نجيبة الحمروني : ولدت في 10 ماي 1967 – توفيت في 29 ماي 2016، (49 سنة).
وُلدت بالبطّان في الضواحي الغربية لتونس العاصمة. بدأت تعليمها الابتدائي بالبطّان، والثانوي بطبربة. وبعد حصولها على البكالوريا اختارت دراسة الإعلام بمعهد الصحافة وعلوم الأخبار حيث تخرجت أواسط تسعينيات القرن الماضي.بدأت رحلتها مع الصحافة ضمن جريدة “الصباح”،
وبعد ست سنوات من العمل بهذه الجريدة مع عدد من رواد الصحافة مثل الصحفي الراحل محمد قلبي، قبل أن يقع طردها تعسفيًا ليبدأ اهتمامها بالنشاط النقابي والاطلاع على هشاشة العمل الصحفي والتسلط وعدم احترام القانون واتفاقيات العمل، الأمر الذي جعلها تثور على هذا الحيف الذي عاشته وتبدأ نشاطها في جمعية الصحفيين آنذاك.بعد تجربة الصباح.
خاضت نجيبة تجربة العمل في مركز المرأة العربية للتدريب والبحوث “Cawtar” وتولت رئاسة التحرير في المركز.في 13 جانفي 2008 انتخبت لعضوية أول مكتب تنفيذي لنقابة الصحفيين التونسيين، التي تأسست على أنقاض جمعية الصحفيين، وفاز خلال هذا المؤتمر التيار المستقل (الذي كانت الحمروني من بين أعضائه) بأغلبية مقاعد المكتب التنفيذي، وهو ما أثار حفيظة النظام.لم يدم صبر النظام على نقابة الصحفيين طويلا، فقد بدأت الحملات الإعلامية المناوئة للتيار المستقل داخل النقابة تتصاعد، وذلك إثر نشر التقريرين السنويين حول حرية الصحافة سنتي 2008 و2009، اللّذين تضمّنا انتقادات شديدة لواقع حرية الصحافة والتعبير بتونس.
وخلال شهر جويلية 2009 تولت الحمروني أمانة مال النقابة بعد استقالة أربعة من أعضاء المكتب التنفيذي بأوامر من السلطة ضمن خطة مسبقة أعدها النظام للانقلاب على النقابة. وفي 15 أوت من العام نفسه، نظمت السلطة ما وُصف بالانقلاب على المكتب التنفيذي للنقابة، بعد أن نظّم صحفيون موالون لها مؤتمرا استثنائيا أفضى إلى تشكيل مكتب تنفيذي جديد بقيادة موالية لنظام بن علي.
رفضت نجيبة الحمروني وثلة من زملائها الاعتراف بنتائج هذا المؤتمر، بوصفه مؤتمرا انقلابيا، وواصلوا فضحهم ممارسات النظام القمعية ضد حرية الصحافة والتعبير. وتعرضت الحمروني إلى تضييقات أمنية شديدة بسبب إصرارها على موقفها الرافض لمخرجات المؤتمر الذي وصف بالانقلابي؛ ففي الأسبوع الأخير من شهر سبتمبر 2009 مثلا، استدعتها الشرطة الاقتصادية ثلاث مرات للتحقيق معها على خلفية اتهامات بمخالفات مالية خلال توليها أمانة مال النقابة.
بعد الإطاحة بزين العابدين بن علي تم انتخاب نجيبة الحمروني رئيسة لنقابة الصحفيين خلال مؤتمر تصحيح المسار الذي انعقد في شهر جوان 2011.
نفذت النقابة برئاسة الحمروني إضرابين عامين في قطاع الصحافة (الأول في 17 أكتوبر 2012، والثاني في 17 سبتمبر 2013) على خلفية المطالبة بتفعيل المرسومين 115 و116 اللذين ينظمان قطاع الصحافة، وتنديدا بما عدّته النقابة استهدافا لحرية التعبير والصحافة.
حقّق قطاع الإعلام في تونس خلال فترة رئاسة الحمروني نقابة الصحفيين جملة من المكاسب، لعل أهمها تركيز الهيئة العليا المستقلة للإعلام السمعي والبصري، وهي تشرف على قطاع الإعلام، كما تم تفعيل المرسومين 115 و116 اللذين يؤطران قانونيا العمل الصحفي في تونس.
توفيت نجيبة الحمروني في 29 ماي 2016 بعد صراع طويل مع المرض ودفنت في مقبرة البطان.
كانت نجيبة تؤمن أنها صديقة الجميع وصديقة أعدائها، ولعلّ هذا الأمر هو ما ميّزها بل وكان نقطة قوتها، إذ أن خصومها الصحفيين والسياسيين كانوا يحترمونها قبل وفاتها وبعدها. ولعلّ أبرز دليل على ذلك هو أنها في نقدها اللاذع لتنظيم النهضة مثلًا لم تتخط يومًا حدود الاحترام وأخلاقيات المهنة، بل أن نقدها كان دومًا مبنيًا على المنطق والبيّنة واحترام أخلاقيات المهنة.
كرّست الحمروني حياتها للدفاع عن صحافة حرّة وصحفيين مستقلين يعملون في أفضل الظروف دون تدخل في إطار الحسابات والمصالح الضيقة.