس حتى آخر نقطة، لكنها في الوقت نفسه تريد إنجاز انتصار سياسي يضيف زخمًا للرئيس بايدن، وهذه هي مهمة ماكغورك الحالية”.
من هو ماكغورك؟
* عمل في وقت سابق في عهد الرئيس جورج دبليو بوش في منصب المساعد الخاص لبوش، ثم نائب مساعد وزير الخارجية لشؤون العراق وإيران، أما في عهد أوباما فعمل ككبير مستشاري مجلس الأمن القومي وسفير الولايات المتحدة في العراق.
* شغل أيضا منصب نائب مساعد وزير الخارجية لشؤون العراق وإيران، وقاد خلال الفترة من أكتوبر 2014 حتى يناير 2016 مفاوضات سرية مع إيران أدت إلى تبادل الأسرى وإطلاق سراح 4 أميركيين من إيران.
* كان المبعوث الرئاسي الأميركي الخاص بالتحالف الدولي لمكافحة تنظيم “داعش” الإرهابي.
* كان مقررا أن يترك ماكغورك المنصب في منتصف فبراير 2019، لكنه أعلن استقالته في 2018 بعد قرار ترامب بسحب القوات الأميركية من سوريا.
* جنبا إلى جنب مع مستشار الأمن القومي جيك سوليفان، شارك ماكغورك بشكل كبير في جهود إطلاق سراح الرهائن الذين تحتجزهم حماس خلال الصفقة الأولى بنهاية العام الماضي.