نظمت جمعية صيانة مدينة المنستير، أمس السبت، بمقر بلدية المنستير حفل توقيع كتاب الباحث والمؤرخ نبيل قلالة بعنوان “روسبينا-المنستير في الحقبة الرومانية والعصر القديم المتأخر، تاريخ جديد”، كتبه باللّغة الفرنسية تحت عنوان Ruspina -Monastir Romaine et Tardo-Antique, Une histoire nouvelle
وأنجز هذا الكتاب الصادر في تونس سنة 2024 في 421 صفحة، بدعم من المعهد الوطني للتراث، والوكالة الوطنية لإحياء التراث والتنمية الثقافة وجامعة تونس. وقسمه الباحث إلى ثلاثة أبواب وهي: روسبينا تحت الجمهورية الرومانية، وروسبينا في حقبة الإمبراطورية، وروسبينا الوندالية والبيزانطية .
وذكر عز الدّين باش شاوش المؤرخ وعالم الآثار وعضو أكاديمية النقوش والآداب الجميلة في تقديمه لهذا الكتاب بأنّه كتاب مرجع فيه تحليل لجميع المراجع التاريخية أثرته مجموعة من النقوش غير المسبوقة توضح معطيات أثرية.
ويتناول كتاب نبيل قلالة بالدراسة التاريخ القديم لمدينة المنستير روسبينا ومعركة روسبينا حسب الحبيب بن صالحة الرئيس الشرفي لجمعية صيانة مدينة لمطة ورئيس مخبر الدراسات المغاربية والتواصل الثقافية بجامعة منوبة في تصريح لوكالة تونس أفريقيا للأنباء بيّ فيه أيضا أنّ “المعارك كانت تدار بمفاهيم وقيم خلافا لما يقع الآن. وتكمن هنا أهمية التراث الذي يصنع في كلّ لحظة وعلينا كسب التراث من جديد” .
واوضح الحبيب بن صالحة قائلا “عندما قدم سيزار إلى المنستير في إطار حرب أهلية رومانية كان لأهالي المنستير الذكاء في كيفية استقباله ومساعدته وبالتالي كيف نصنع تونس من جديد انطلاقا من القديم الذي ينطوي على معلومات قيّمة أي قراءة القديم لصياغة المستقبل” مقترحا أن يقع برمجة هذا الكتاب في المعاهد كي يعرف التلاميذ تاريخ بلادهم.
و”روسبينا-المنستير” هو ثمرة جهود تواصلت منذ سنة 1987 تاريخ أوّل حفرية لحمام روماني قام بها نبيل قلالة في هنشير التنير بالمنستير وتلتها حفرية ثانية لمقبرة في سقانص ما مكنه من بلورة تاريخ روسبينا.
و”تواصلت عملية الكتابة قرابة السنوات الثلاث غير أنّ عملية البحث والتوثيق تطلبت منه قرابة الأربعين سنة و”هو كتاب العمر ووضعت فيه كلّ جهدي حبا في التاريخ وحبا في المنستير وسعيد بنشره باعتباره كتاب كبير وجامع ” حسب ما أكده نبيل قلالة في تصريح لوكالة تونس أفريقيا للأنباء.
وأصبح الآن تاريخ روسبينا معروف وسيكون معلوما إذ قبل هذا الكتاب لم يعرف إلاّ القليل وبفضل ما وجده نبيل قلالة خلال حفرياته وما لقي من حجارة ومعالم وبحث في النصوص الأدبية والتاريخية عرفت أن قيمة روسبيا القريبة من قيمة لبتي مينوس وحضرموت سوسة التي كانت مدينة معروفة في القديم.
ولعبت روسبينا دورا لا بأس به في تاريخ افريقيا القديم في جهة الساحل التي تسمى بيزاسان القديمة وكانت لها صفة المدينة الحرة. وتطورت في العهد الجمهوري وساندت قيصر ضد بامبيوس في الحرب الأهلية سنة 46 قبل الميلاد
وشهدت بعد ذلك تطورا وازدهارا مطردا إلى حدود سنة 238 وشاركت في انتفاضة ضد الامبراطور مكسيميانوس بروما وسعت كل من تسدروس (الجم) ولبتس إلى تغيير الامراطور وتسمية بروقنصل قرطاج قرديانوس ما يعني أنّ المدينة كانت تلعب دورا مهمّا.
وعرفت روسبينا بداية من القرن الرابع وخاصة القرن الخامس بعد الميلاد اضمحلالا بعد الزلزال القوي الذي ضربها سنة 365 بعد الميلاد. وبعد أن كانت مدينة مزدهرة تقهقرت في العهد الوندالي والبيزنطي.
ويمكن الحديث عن روسبينا منذ سنة 1100 قبل الميلاد غير أنّها معروفة كمدينة منذ القرن الرابع قبل الميلاد وهذا ثابت ومتأكد إذ بدأ منذاك تاريخها السياسي والمؤسساتي وتواصل إلى أواخر القرن السابع أو الثامن عند قدوم العرب حسب نبيل قلالة.