رحلة في ذاكرة فلسطين الحيّة
يعتبر الباحث والكاتب أحمد بن سعيد البادي من أبرز الوجوه الفكرية في الخليج والعالم العربي فقد قدّم الباحث العماني المتحصل على شهادة الماجستير في التاريخ عدة مؤلفات هامة حملت عناوين (قصة عمان عبر الزمان) والذي تناول تواجد العرب في عمان منذ مالك بن فهم مع اعطاء نبذة مختصرة عن اهم الائمة والسلاطين الذين كان لهم الدور الكبير في التاريخ العماني، وقسم المؤلف فترات الحكم التي تعاقبت على حكم عمان الى اسر مع توضيح دور كل اسرة في مجريات الاحداث في عمان والمنطقة، كما تناول المؤلف في اصداره الذي حمل عنوان (قصص واخبار جرت في عمان وزنجبار) العديد من القصص والأخبار التي نقلها من أكثر من 150 من الكتاب العمانيين ومن العرب والمستشرقين والتي تحدثت عن العادات والتقاليد والمعاملات والتنقلات بين الجبال والاودية والسهول والمحيطات والقرى والمدن. كما كان له اصدار آخر بعنوان (البريمي تاريخ وحضارة) حمل العديد من الأبواب عن المكانة التاريخية لهذه الولاية العريقة والعادات والتقاليد ومسارات التنمية والتطوير في الولاية. وللبادي سلسلة اصدارات تتألف من ثلاثة اجزاء وتتحدث عن تاريخ (البوسعيديون وآل سعيد) وهي دراسة تاريخية تحمل العديد من الاحداث والمراجع وتستند الى المصادر والوثائق على مدى فترات زمنية متعاقبة. ويستعرض المؤلف العلاقات التاريخية بين سلطنة عمان والمملكة العربية السعودية.
ويعتبر الكاتب أحمد بن سعيد البادي من الأسماء العمانية المتميزة في كتابة التاريخ العماني من خلال تجربته الثرية في هذا الجانب وإنتاجه العديد من المؤلفات التي تستعرض الجوانب التاريخية بالسلطنة والمنطقة الخليجية بشكل عام، وقدّم للمكتبة العمانية عددا من إصداراته وكانت البداية مع كتاب «قصص عمان عبر الزمان» تلاها «قصص وأخبار جرت في عمان وزنجبار» ثم كتاب «البريمي تاريخ وحضارة» أعقبها بإصدار سلسلة «البوسعيديون وآل سعود»، وأخيرا رواية «طير لا يلتقط أنفاسه».
قراءة في رواية “طير لا يلتقط أنفاسه “
تعتبر هذه الرواية من اخر ما كتب أحمد بن سعيد البادي، سرد تفاصيلها باحتفرافية كبيرة… وهي مقسّمة الى جزءين كل جزء يتألف من عشرة فصول… تروي القضية الفلسطينية من ألفها إلى يائها.. ملحمة بدأها من مدينة بازل السويسرية حتى توقيع اتفاقية كامب ديفيد… مرورا بعدة أحداث في كثير من الدول على غرار فرنسا وبريطانيا وإيطاليا وسويسرا وتركيا وفلسطين وسوريا والعراق والسعودية وعمان والهند ومصر… اين كان لكل دولة من هذه الدول دور في الرواية…
الرواية تتحدث عن أسرة عمانية من قبيلة البادي تسكن ولاية صحم منطقة مجز، يقوم أحد أفرادها واسمه خميس بن حميد البادي بالزواج من هندية ومن ثم السفر للهند ليقيم هناك ثم ينجب ولد اسمه سعيد يذهب للدراسة في جامع الأزهر ليتعرف هناك على فرد من أسرة فلسطينية كبيرة【آل مشعان] تسكن قرية الكابري من أعمال عكا الفلسطينية ليسافر ويختفي آخر الأمر في أحداث غامضة… ثم يظهر من أسرة آل مشعان فرد منها اسمه سنان المشعان ليهاجر من فلسطين عام 1948 بعد هزيمة الجيوش العربية للبنان لينتهي به المطاف آخر الأمر في مسقط مدرس وعندما يحكم صاحب الجلالة السلطان قابوس- طيب الله ثراه- يمنحه الجنسية العمانية ويعيش على أمل العودة لفلسطين إلى أن يوافيه الأجل.
الرواية التي تعُرض الرواية حاليا في معرض القاهرة الدولي للكتاب كما ستُعرض في معرض مسقط الدولي للكتاب، مكتظة بالمعلومات والأحداث طيلة هذه الفترة، لذلك تعتبر كتاب تاريخي بسبب تركيزها على الجانب التوثيقي في سرد الأحداث من خلال نص روائي جميل، يشدّ القارئ ولن يتركه قبل أن يأتي على جميع صفحاته.