قبل دخولي عالم الفايسبوك ، كنت أسمع الكثير عن المشاكل المتعدّدة التي تحدُث يوميا لبعض المشاهير المنتمين إلى هذا الفضاء الإتّصاليّ الشّاسع المفتوح ، بسبب زلّة لسان عارضة ، أو لقطة مصوّرة محرِجة أو أقوال موجّهة مُغْرِضة. وكم من مرّة ، وبسبب قلّة وعي أو سذاجة فكر أو تعاظٌم كِبر وبذاءة منطق ، تزدحم الصّفحات بوابل من التّعليقات المتفاوتة عُنفا وثلْبا و قلّة أدب، حاشاكم ، ممّا يزيد الطّين بلّة والحالة إزدراء وبؤسا وغُمّة وعِلّة ، فتكون النّتيجة، في كلّ الحالات، فضائحَ وتراشقا بأخزى وأخجل وأقسى التّلاسنات كم نحن فى غنى عنها في مثل هذا الزّمن المُكهرب المتوتّر، أصلا ، والمفخّخ بشتّى أنواع المخاتلات والإنفلاتات ورداءة الأذواق وبذاءة التّعبيرات والمناكفات! لكنّني ، وبعد تفكير طويل عميق، إقتنعت بأنّ الفايسبوك كالشّارع بالضّبط، يعترضك فيه اللّطيف المتأدّب الرّقيق ، والمُتعجْرِف المستفِزّ المَشْلِيق، والحاسد الشّرس النّاقم ، والحامد المتبسّم الغابِط… كلّ هذه المتناقضات الموجودة في الشّارع وحتّى في صلب العائلات هي في الأصل من طبيعة الحياة التي تستوجب من العاقل التّعامل مع حُلْوِها و مُرِّها وخيرها وشرّها بعقل رصين وفطنة دائمة ورباطة جأش وبرودة دَمٍ وإمتناع ثابت عن السّقوط في متاهات التّسرّع في ردّ الفعل بما يجعلك تخسر مقدارك وراحتك وربّما حياتك…. بالنّسبة لي، إذََا، الفايسبوك فرصة ثمينة متاحة للتّواصل والتّحابب والتّآزر وكذلك للتّحاور والتّجادل جدالا هادئا راقيا مثمرا.. بصراحة… أعترف أنّه لولا الفايسبوك لإعتقد الكثير منكم أنّني إبتعدت نهائيا عن الحياة العامّة وإعتزلت الفنّ، فيما الحقيقة هي عكس ذلك بالضّبط… فأنا لا زلت أنشط وفي حالة بحث دؤوب عن جديد الأعمال التي بها ولها أعيش وعليها أعوّل كي أفرض وجودي وأثبت لكم أنّ غيابي أو بالأحرى تغييبي عن المشهد الإعلامي لم يغيّر شيئا في نسق عملي ولا في قدرتي وثباتي على الإستمرار في الإبداع ومحاولة الإمتاع. أشكركم على تواصلكم بي وتشجيعكم لي وإعجابكم بفنّي وقلمي ومحتوى وشكل صفحتي…