أجمع أطباء وقضاة ومحامون وأكاديميون، خلال مشاركتهم أمس السبت، في اليوم الأوّل للطب الشرعي بالوسط حول “القانون الجديد المتعلق بحقوق المنتفعين بالخدمات الصحية والمسؤولية الطبية” على أنّ القانون عدد32 لسنة 2024 المتعلق بحقوق المنتفعين بالخدمات الصحية والمسؤولية الطبية فيه عدّة نقاط إيجابية غير أنّه يحتوي على “فصول غير واضحة”.
واعتبر المتدخلون خلال هذا اللقاء الذي نظمه قسم الطب الشرعي بالمستشفى الجامعي فطومة بورقيبة بالمنستير بالتعاون مع أقسام الطب الشرعي بعدّة ولايات، أن القانون المتعلق بحقوق المنتفعين بالخدمات الصحية والمسؤولية الطبية فيه “بعض الفصول غير الواضحة أو التي لم تستجب لتطلعات الأطباء”، مطالبين بتعديلها في النصوص الترتيبية.

وأوضح رئيس قسم الطب الشرعي بالمستشفى الجامعي فطومة بورقيبة بالمنستير، نضال حاج سالم في تصريح لوكالة تونس أفريقيا للأبناء أنّه بحلول 20 ديسمبر تنتهي الآجال القانونية لإصدار الأوامر والنصوص الترتيبية لتطبيق القانون 32 لسنة 2024 والتي حددها خاصة في ما يتعلق بالنموذج الذي سيوجه إلى الذين سيتمتعون بالخدمات الصحية، والموافقة على الخدمات الصحية، وتراتيب حساب النقطة في التعويض وقيمتها، وهل هناك جدول على غرار حوادث المرور إلى جانب الأوامر الترتيبية الخاصة بإحداث لجنة جهوية للتسوية الرضائية والتعويض التي يقع عبرها التعويض الرضائي بدون اللجوء إلى المحكمة.
وسيكون لهذه اللجنة الجهوية عدّة مهام منها المتعلقة بالخبراء الذين يقومون بالاختبار الطبي وآجاله والتي لابّد من تحديدها في أوامر ترتيبية، وفق حاج سالم معبرا عن الأمل في أن تستأنس سلطة الإشراف بمقترحاتهم في إصدار النصوص الترتيبية.

واعتبر رئيس قسم الطب الشرعي بمستشفي شارل نيكول، رئيس المجلس الجهوي لعمادة الأطباء بتونس محمّد علوش أنّ الباب الثاني من القانون 32 لسنة 2024 أتى على كل الجوانب بالنسبة إلى حقوق وواجبات المنتفعين بالخدمات الصحية إذ من المهم أن يفهم المريض نوعية مرضه ويقع إعلامه بلغة مبسطة ويبدي رضاه، فمن شأن ذلك المساعدة في نجاح العلاج.
وبيّن أنّهم اقترحوا في المشروع الذي قدموه بتاريخ 16 مارس 2018 فصلا حول مسار التسوية الرضائية ووقع حذف فقرة منه متعلقة بانتفاء الدعوى العمومية عند إبرام الصلح في الباب الثالث حول المسؤولية الطبية، دون معرفة دواعي ذلك.
وأضاف إنّ وضع التعفنات على كاهل الطبيب بمفرده (الفصل 26) غير معقولة وحتى في القانون المقارن غير موجودة لأنّ التعفنات المرتبطة بالعلاج هي خطأ مرفقي.
وأوضح أن أساس المسؤولية الطبية في فقه القضاء في العالم هو الخطأ غير أنّه وقع تغيير ذلك في الفصل 23 من القانون 32 اعتبار الضرر هو أساس المسؤولية الطبية، في حين يمكن أن يكون هناك ضرر بدون أي خطأ طبي، وفق تصريحه.
وأكد مساعد وكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية سوسة 1 وسام الشريف أنّ القانون 32 لسنة 2024 مهم وفيه العديد من التعديلات المهمة، قائلا إن هذا القانون غيّر عديد الإجراءات التي سيطرح تطبيقها إشكاليات مختلفة في انتظار أن يقع في النصوص الترتيبية والمناشير التي ستصدر تباعا بموجب هذا القانون تعديل هذه الإشكاليات”.
واعتبر رئيس اللجنة العلمية بالفرع الجهوي للمحامين بالمنستير عبد السلام بسباس أنّ القانون 32 لسنة 2024 حقق معادلة بين حقوق المرضى والمسؤولية الطبية إذ كرس العديد من الحقوق الإنسانية للمرضي كالحق في الإعلام وعدم التمييز واحترام الكرامة الإنسانية.
كما كرس المسؤولية الموضوعية أي أن يقع التعويض آليا عن الأضرار المترتبة عن التعفنات الطبية وعن الطارئ الطبي وعن المعدات والوسائل المستعملة خلال إسداء الخدمات الصحية.
وأشار إلى أنه وقع الفصل بين الخطأ التقني العادي والخطأ المهني والخطأ الجسيم ولا يمكن حسب هذا القانون إثارة التتبعات الجزائية إلاّ في حالة الخطأ الجسيم والاختبار الطبي هو الذي سيحدد ذلك.
وقال عبد السلام بسباس إنّ النصوص التطبيقية لم تصدر بعد لبيان مقاييس التعويض وطبيعة التأمين وماذا ستؤمن شركات التأمين، ولم تحدد بعد نقطة العجز ومقاييس التعويض.
ومن جهته ذكر كاتب عام النقابة العامة للأطباء والصيادلة وأطباء الأسنان الإستشفائيين الجامعيين محمّد عدنان حنشي بتكوين لجنة تشاركية عملت منذ سنوات من أجل إصدار قانون حول المسؤولية الطبية وكان من أهم ما توصلت إليه إحداث صندوق للتعويض غير أنّه وقع في القانون 32 لسنة 2024 إلغاء الصندوق ووضع شركات تأمين.
وأوضح أنّ من النقاط الإيجابية في هذا القانون هو التوازن بين ما تفرضه المعطيات العلمية والإمكانيات المتاحة وبالتالي هناك ضمان لاحترام حقوق مهني الصحة.