رحبت الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي وجهات سودانية عدة بتوقيع الجيش السوداني وقوات الدعم السريع على إعلان جدة ودعت أن يكون ذلك منطلقا لوقف دائم للقتال، وأكد الجيش التزامه بإعلان جدة في حين قال “الدعم السريع” إن وفده تقدم بمجموعة مطالب في مفاوضات جدة.
وقال وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان إن الاتفاق الذي وقع في جدة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع يأتي كخطوة أولى ستتبعها خطوات أخرى.
وأضاف -في تغريدة- أن الأهم هو الالتزام بما تم الاتفاق عليه، وأكد أن المملكة ستعمل حتى يعود الأمن والاستقرار للسودان وشعبه.
وقد رحبت الآلية الثلاثية المكونة من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي وهيئة “إيغاد” بتوقيع الجيش السوداني وقوات الدعم السريع على إعلان جدة، ورأت التوقيع على إعلان جدة خطوة مهمة لحماية المدنيين وحفظ كرامتهم.
ما هو “إعلان جدة” الذي وقع عليه الجيش السوداني و قوات “الدعم السريع”؟
وقع الجيش السوداني وقوات “الدعم السريع” شبه العسكرية، الخميس، بالتعاون مع المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية على “إعلان جدة” الذي ينص على الالتزام بحماية المدنيين في السودان.
وكذلك أكد الطرفان، بحسب نص الإعلان على “الالتزام بسيادة السودان والحفاظ على وحدته وسلامة أراضيه، والاتفاق على أن مصالح وسلامة الشعب السوداني هي أولوية رئيسية، والالتزام بضمان حماية المدنيين السودانيين في جميع الأوقات، والسماح بمرور آمن للمدنيين في السودان لمغادرة مناطق الأعمال العدائية، والامتناع عن تجنيد الأطفال واستخدامهم في الأعمال العدائية، وإجلاء الجرحى والمرضى دون تمييز والسماح للمنظمات الإنسانية بالقيام بذلك”.
ونشرت وكالة الأنباء السعودية (واس) نص “إعلان جدة”
“إعلان جدة”
التمهيد:
إدراكا منا بضرورة تخفيف المعاناة عن كاهل شعبنا والناجمة عن القتال في السودان منذ (الخامس عشر من أفريل 2023)، ولا سيما في العاصمة الخرطوم، وتلبية لمتطلبات الوضع الإنساني الراهن الذي يمر به المدنيون.
واستجابة منا لمناشدات الدول الشقيقة والصديقة عبر مبادراتها العديدة وعلى رأسها المبادرة السعودية الأمريكية.
نؤكد نحن الموقعون أدناه، القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع من خلال هذا الإعلان التزاماتنا الأساسية بموجب القانون الدولي الإنساني لتيسير العمل الإنساني من أجل تلبية احتياجات المدنيين.
ونؤكد التزامنا الراسخ بسيادة السودان والحفاظ على وحدته وسلامة أراضيه.
وندرك أن الالتزام بالإعلان لن يؤثر على أي وضع قانوني أو أمني أو سياسي للأطراف الموقعة عليه، ولن يرتبط بالانخراط في أي عملية سياسية.
ونرحب بالجهود التي يبذلها أصدقاء السودان الذين يسخّرون علاقاتهم ومساعيهم الحميدة من أجل ضمان احترام القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، بما في ذلك الالتزام بالإعلان وتنفيذه على الفور.
لا تحل أي من النقاط الواردة أدناه محل أي التزامات أو مبادئ بموجب القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان التي تنطبق على هذا النزاع المسلح وعلى وجه الخصوص البروتكول الإضافي الثاني لسنة 1977
والملحق باتفاقيات جنيف الأربعة لسنة 1949 والتي يجب على جميع الأطراف الوفاء بها.
الالتزامات
1- نتفق على أن مصالح وسلامة الشعب السوداني هي أولوياتنا الرئيسية ونؤكد التزامنا بضمان حماية المدنيين في جميع الأوقات، ويشمل ذلك السماح بمرور آمن للمدنيين لمغادرة مناطق الأعمال العدائية الفعلية على أساس طوعي في الاتجاه الذي يختارونه.
2- نؤكد مسؤوليتنا عن احترام القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان، بما في ذلك الالتزام بـما يلي:
أ- التمييز في جميع الأوقات بين المدنيين والمقاتلين وبين الأعيان المدنية والأهداف العسكرية.
ب- الامتناع عن أي هجوم من المتوقع أن يتسبب في أضرار مدنية عرضية والتي تكون مفرطة مقارنة بالميزة العسكرية الملموسة والمباشرة المتوقعة.
ج- اتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة لتجنب وتقليل الضرر الذي يلحق بالمدنيين، مما يهدف إلى إخلاء المراكز الحضيرة بما فيها مساكن المدنيين، فعلى سبيل المثال لا ينبغي استخدام المدنيين كدروع بشرية.
