رهان كببر أقدمت عليه الهيئة الجديدة لجمعية المهرجان الدولي ببنزرت التي تم انتخابها في فيفري الماضي.. كل الذين يدركون مدى صعوبة تنظيم دورة لمهرجان دولي في حجم مهرجان بنزرت ظلوا يتساءلون بالصوت الخافت عن مدى قدرة رئيس الجمعية لطفي الصفاقسي وأعضاده المنتخبين مثله على القيام بمهمة الدورة 41 لهذا العام.. ظلوا يلاحظون في صمت وينتظرون البرمجة اولا ثم التنظيم ثانيا.. وردّآ على كل المتسائلين وكذلك المشككين ومن تمنوا فشل الهيئة الجديدة جاءت الندوة الصحفية التي أعلنت عن برنامج دورة هذه الصائفة وكل محتواها من المنتوج التونسي، أي دون أي عرض من خارج الحدود.. البرمجة كانت ذكية في اختيار عروضها وقد شملت كل الشرائح العمرية وكانت متنوعة من حيث العروض المقترحة…

 بعد الندوة الصحفية التي كان التنظيم فيها جيدا حيث لم نسجل كما جرى في السابق في دورات السنوات الفائتة أي ضجيج وصخب بين إعلاميي الجهة وبعض أعضاء المهرجان السابقين.. بعد الندوة إذن، انتظر “المنتظرون في الدّورة” عرض الإفتتاح الذي اختارت له هيئة لطفي الصفاقسي أن يكون من إنتاج ابن بنزرت الفنان محسن الماطري الذي كان له الفضل في التعريف بالأغنية التراثية البنزرتية منذ ثمانينيات القرن الماضي…

 وقبل الحديث عن عرض الإفتتاح لا بد من التعريج على الإعتناء الكبير بالبنية التحتية لفضاء الهواء الطلق “حافظ عيسى” حيث تم القيام بأشغال ترميم شملت جوانب هامة من الركح والإدارة ومقاعد الجماهير وأبواب دخولهم وخروجهم.. الأشغال تم تقدير كلفتها بنحو 850 الف دينار أنجزوا منها قرابة الثلث في جزء اول في انتظار البقية بعد انقضاء الدورة الحالية…

 التنظيم الناجح.. والعرض البارع

تنظيم الدخول لفضاء “حافظ عيسى” كان محكما حيث لم تكن هناك الفوضى كما جرت العادة ولم تحدث مشاكل بين عملة المهرجان والمتفرجين… قبل العرض  أعلن رئيس المهرجان السيد لطفي الصفاقسي عن افتتاح الدورة 41 مرحبا بضيوف الشرف يتقدمهم المعتمد الأول السيد الحبيب الخرشاني الذي كان مرفوقا بالكاتبة العامة للولاية ومعتمدة بنزرت الشمالية وكذلك مندوب الثقافة ببنزرت شاكرا في الآن نفسه كل من ساعدوا هيئة المهرجان على ضمان نجاح الدورة الجديدة.

أما عن العرض الإفتتاحي في حد ذاته، وقد بدأ الماطري بالإعداد له منذ أكثر من اربعة أشهر بمدينة الثقافة بالعاصمة، فقد كان ناجحا لأبعد الحدود حيث اختار أغان ذات إيقاع راقص تفاعل معها الجمهور الذي ناهز عدده الأربعة آلاف بالترديد والرقص والهتاف وهي الأغاني التي اشتهر بها منذ الربع الأخير من القرن الماضي على غرار “مبروك عليكم” و”لون عيونك” و”بابا بحري” و”اليوم قالتلي زين الزين” و”تبعني” و”يا معذبتني بزينك” و”يا العماري” و”يا سمراء” و”قلّو أنا ما نسيت” و”سراب ما عندك رفيق يا قلبي” و”خمسة وخميس”.. إلى جانب أغنية “زينة” وهي جزائرية غنّاها مع الجمهور ثمّ “ما درتي فينا أنا وقلبي”.. ليختم وصلته هذه بأغنيته الجديدة “يرّاني نسكن عينيك”.. بعدها كان الدور على الأغاني التراثية البنزرتية، حيث غنّى محسن الماطري “يا للّا جَيْتك بدخيل” ” و”يا سيّده يا نغارة” و”ما أحلى الصلاة على النبي” و” يا محمد في حضرتك يا محمد” و”مولى الصفصاف عبد الواحد” و”لا إله إلاّ الله” و”يا حشاني يا ولّي” و”أم الزين الجمّالية”.. باختصار، الجمهور انتشى غناء ورقصا وأجواء احتفالية…

 المسرح في “لوك” جديد…

 منظر الركح الرسمي أُدخِلت عليه تحسينات كثيرة تليق بفضاء ضخم يستقطب أكثر من عشرة آلاف متفرج في كل عرض كبير.. التجهيزات الصوتية في دورة هذا العام والأضواء أيضا ارتقت بجودتها إلى مستوى مهرجان دولي وقد كانت النقطة السوداء في الدورات السابقة…

 تحية خاصة

التحية الخاصة في مقالنا هذا نتوجه بها اولا إلى الفنان محسن الماطري الذي عاد للغناء والعروض الجماهيرية الضخمة بعد غياب دام 18 عاما وفي عودته هذه كاريزما فنان كبير وإصرار على العودة إلى الركح كمطرب وهو مهندس الصوت وموزع موسيقي بارز معروف وطنيا وفي العالم العربي.. الثاني الجدير بتحيتنا هو رئيس الجمعية لطفي الصفاقسي ومدير المهرجان الذي عرف كيف يجمع بين كافة أعضاء تركيبة هيئته وهم المختلفون عن بعضهم في طموحاتهم.. ثالث الجديرين بتحيتنا هو الملحق الإعلامي في هذه الدورة والناطق الرسمي باسم المهرجان الشاب حمزه الطياشي لما أظهره من حسن تعامل مع الإعلاميين ومع كل من يقصده في اي معلومة.. أما آخر من نحييهم فهم جمهور المهرجان الذي عودنا في كل دورة بالحضور بكثافة في كل سهرة…

 الحبيب العربي