بقلم: محمّد بلغيث ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إنتهت الرحلة، وذهب الرجل في حال سبيله… جاء ملك الموت على حين غرّة وأخذ منّا واحدا من جنود الظل… من رجال الخفاء… من صنّاع الحياة…هكذا هي الدنيا…تأبى إلا أن تفجعنا في من نحبّ…
مات الكافي بالعبّاس…إسم قد لا يعني للكثيرين شيئا، وقد لا يكون مرّ بمخيّلتهم يوما..ولم يذكر أمامهم مطلقا…ولم تتداوله ألسنة العامة…إسم أثّر في حياة الجميع لكنه بقي مجهولا مغمورا إلا بين من كانوا يصنعون الحياة…يصنعون السينما والأفلام والدراما…يصنعون الفن…
مات الكافي الرجل الذي نذر كلّ إمكانياته بل كلّ حياته لكلّ من رغب في ذلك من أهل السينما والصورة والدراما للاستعانة بمعدّاته لصنع الصورة وتحريك الحياة…
الكافي بالعبّاس أو “علي بابا” الرجل الخلوق الطيّب الذي أحبّه ويحبّه ويحترمه كل من كان في مجال وميدان الدراما والسينما أو قريبا منه…وكيف لا يعرفونه وهو الذي لا تدور الكاميرا إلا بأدواته…ذهب الكافي في حال سبيله…اكتملت دورة الحياة عنده وترجّل عن رَحِلها ليترك الجميع في التسلّل…ضاع الجميع وفاز هو بالراحة والهدوء والسكينة بالقرب من ربّ رحيم… ستدور آلات التصوير حتما ولن تتوقف بتوقف قلب الكافي… لكن لن يجد أهل الدراما مثل قلب الكافي… القلب الطيّب… القلب الأبيض… القلب النابض دراما وسينما وأفلام ومسلسلات… القلب الذي يُعطي دون انتظار المقابل… دون انتظار الجزاء… هو جُبل على ذلك لأن طبيعته تأبى غير ذلك… فسار بين السينمائيين يُجبر الخواطر ويمنح أدواته ويسخّر معداته ويضع آلياته تحت تصرفهم حبّا في النّاس وحبّا في السينما وحبّا في الحياة… فصار علَمًا بينهم، ورجلا تُطأطؤ الرؤوس احتراما له… لكنه لم يُصب شهرة يستحقّها وهو جدير بها… مات الكافي في غفلة من الجميع، والجميع لا يزالون بحاجة إليه، لكنه هكذا هو… يُعطي بلا حساب ويذهب بلا أسباب… لأنه ببساطة رجل لم ينتظر يوما أن يوفّى له العطاء… فقد عاش قانعا بدوره، محترما لذاته، مسخّرا نفسه وما يملك لغيره…للحياة…
مات الكافي بالعبّاس…رجل ليس ككلّ النّاس…مات علي بابا…إنتهت الرحلة ولم تنته الحياة…
رحم الله الكافي بالعبّاس وغفر له وأسكنه فسيح جناته…