د- ضمان عدم استخدام نقاط التفتيش في انتهاك مبدأ حرية تنقل المدنيين والجهات الإنسانية.
هـ- السماح لجميع المدنيين بمغادرة مناطق الأعمال العدائية وأي مناطق محاصرة طوعًا وبأمان.
و- الالتزام بحماية الاحتياجات والضروريات التي لا غنى عنها لبقاء السكان المدنيين على قيد الحياة، والتي يمكن أن تشمل المواد الغذائية والمناطق الزراعية والمحاصيل والثروة الحيوانية. كما يُحظر النهب والسلب والاتلاف.
ز- الالتزام بالإجلاء والامتناع عن الاستحواذ واحترام وحماية كافة المرافق الخاصة والعامة كالمرافق الطبية والمستشفيات ومنشآت المياه والكهرباء، والامتناع عن استخدامها للأغراض العسكرية.
ح- الالتزام باحترام وحماية وسائل النقل الطبي مثل سيارات الإسعاف والامتناع عن استخدامها لأغراض عسكرية.
ط – الالتزام باحترام وحماية العاملين في المجال الطبي والمرافق العامة.
ي- احترام وعدم التعدي على حق المدنيين بالمرور والسفر بالطرق والجسور داخل وخارج ولاية الخرطوم.
ك – اتخاذ جميع الإجراءات الممكنة لجمع الجرحى والمرضى وإجلائهم، بما فيهم المقاتلين – دون تمييز- والسماح للمنظمات الإنسانية القيام بذلك، وعدم عرقلة عمليات الإجلاء الطبي بما في ذلك أثناء الأعمال العدائية الفعلية.
ل – الامتناع عن تجنيد الأطفال واستخدامهم في الأعمال العدائية.
م – الامتناع عن الانخراط في عمليات الاخفاء القسري والاحتجاز التعسفي للمدنيين.
ن – الامتناع عن أي شكل من أشكال التعذيب أو غيره من ضروب المعاملة القاسية أواللاإنسانية أو المهينة، بما في ذلك العنف الجنسي بجميع أنواعه.
س – معاملة جميع الأشخاص المحرومين من حريتهم بطريقة إنسانية وتمكين المنظمات الإنسانية الرئيسية من الوصول المنتظم إلى الأشخاص المحتجزين.
3- ندرك أن الأنشطة الإنسانية تهدف إلى تخفيف المعاناة الإنسانية وحماية حياة وكرامة الأشخاص غير المقاتلين أو الذين كفوا عن القتال. ونتفق على ضرورة السماح باستئناف العمليات الإنسانية الأساسية وحماية العاملين والأصول في المجال الإنساني، ويشمل ذلك:
أ- احترام المبادئ الإنسانية الأساسية، المتمثلة في الإنسانية وعدم التحيز والحياد واستقلال العمليات الإنسانية.
ب- السماح بالمرور السريع للمساعدات الإنسانية دون أي عوائق وتسهيله، بما في ذلك المعدات الطبية والجراحية، وضمان حرية الحركة للعاملين في مجال الإغاثة والتي تعد لازمة لأداء مهامهم. ويتضمن ذلك:
(1) تسهيل المرور الآمن والسريع دون عوائق للعاملين في المجال الإنساني عبر جميع الطرق المتاحة (وأي ممرات إنسانية قائمة) على النحو الذي تقتضيه الاحتياجات، إلى البلد وداخله، بما في ذلك حركة قوافل المساعدات الإنسانية.
(2) اعتماد إجراءات بسيطة وسريعة لجميع الترتيبات اللوجستية والإدارية لعمليات الإغاثة الإنسانية.
(3) الالتزام بفترات التوقف الإنسانية المنتظمة وأيام الهدوء حسب الحاجة.
(4) الامتناع عن التدخل في العمليات الإنسانية الرئيسية وعدم مرافقة العاملين في المجال الإنساني عند قيامهم بالأنشطة الإنسانية، مع مراعاة الموجهات المعدلة واجراءات العمل الإنساني في السودان.
ج- حماية واحترام العاملين والأصول والإمدادات والمكاتب والمستودعات والمرافق الأخرى في المجال الإنساني. ويجب على الجهات المسلحة ألا تتدخل في أنشطة العمليات الإنسانية. ومع احترام مبدأ حيادية الجهات الإنسانية، يجب على الجهات المسلحة ضمان أمن ممرات النقل ومناطق التخزين والتوزيع. كما يحظر مهاجمة الأفراد أو مضايقتهم أو ترهيبهم أو احتجازهم بشكل تعسفي، أو الهجوم على إمدادات أو منشآت أو مواد أو وحدات أو مركبات الإغاثة أو تدميرها أو سرقتها.
4- بذل كل الجهود لضمان نشر هذه الالتزامات – وجميع التزامات القانون الدولي الإنساني – بالكامل داخل صفوفنا، وتعيين نقاط اتصال للتعامل مع الجهات الفاعلة الإنسانية لتسهيل أنشطتها.
