ما أن جلس بجانبي إلى طاولة إحدى المقاهي، حتى سحب هاتفه من جيبه ونظر فيه فإذا هي مكالمات عديدة وصلته.. نظرت إليه متسائلا فنظر إليّ وقال : طلبات المقاهي كثيرة والمواد التي توفرها الدولة لا تفي بالحاجة.. قلت : عمّا تتحدّث يا صديقي؟ قال : أتحدث عن ضائقة أصحاب المقاهي فيما يتعلّق بمادتي القهوة والسكر على الخصوص.. قلت : كيف ذلك ؟ قال : حاجتنا من هاتين المادتين وما توفره لنا الدولة من خلال ديوان التجارة ووزارة التجارة مقداره لا يتعدّى الثلث.. فكيف يمكننا التصرف في هذه الحال حتى تواصل المقاهي عملها وتشغيلها تعد بالمئات !!؟؟.. قلت : الموضوع يستحق مقالا في شكل حوار، ما رأيك ؟.. قال : أنا جاهز وثقتي فيكم كبيرة كي تبلغوا صوتنا.. وفي الحين، انزوينا في جانب من المقهى ودار بيننا الحوار التالي : • ماذا يمكن أن نعرف عنك أيها النقيب ؟
منير جُمعه، رئيس غرفة المقاهي بالاتحاد الجهوي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية ببنزرت.. • ماذا عن وضع مقاهيكم في ولاية بنزرت ؟
منذ أشهر ولحد ما بعد رمضان وعيد الفطر والمقاهي تعاني من ندرة مادة القهوة على الخصوص، وقد لاحظتم بأنفسكم الكم الهائل من المكالمات الهاتفية التي وصلتني هذا الصباح، وفي كل يوم، أصحابها يطالبون بالقهوة التي لا تتوفر إلا بالقدر القليل مقارنة مع حاجياتنا.. • ولكن ها هي المقاهي تفتح أبوابها وتستقبل الزبائن بالألوف في كل يوم !!؟؟..
معظم مقاهينا تستعمل القهوة الجاهزة المعلبة ذات السعر العالي، ناسكافي مثلا، التي تجعلنا نستغني عن ماكينة القهوة ونفقد قهوة الديراكت والكابوسان.. وسعر القهوة التي نقدمها لكل حريف لا يتعدى السعر المحدد من قبل أزمة القهوة حاليا.. • كم عندنا من مقهى في ولاية بنزرت؟
حاليا حوالي 580 مقهى مسجلة لدينا، دون احتساب المقاهي التي تعمل دون باتينده، مقاهي فتحها أصحابها بعد الثورة دون المرور بالشروط المطلوبة.. • وماذا أنتم فاعلون الآن ؟..
الآن نحن وفرنا بدعم من الإدارة الجهوية للتجارة ببنزرت طنا واحدا من حبوب القهوة، مددنا بها القلاّيين وبعد ذلك نحن بدأنا في توزيعها على المقاهي بحساب 5 كغ لكل مقهى.. وهي كمية لا تكفي لتلبية الحاجة لأكثر من يوم واحد في أفضل الحالات، بما يجعل مشكلنا في نقص القهوة قائما على الدوام ويجعلنا نجتهد برفقة السيد سامي البجاوي، المدير الجهوي للتجارة، لتوفير ما يمكن توفيره وتذليل الصعوبات.. • وهل تزوّدون كذلك المقاهي التي تعمل عشوائيا ؟
لا.. أبدا.. نحن لا نتعامل ألا مع المقاهي ذات الوضعية القانونية.. • وماذا أنتم كنقابة الأعراف فاعلون مع هؤلاء الذين فتحوا مقاهيهم دون رخصة ؟
نحن لا سلطة لنا عليهم لأنهم ليسوا منخرطين في الإيتيكا.. الأمر يعني وزارة التجارة والبلديات بدرجة أولى.. • وكم عدد هذه المقاهي الخارجة عن سرب الرسميات؟ ؟..
التعداد الأخير الذي أُجري قبل حوالي شهرين يفيد بأن نسبة 30 بالمائة من المقاهي دون رخصة قانونية.. • وماذا عن مادة السكر في مقاهيكم ؟
السكر العادي مقطوع على الجميع كما تعلمون ولا يتوفّر إلا بالقدر القليل ومن حين لآخر.. السكر “الطوابع” ما عدنا نجده في السوق.. ومقاهينا صارت في معظمها تستعمل السكر المغلّف، les buchettes بما يعني ان كلفة القهوة تكون ارفع بالنسبة لصاحب المقهى وهو يبيع القهوة دون ترفيع في سعرها.. وبالمناسبة لا يفوتني أن نشكر الإدارة الجهوية للتجارة ببنزرت التي مكنتنا في الآونة الأخيرة من أكياس من السكر مددنا بها مقاهينا بحساب 25 كغ لكل واحدة منها، وهي كميات لا تكفينا طويلا.. • في كثير من المقاهي، نلاحظ زيادات في أسعار القهوة والمشروبات المعلبة وأحيانا لأكثر من مرة في العام الواحد..
كل مشروباتنا محددة أسعارها حسب صنف المحل، علما بأن معظم ما نقدمه للحريف هو غير مسعّر.. وإذا كانت هناك زيادات فهي يفرضها صاحب المقهى حسب كلفة ما يقدمه للحريف، ومعظم مقاهينا لا تريد الزيادة في الأسعار مخافة أن تخسر الحريف.. • وحتى نختم حديثنا، لا يفوتني أن ألاحظ لك أن معظم المقاهي في ولاية بنزرت لا تحترم قواعد حفظ الصحة وكذلك الشروط المفروضة في كراس الشروط، فماذا تقول نقابة الأعراف عنها ؟..
للأسف الشديد، هو الأمر الواقع، نحن من موقعنا لا نجد التبرير لعدم الإلتزام بواجب القواعد المفروضة.. لكن، لابد من القول أن المواطن الحريف مساهم بقدر عال في بعض أوضاعنا، مثال ذلك، بيت الراحة التي نعدها كما يجب ونفتحها أمام كل حريف، لكن هذا الأخير لا يحافظ عليها بما يجعلنا في ورطة دائمة مع القانون.. وأما عن أولئك الذين يحتلون أرصفة الطريق بكراسيهم بصفة عشوائية، فهؤلاء مطالبون باحترام ما يستوجب الإحترام.. الحبيب العربي.