البيان/ منصف كريمي
يؤدي منذ يوم أمس والى حدود يوم 16 جانفي الجاري السيد ” وانغ يي ” Wang Yi ، وزير الشؤون الخارجية الصيني زيارة إلى بلادنا وذلك في إطار جولة إفريقية تشمل كلاّ من مصر والطوغو والكوت ديفوار، يستهلّ بها برنامج زياراته الخارجية بعنوان 2024 في تقليد دأبت عليه الدبلوماسية الصينية منذ سنوات، حيث تكون أول زيارة خارجية لرئيس الدبلوماسية الصينية في العام إلى القارة الإفريقية في تأكيد واضح من الحكومة الصينية للأهمية الاستراتيجية التي توليها لإفريقيا وإلى بلدانها.
ويرافق الوزير الصيني نائبا وزيري الشؤون الخارجية والتجارة ونائب رئيس الوكالة الصينية للتعاون الدولي وعدد من سامي الإطارات الصينية. وتتزامن هذه الزيارة مع احتفال البلدين بالذكرى 60 لإرساء العلاقات الدبلوماسية بينهما والتي تم تثبيتها في 10 جانفي 1964 حيث تعدّ تونس من أولى الدول الإفريقية التي ربطت علاقات دبلوماسية مع الصين، وكانت ضمن قائمة البلدان التي صوّتت لفائدة قرار الأمم المتحدة عدد 2758 الصادر في 25 أكتوبر 1971والذي تم بموجبه الاعتراف بحكومة جمهورية الصين الشعبية كممثل وحيد للشعب الصيني.
كما تعتبر هذه الزيارة متابعة لنتائج اللقاء الثنائي الذي جمع رئيس الجمهورية التونسية الأستاذ قيس سعيد مع نظيره الصيني يوم 9 ديسمبر 2022 بالرياض بمناسبة القمة العربية الصينية. وستكون هذه الزيارة التي يتضمن برنامجها تنظيم عدد من اللقاءات مع كبار المسؤولين التونسيين وجلسة عمل موسّعة مع وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج مناسبة لاستعراض واقع العلاقات الثنائية التي تشهد ديناميكية ملحوظة خلال الفترة الأخيرة وللتباحث حول سبل تدعيمها والرفع من مستواها ولتأكيد توجهات سياسة بلادنا الخارجية القائمة على تنويع شركائها وانفتاحها على فضاءات جديدة الى جانب الشركاء التقليديين.
يشار الى أنه احتفاء بستينية العلاقات الدبلوماسية بين البلدين أعدّ الجانب التونسي برنامح احتفالات متنوع على مدار السنة حيث تم إصدار طابع بريدي لتخليد الحدث وبرمجة عدد من الفعاليات الثقافية والسياحية التونسية في الصين، كما تجدر الاسشارة الى أن الطرفين التونسي والصيني يعملان على إتمام التفاوض حول مذكرة تفاهم بين وزارة الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج والوكالة الصينية للتعاون الدولي من أجل التنمية لتكون إطارا عاما لإنجاز مشاريع تعاون بين البلدين في مجالات ذات أولوية على غرار الصحة والاقتصاد الأخضر وتكنولوجيات الاتصال ومجابهة التغيّرات المناخية.
وتجدر الإشارة إلى أنّ بيكين ستحتضن في خريف 2024 القمّة الإفريقية الصينية والمنتدى العربي الصيني خلال شهر ماي 2024 وبما يندرج في إطار التوجهات الجديدة للخارجية الصينية ومزيد التعريف بالمبادرات التي أطلقتها الصين مؤخرا والتي يهدف أغلبها الى تكريس التضامن الدولي في مجال التنمية وتكريس مفهوم العالم متعدد الأقطاب ومفهوم العولمة الشاملة التي يستفيد منها الجميع. ويمكن الإشارة الى المبادرة الصينية حول التنمية العالمية التي أطلقها الرئيس الصيني في سبتمبر 2021 إثر جائحة كوفيد-19، وانضمت بلادنا الى مجموعة أصدقاء هذه المبادرة في سبتمبر 2022. كما شهدت العلاقات الثنائية دفعا واضحا إثر إرساء مشاورات سياسية بين وزارتي الشؤون الخارجية في البلدين في شهر جويلية 2017 واحتضان بلادنا لاجتماع الدورة التاسعة للجنة المشتركة خلال شهر فيفري 2018 والتوقيع يوم 11 جويلية 2018 على مذكرة تفاهم بخصوص انضمام تونس لمبادرة “الحزام والطريق” بمناسبة مشاركة وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج في الدورة الثامنة لمنتدى التعاون العربي الصيني. كما تعززت العلاقات إثر مشاركة رئيس الجمهورية الأستاذ قيس سعيد في أشغال القمة الأولى لمنتدى التعاون العربي الصيني المنعقد بالرياض في9 ديسمبر 2022 والتي أجرى خلالها مقابلة مع نظيره الصيني شي جينبينغ خصّصت للتباحث حول السبل الكفيلة بالنهوض بالتعاون بين البلدين على المستوى الثنائي وفي إطار منتدى التعاون العربي-الصّيني ومنتدى التعاون الإفريقي الصّيني.
وعلى صعيد آخر، منحت الصين بلادنا عدة هبات مكنت من إنجاز عدد من مشاريع البنية التحتية على غرار مبنى الأكاديمية الدبلوماسية الدولية والمستشفى الجامعي بصفاقس، حيث وافق الجانب الصيني على تخصيص هبة جديدة لتمويله وتوسعته ومبنى الأرشيف الوطني والمركب الثقافي والرياضي بالمنزه 6 والمركز الشبابي والرياضي ببن عروس، كما قدّمت الصين هبات متتالية لتونس بين 2020 و2022 لمعاضدتها في مكافحة جائحة كوفيد-19 وذلك في شكل كميات هامة من اللقاحات والتجهيزات الطبية، الى جانب تمكين وزارة الصحة من اقتناء اللقاحات بأسعار تفاضلية.
ويرتبط البلدان التونسي والصيني باتفاقيات وبرامج تعاون في مجالات الصحة والشباب والرياضة والأمن والدفاع، اذ شهدت المبادلات التجارية نسقا تصاعديا، حيث ارتقت الصين إلى مرتبة الشريك التجاري الرابع لتونس بعد فرنسا وإيطاليا وألمانيا. كما مثلت الصين إلى غاية سنة 2019 أهم سوق آسيوية للسياحة التونسية حيث بلغ عدد السيّاح الصينيين الذين زاروا تونس 32 ألف سائح، وقد انقطعت تدفقات السياح الصينيين سنة 2020 بسبب جائحة “الكوفيد”حيث تعمل وزارة السياحة على استرجاع هذه السوق خاصة إثر القرار الصيني بإعادة إدراج تونس ضمن الوجهات المعترف بها رسميا للسياح الصينيين في شهر أوت من السنة الماضية وموافقة تونس في شهر سبتمبر من السنة الماضية على طلب الجانب الصيني إعادة العمل بقرار إعفاء السياح الصينيين من تأشيرة الدخول إلى التراب التونسي.