5- تمكين الجهات الإنسانية المسؤولة، مثل الهلال الأحمر السوداني و/أو اللجنة الدولية للصليب الأحمر، من جمع الموتى وتسجيل أسمائهم ودفنهم بالتنسيق مع السلطات المختصة.
6- اتخاذ جميع التدابير اللازمة لضمان التزام جميع الأشخاص الخاضعين لتعليماتنا أو توجيهاتنا أو سيطرتنا بالقانون الإنساني الدولي، لا سيما الالتزامات الواردة في هذا الإعلان.
7- تعزيزاً للمبادئ والالتزامات الواردة في هذا الإعلان، نلتزم بإعطاء الأولوية للمناقشات بهدف تحقيق وقف إطلاق نار قصير المدى لتسهيل توصيل المساعدة الإنسانية الطارئة واستعادة الخدمات الأساسية، ونلتزم كذلك بجدولة المناقشات الموسعة اللاحقة لتحقيق وقف دائم للأعمال العدائية.
تم توقيع الإعلان في مدينة جدة بتاريخ (11 مايو/ أيار 2023)، بالتعاون مع المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية.
يذكر أن وزارة الخارجية الأمريكية أعلنت، في وقت سابق من يوم الخميس، عن توقيع الجيش السوداني وقوات “الدعم السريع” على “إعلان التزام بحماية المدنيين” خلال المحادثات التي تعقد في مدينة جدة السعودية.
وقال مسؤول رفيع في وزارة الخارجية الأمريكية، للصحفيين، إن هذا الإعلان “ليس وقفا لإطلاق النار، بل وثيقة نوايا”، وأضاف أن “الخطوة التالية ستكون التفاوض على وقف إطلاق النار، وقد تبدأ المحادثات بشأن ذلك في وقت مبكر من يوم الجمعة”.
وتابع المسؤول الأمريكي أنه تم تطوير آلية لمراقبة وقف إطلاق النار “للمساعدة في تحميل الأطراف المسؤولية عما اتفقت على القيام به”.
وقال إن الغرض من الإعلان “هو توجيه سلوك القوتين حتى نتمكن من الحصول على المساعدة الإنسانية، والمساعدة في بدء استعادة الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والماء، وترتيب انسحاب قوات الأمن من المستشفيات والعيادات”.
وأضاف المسؤول الأمريكي: “سوف نتحرك بأسرع ما يمكن مع الأطراف للوصول إلى الإجراءات الفعلية، ولقد قدمنا بالفعل توصيات محددة لكل جانب لاتخاذ إجراءات وبعض ذلك يحدث”.
وقال المسؤول إن مفاوضي القوات المسلحة السودانية وقوات “الدعم السريع” سيبدأون الآن بدعم من الوسطاء السعوديين والأمريكيين “في التفاوض على وقف إطلاق نار فعلي قصير المدى”.
وأشار المسؤول إلى أن هذا الإعلان كان مجرد المرحلة الأولى من المحادثات، و”ستكون هذه عملية متواصلة لذلك نحن في المرحلة الأولى فقط”.
وذكر المسؤول الأمريكي عن المحادثات في جدة: “قمنا بذلك بالشراكة مع السعوديين بناء على طلب الجانبين، ولقد طلب منا الجانبان مساعدتهما في ذلك ، ولكن هناك كل التوقعات بأن يتم توسيع هذه العملية لتشمل، أولا والأهم، المدنيين السودانيين، وثانيا، شركاء إقليميين في إفريقيا والعالم العربي والمجتمع الدولي”.
وقال مسؤول كبير آخر في وزارة الخارجية الأمريكية إن الأمر استغرق وقتا أطول من المتوقع للحصول على اتفاق بشأن الإعلان، و”كانت المفاوضات صعبة للغاية”، لا سيما بالنظر إلى “عمق العداء” بين قوات “الدعم السريع” والقوات المسلحة السودانية.
ومن جانبها، قالت وزارة الخارجية السعودية، في بيان: “سيوجه إعلان الالتزام نشاط القوتين لتمكين إيصال المساعدات الإنسانية بأمان، واستعادة الخدمات الأساسية، وانسحاب القوات من المستشفيات والعيادات، والسماح بدفن الموتى باحترام، وعقب التوقيع، ستركز محادثات جدة على التوصل إلى اتفاق بشأن وقف فعال لإطلاق النار لمدة تصل إلى قرابة 10 أيام، وذلك لتسهيل هذه الأنشطة، ستشمل الإجراءات الأمنية آلية لمراقبة وقف إطلاق النار مدعومة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية و المملكة العربية السعودية والمجتمع الدولي”.
يذكر أن القتال في السودان أسفر عن مئات القتلى وآلاف الجرحى، وتسبب في فرار عشرات الآلاف من منازلهم، وجعل البلاد على شفا حرب أهلية وكارثة إنسانية ضخمة.