عقدت لجنة المالية والميزانية لمجلس نواب الشعب جلسة مشتركة اليوم الأربعاء مع لجنة المالية والميزانية للمجلس الوطني للجهات والأقاليم، للاستماع إلى وزيرة المالية حول مشروع ميزانية الدولة لسنة 2025.

وقالت وزيرة الماليّة، سهام البوغديري نمصيّة، “لن يتم تقديم قانون مالية تعديلي باعتبار أنه لن يتم تجاوز النفقات المقدرة”، مبيّنة أنّ التحكم في نفقات ميزانية 2025 وفي نسبة عجز الميزانية متواصل.
واستعرضت في هذا السّياق توجهات إعداد مشروع ميزانية الدولة لسنة 2025 والفرضيات المعتمدة وتقديرات موارد ميزانية الدولة، مشيرة إلى أنها ستشهد تطوّرا، وأكدت مواصلة التوجه نحو دعم التعويل على الذات والحد من الاقتراض الخارجي.
وبخصوص تقديرات نفقات الميزانيّة، لاحظت أنّ الدّولة مستمرّة في الإيفاء بتعهداتها وخاصة خلاص ديونها في الآجال المحددة، مشيرة إلى أنّ تسديد خدمة الدين الداخلي والخارجي بلغ 82.2 بالمائة رغم ضغوطات نقص الموارد الخارجية.

وقدّمت الوزيرة، بالمناسبة، مؤشرات حول خدمة الدين العمومي، مبيّنة أن حجم ميزانية الدولة سيبلغ 78231 مليوم دينار، أي بزيادة بـ3.3 بالمائة مقارنة بالنتائج المنتظرة لسنة 2024.

وأفادت بأن عجز الميزانية دون الهبات والمصادرة لسنة 2025 سيبلغ حوالي 10150 مليون دينار، وسيتم تمويله أساسا بموارد اقتراض تبلغ 28003 ملايين دينار.

وخلال النقاش، بيّن أعضاء المجلسين أنّ التحسّن الطفيف في الموازنات العامة لا ينفي إمكانية وجود صعوبات لتحقيق الأهداف المرسومة.

واستفسروا عن مدى وجاهة اعتماد نسبة نمو بـ3.2 بالمائة ضمن فرضيات إعداد ميزانية 2025 وعن استراتيجية الدولة لدعم موارد ميزانية الدولة بموارد أخرى غير الجبائية وعن إجراءات مزيد دفع الاستخلاص الجبائي، وعن كيفية تطبيق الاستراتيجية المتعلقة بمنظومة الدعم بهدف تقليص كلفة دعم المحروقات والمواد الأساسية وعن إثقال كاهل القطاع البنكي بالاقتراض الداخلي.

وتساءل النواب كذلك عن مدى نجاعة التوجه المتمثل في استخلاص الأجور في بعض القطاعات بواسطة مداخيل الاستثمارات وعن نتائج الاستثمارات المنجزة سنة 2024 والمجهود المبذول لحلحلة إشكاليات المشاريع المعطلة.

ودعوا إلى مزيد تعزيز سياسة التعويل على الذات وترجمتها بقوانين وإجراءات بالعمل على دعم الإنتاج عوض دعم الاستهلاك ودعم القدرة التنافسية للمؤسسات الصغرى والمتوسطة ومزيد دعم القطاع الفلاحي باتخاذ قرارات جريئة لتحقيق الاكتفاء الذاتي ومزيد خلق الثروة وتعزيز التنمية من خلال التركيز على الطاقات المتجددة والصناعات التحويلية والتكنولوجيا، ومزيد تحسين مناخ الاستثمار والتشجيع على المبادرة الخاصة وتعزيز الرقابة على المناطق الحدودية.

كما طلبوا مدّهم بمعطيات حول حجم القطاع الموازي وسبل إدماجه في الاقتصاد المنظم قصد تحسين موارد الدولة. واعتبروا أن التخفيض في نسبة الفائدة المديرية يمكن أن يساهم في تحسين مناخ الاستثمار.

واستفسر المتدخّلون عن مدى وجود تصوّر دقيق لاستخلاص ديون الدولة. ودعوا إلى مراجعة مجلة الاستثمار ومجلة الصرف والأمر المنظم للصفقات العمومية. واقترح بعض النواب تشريك الوظيفة التشريعية في إعداد الميزانية.

وفي ردّها، بيّنت الوزيرة أن العمل يجب أن يكون بصفة تشاركية لتحقيق الأهداف، وأضافت أن إعداد الميزانية مبني على توقعات وبالاعتماد على القانون الأساسي للميزانية. واعتبرت أن الفرضية المتعلقة بنسبة النمو المنتظرة تعتبر فرضية محورية وأن أهم تحديات المرحلة القادمة هو الخروج بنسب نمو محترمة.

وأوضحت أن ضبط نسبة النمو المتوقعة يتم بناء على محركات النمو ومؤشرات اقتصادية تتمّ مناقشتها مع وزارة الاقتصاد والتخطيط، علاوة على تحيين منوال النمو لسنة 2024 وتحسن مؤشرات الإنتاج في القطاع الفلاحي خاصة في ميادين الحبوب وزيت الزيتون وتطور أداء قطاع الخدمات وخاصة مردود القطاع السياحي وتطور إنتاج قطاعي الفسفاط والمحروقات وكذلك ارتفاع الطلب الخارجي.

وتعرّضت إلى عدد من المشاريع التي كانت موضوع مجالس وزارية وتم وضع خارطة لاستحثاثها، إضافة إلى رصد إجراءات لمراجعة نظام التراخيص وتعزيز تمويل المؤسسات الصغرى والمتوسطة من قبل القطاع البنكي ودفع الاستثمار في كل القطاعات.

وأكدت أن الوضع الاجتماعي والاقتصادي والسياسي ملائم للاستثمار، إضافة إلى الامتيازات الجبائية والمالية المحفزة، مشيرة إلى السعي الى تقليص العراقيل على غرار التراخيص الإدارية وتحسين البنية التحتية وتوفر اليد العاملة والقطع مع التشريعات التي تعرقل الاستثمار.

وبخصوص القطاع الموازي بيّنت أن أرقام المعهد الوطني للإحصاء تشير إلى أنه يمثل 27 بالمائة من الناتج الداخلي الخام، مشيرة إلى وجود لجنة قيادة برئاسة وزارة المالية قصد تعزيز دمج القطاع الموازي ضمن القطاع المنظم، مؤكّدة أن الناشطين في هذا القطاع معنيين بآداء الواجب الجبائي.

ولاحظت أنه تم استقطاب الناشطين في العمل الحرّ وصناع المحتوى قصد توسيع القاعدة الجبائية وهو ما ساهم في تحسن الموارد الجبائية.

وبخصوص إجراءات حلحلة المشاريع العمومية الكبرى المعطلة، أشارت إلى أنه تم في الأيام الفارطة نشر أمر يضبط صيغ وإجراءات خاصة لإنجاز المشاريع العمومية وتسريع إنجاز المشاريع المعطلة.

وبيّنت وزيرة الماليّة أن الإجراء المتعلق بمراجعة الضريبة على الدخل تم اتخاذه على أسس علمية بالاعتماد على 80 فرضية وهو من أهم الإصلاحات باعتباره ذو طابع أفقي ويمس جميع الشرائح وله تأثير كبير.