توزر-البيان: مكتب الجنوب الغربي/من أحمد مخلوف
على الرغم من تقديمها على إمتداد عشر سنوات للجمهور في جل المهرجانات الصيفية الدولية منها والجهوية والمحلية وفي التظاهرات الثقافية والإحتفالية الكبرى وخارج حدود الوطن عربيا ودوليا فإن عرض “الزيارة 2” للفنان سامي اللجمي قد حافظ على توهجه وبريقة وتألقه، بل إنه قد إزداد تألقا وتأنقا وإبداعا وإمتاعا وذلك بفضل الإضافات الفنية والموسيقية والتقنية التي أضافها له هذا الأخير بغاية أن يكتمل مشروعه الموسيقي الصوفي والذي أنجزه بتمويل ذاتي مثلما أراد له أن يكون عملا فنيا يصنع الفرجة والإبداع ويحقق الإمتاع لجموره أينما حل، إذ ما إنفك عرض “الزيارة 2” يستقطب جماهير غفيرة من عشاق فن الموسيقى الصوفية والإنشاد وتعقبه أينما حط الرحال بحثا عن المتعة الروحانية والتخميرة والفرجة الفنية متكاملة العناصر الموسيقية التي زاوجت بين الآلات التقليدية والعصرية إلى جانب جمالية الإنارة الفنية التي زادت العرض سحرا وجمالا وبهجة لا يعرف كنّها إلا من حالفه الحظ وكان من زيار عرض “الزيارة”.


وفي هذا السياق كان جمهور مهرجان توزر الصيفي الدولي في ليلة يوم الأحد الفارط على موعد مع عرض “الزيارة 2” وهو إختيار موفق يحسب لفائدة هيئة هذا المهرجان بقيادة الأستاذة عائشة رحيلي وذلك إعتبارا للنجاحات الهامة التي حققها هذا العرض “الحدث” في كل المهرجانات التي عرض فيها.
الساعة الثامنة مساء وبملعب المرحوم محمد الطنباري إنتصب ركح العرض وقد جهّز بكل ما من شأنه أن يضمن لعرض ” الزيارة2″ النجاح، وحضر جمهور غفير تقاطر على فضاء العرض قبل إنطلاقه بساعتين تقريبا من مختلف مناطق مدينة توزر والمدن المجاورة تهزهم الرغبة للإستمتاع بروائع ومباهج هذا العرض الحدث والإنتشاء بأجوائه الروحانية.

وقد ٱنطلق العرض في حدود الساعة العاشرة والربع ليلا وسط هتاف وتصفيق الجمهور الغفير الذي غصّ به فضاء ملعب المرحوم محمد الطنباري بتسبيح علا من كواليس العرض سبقه منشد ولج إلى الركح مكبرا ومهللا “نا جيت زاير..ما جيت زاير..” مهد ل 100 عنصر بين منشدين وعازفين وراقصين وحاملي الأعلام والسناجق ليأخذوا أماكنهم على الركح في لوحة رائعة ومنظمة ومدروسة إتسمت بالجمالية، تلتها تواشيح دينية وأغان صوفية ومناجاة للخالق ومدح الرسول الكريم والصلاة عليه وذكر للأولياء الصالحين ومٱثرهم.
فاصلة من التواشيح الدينية المتميزة وسط تصفيق الجمهور إنطلقت بإيقاعات هادئة ثم وعلى وقع إيقاعات الدفوف والتصفيق إرتفع نسقها تدريجيا وقد رافقتها زغاريد النسوة من كل مكان وركن، وإنتشرت معها روائح البخور ليتحول بذلك فضاء العرض لما يشبه المزار، إندمج فيه الجميع في إنسجام وتناغم تام ليكتشف جمهور مهرجان توزر الصيفي الدولي أن عرض الزيارة 2 ليس مجرد عرض للإنشاد الصوفي بل هو ملحمة من الملاحم الروحانية التي يقع تحت تأثيرها الكل الصغار والكبار، الرجال والنسا، ،الشباب والشابات. وقد تواصل هذا العرض في سياقه التصاعدي وقد زاوج بين الجاز والفلامنكو والنوبات الصوفية والدفوف بالأورغ والڨيتار والباتري في إنسجام وتناغم تام مع كل ما تم تقديمه في هذه السهرة من أغان صوفية على غرار
” ناس مقام” و”نمدح لأقطاب” و”جيناكم زيار” و”سيدي بن عيسى” و”راكب الحمرا” و”يا بنيت جمال” و”يا سيدة يا نغارة” و”يا أم الزين الجمالية” و”يا بوعلي” وغيرها من الأغاني الصوفية والإنشاد الصوفي.
الحركة ليلتها لم تهدأ على ركح مهرجان توزر الصيفي الدولي لأكثر من ساعتين إستمتع خلالها الجمهور الغفير بذلك التقديم والإخراج الٱسر وبتلك الموسيقى المتلونة تحت إيقاع الضوء وقوة أصوات المنشدين وجمالها، فكل هذه العناصر وغيرها التي لا تحصى ولا تعد قد ساهمت في تشكيل”بانوراما” مشهدية ركحية متعددة الإرهاصات والدلالات والتي لا يمكن الإستغناء عن أي منها… فكلها أجزاء أفرزت هذا الكل المتجانس وهذا الفصل الصوفي الجميل الذي أتاحه عرض الزيارة 2 لجمهور مهرجان توزر الصيفي الدولي الذي قضى ليلتها سهرة موسيقية صوفية وروحانية لا تنسى.
هذا وما تجدر الإشارة إليه أن فعاليات الدورة التاسعة والثلاثين لمهرجان توزر الصيفي الدولي قد أختتمت فعالياتها بسهرة طربية أحياها الفنان محمد الجبالي بفضاء دار شريط بحضور جمهور محترم العدد.